تأليف : ساندرا بيرلمان
ترجمة : د. محمد عبدالحليم غنيم
الشخصيات :
1 – كورنيليا لامب : امرأة من طائفة الأصدقاء تشرف على ملجأ الأصدقاء .
2 – إدوين فورست : ممثل صاعد متخصص فى أدوار شخصيات شكسبير .
3 – بنيامين لامب : والد كورنيليا الذى يعتقد أنه الملك لير .
الوقت : ربيع و صيف وشتاء 1827م
المكان : مسرح شارع وولنات / ملجأ الاصدقاء / فلاديفيا / مسرح بورى ، مدينة نيويورك .
المسرحية فى فصلين وسبعة مشاهد .
الفصـل الأول
المشهد الأول : ( مسرح شارع والفوت )
يقف إدوين فورست فوق خشبة المسرح الخالية . نسخة مجلدة لمسرحية شكسبير الملك لير ، موضوعة بشكل ظاهر على حامل . إنه كتاب فورست الملهم . وإنه –أى- إدوين فورست فى الحادية والعشرين ، لكنه مغرور . مقطوع لخشبة المسرح . يرتدى روب الملك لير وبشكل مسرحى جداً ، يسوى الريش ويبتهج فى كل حركة له ، ويشبه صوته كثيرا صوت الملك لير )
إدوين : ( يقوم بأداء الفصل ا الرابع للملك لير ، المشهد السابع )
أرجوكم ألا تسخروا منى .
إن إنا إلا شيخ عجوز مأفون خرف ،
( وقفة )
أرجوكم لا تسخروا منى .
أوه . هنا الآن يا إدوين . هل من جديد .
أرجوكم .
( وقفة )
لا تسخروا منى .
إن أنا إلا شيخ مأفون أحمق . لا . لا .
( ينطق بوضوح كل لفظ )
إن أنا إلا شيخ مأفون أحمق . آه ثمانون و أكثر …
( هناك صوت خرفشة فى الظلام . يتوقف إدوين . يبرز إلى الجمهور )
مرحباً ؟
( يعود إلى البروفة )
ثمانون و اكثر … لا ساعة أكثر أو أقل .
لأقُلها بوضوح .
أخشى ألا أكون فى كامل قواى العقلية .
( منزعجاً من أدائه التمثيلى )
لا . لا . لا . لا . لا !
( بصوت عال وبشكل حاسم )
ولأقل بوضوح .
أخشى أننى لست فى كامل قواى العقلية .
( ضجة عالية فى عمق خشبة المسرح )
ما الذى هناك بحق الجحيم ؟
( صمت . عائداً إلى البروفة )
أخشى أن أكون فقدت عقلى .
كورنيليا : مرحباً ؟
إدوين : مرحباً !
كورنيليا : اغفر لى ، رجاء …
إدوين : انزلى إلى هنا حيث يمكن لى أن أراك …
كورنيليا : آسفة . لم أكن أقصد أن أزعجك …
إدوين : … لقد أنجزت بالفعل ذلك العمل الفذ …
( تقف كورنيليا أمامه . يظن أدوين لسوء الفهم إنها الصحفية المتوقع أن تجرى معه مقابلة صحفية)
أوه ، سيدتى العزيزة ، مرحباً .
( ينحنى باحترام وبشكل مسرحى )
كورنيليا : أبحث عن السيد فورست .
إدوين : ( بتهكم ) بالطبع ها أنت ، هذا أنا . و الآن علينا أن نبدأ فى ذلك .
كورنيليا : آسفة ، هل أتحدث إلى السيد أدوين فورست ؟ الممثل الشكسبيرى ؟
إدوين : نعم . نعم . نعم . أنا السيد أدوين فورست .
كورنيليا : أنت تستعد لتمثيل دور الملك لير
إدوين : ( بسخط ) بالضبط ! أليس ذلك هو سبب وجودك هنا ؟
كورنيليا : كيف أمكنك أن تعرف ذلك ؟
إدوين : تذكرى ، أنا أدورين فورست ، السبب فى وجودك هنا . فى هذه اللحظة . أنا متشوق جداً للحديث معك .
( يقبل يديها )
كورنيليا : أنا عاجزة عن الكلام .
إدوين : جيد ، لست فى حاجة أن تتحدثى بكلمة قبل أن تكونى جاهزة بالطبع. الآن اجلسى .
( تقف كورنيليا متجمدة بينما يحضر لها إدوين مقعداً )
تقضلى .
كورنيليا : هنا ؟
إدوين : بالطبع .
كورنيليا : على خشبة المسرح ؟
إدوين : نعم . نعم . نعم ، رجاء ، اجلسى هنا على مقعدى .
كورنيليا : أنا راضية تماماً بالوقوف .
إدوين : يمكن أن أؤكد لك أن هذا مريح تماما . مقعد الملك لا شيء فيه ، لكنه بالتأكيد سيكون مناسباً حقاً لسيدةً .
كورنيليا : لا أقصد أن أسبب لكم أى إزعاج …
إدوين : … إزعاج . لا ، مطلقاً . إنه لشرف لى أن أتحدث عن عملى وخاصة عن نفسى .
كورنيليا : حسناً … هذا سخاء كبير منكم يا سيد …
إدوين : رجاء نادينى إدوين .
كورنيليا : إدوين .
إدوين : ما هو بالضبط الذى تريدين أن تعرفينه عنى يا آنسة …
كورنيليا : لامب .
إدوين : لامب ، لذيذ …
كورنيليا : كورنيليا لامب .
إدوين : أوه ، كم هو بهيج .
كورنيليا : فى الواقع . لقد جئت هنا لكى أتحدث إليك عن أبى .
إدوين : حقيقة ؟
كورنيليا : بينجامين لامب .
إدوين : هل تشرفت بمعرفته ؟
كورنيليا : لا أعتقد أنك التقيت به قبلاً . لكن ذلك ما آمله .
إدوين : هل هو معجب بشغلى ؟
كورنيليا : هو معلم فى المدرسة . كان معلماً فى المدرسة .
إدوين : رجل التعليم يعد أفضل الجماهير .
كورنيليا : كان مدير مدرسة فى مدرسة جمعية أصدقاء المسيح ، ودرس شكسبير لتلاميذنا الصغار لعدة سنوات .
إدوين : أوه . سيدتى العزيزة . رجاء . لا مزيد من القول . سيكون من الشرف لى حضور كل منكما أنت ووالدك ليلة الافتتاح لمسرحية الملك لير على خشبة مسرح نيويورك . وعلى حسابى بالتأكيد .
كورنيليا : هذا سخاء كبير، لكن …
إدوين : رجاء ، بدون شكر . إنه أقل ما أستطيع أن أعمله . سأكتب خطاباً على الفور لكى أضمن لك ولوالدك أفضل مقعدين وسط المشاهدين . اسمك مرة أخرى ؟
كورنيليا : فى الواقع يا سيد فورست ليس هذا ضرورياً .
إدوين : قلت أن تلك التذاكر ربما يكون من الصعب جداً الحصول عليها .
كورنيليا : والدى لا يريد أن يذهب إلى المسرح لرؤية مسرحيتك الملك لير .
إدوين : ولم لا ؟
كورنيليا : لأنه يعتقد أنه هو نفسه الملك لير .
إدوين : ( يضحك من جديتها )
أوه يا للذكاء . أحب هذا الإحساس الجيد بالفكاهة .
كورنيليا : أتمنى أن يكون الامر على عكس ذلك ، لكنها الحقيقة .
إدوين : حسناً سيدة …
كورنيليا : لامب .
إدوين : سيدة لامب . نتخيل دائماً أنفسنا شخصاً آخر فى بعض الأحيان ، أليس كذلك ؟
كورنيليا : لا أعتقد أنك فهمت.
إدوين : عندما كنت صغيراً جداً تخيلت أننى روميو وسعيت طوال اليوم أبحث عن جوليت المثالية . وقبل عدة أسابيع قليلة، عندما كنت أجرى بعض البروفات فى ملجأ ستلويل من أجل المجانين جنائيا ، قابلت اثنين : اثنان جورج واشنطن و المسيح فى نفس اليوم .
كورنيليا : هل يذهب معظم الممثلون إلى الملاجئ .
إدوين : أنا لست معظم الممثلين .
كورنيليا : لكنك ذهبت إلى ستلويل ؟
إدوين : آمل ألا يؤثر ذلك فى شئ على قيامى بأدوارى فوق خشبة المسرح عادة . كانت تجربة ملجأ ستلويل … مثيرة .
كورنيليا : هل اكتشفت ما كنت تبحث عنه ؟
إدوين : لقد كنت هناك ببساطة لكى ألاجظ الجنون عند أولئك المحبوسين .
كورنيليا : وهكذا ذهبت إلى الملجأ من أجل عملك ؟
إدوين : بالطبع . كل شيء أعمله يتعلق بعملى ، يا آنسة ؟ قلت ماذا كان اسمك ؟
كورنيليا : كورنيليا لامب .
إدوين : سيدة لامب ، صدقينى ، ليس ملجأ ستلويل لضعاف القلب .
كورنيليا : و ماذا درست عن الجنون يا سيد فورست ؟
إدوين : درست أن … لماذا لا تأخذين أى ملاحظات يا سيدة لامب ؟
كورنيليا : ملاحظات ؟
إدوين : تسجلين ما أقوله .
كورنيليا : تماما لماذا ينبغى أن أسجل ما تقوله ؟
إدوين : لكى تتذكرى كل كلمة لى ، بالطبع . بالتأكيد يستحق قراء جريدة فلاديفيا على الأقل حقيقة ما أقول بالضبط – أنا إدوين فورست – عن التمثيل و الجنون والملك لير … على المرء أن يكون دقيقاً .
كورنيليا : كل كلمة ؟
إدوين : (بتسامح ) ألا ينبغى أن نتفق أن مسئوليتنا الأولى هن أن نقدم لجمهورنا ما يريدون ؟ و هم يريدون الحقيقة .
كورنيليا : لنقل الحقيقة يا سيد فورست ، لا يمكنى أن أقول أننى أصدق أن المحاكاة الساخرة لألم المجنون على المسرح من قبل أى شخص عمل مسئول جداً .
إدوين : أنا لا أحاكى .
كورنيليا : أياً كان ما تختاره لتسمية ذلك .ليس ذلك ألماً حقيقياً …
إدوين : أنا أسميه تمثيلا ، و صدق مهنتى سيظهر لك عندما تشاهدينى وأنا أتحول إلى شخصية الملك لير كما لو كان لم يره مطلقاً على خشبة المسرح من قبل . أنت لا تكتبى أيا من هذا.
كورنيليا : لا .
إدوين : ( متوقفاً كما لو كان قد عثر على نكتة ) أوه . أنت ماهرة . تلعبين دور الخجول معى يا سيدة لامب . تحاولين أن تمسكى بالملك لير من خلال عدة اقتباسات مثيرة لصحيفتك . أعرف أننى كنت على عجلة عندما قالوا لى أنهم أرسلوا لى الصحفية الأولى .
كورنيليا : أنا لست صحفية .
إدوين : ألم تكتبى للصحيفة ؟
كورنيليا : أنا حتى لا أقرأها .
إدوين : إذن السب فى حضورك إلى هنا أن تعطلى بروفتى فى قناع شخص آخر .
كورنيليا : لم أقل أبداً أننى كنت شخصا آخر يا سيد فورست . أنت الذى قلت .
إدوين : ( فى شخصية الملك لير تماماً )
اسمعى أيتها الطبيعة ، اسمعنى يا إلهى العزيز ، اسمع .
أوقف غرضك … لربما تشعر .
إدوين : ( مواصلاً ) . لكم هو أكثر حدة من أسنان الأفعى أن يكون لك طفل ناكر للجميل ، ابعدى ، ابعدى .
( لا تتحرك كورنيليا )
ما تريدين أكثر من ذلك منى ؟ حُلىً ؟ بعض الهدايا التذكارية ؟ لو أن ذلك يرضيك خذي هذا .
( يمسك إدوين بصورة لنفسه لكن كورنيليا لا تتحرك )
أنا قلت أن هذا الوضع أشبه جدا بالنسبة لى بهاملت . بعض النساء تقف فى طابور طويل للحصول على تلك الهدايا التذكارية . لكنك ربما تأخذين الهدية وتمضين .
( لا تتحرك كورنيليا )
ما هذا ؟ هل تريدين المزيد ؟ خصلة من شعرى . ربما . لكن لا . لا أريد أن أقصه . حتى لو كان ذلك من أجلك ، لأننى لو أعطيت كل دخيل يريد شعرة من رأسى سأكون أصلع من الشاعربراد نفسه.
كورنيليا : أنا فى الواقع لا أريد خصلة من شعرك أو صورتك .
إدوين : ( يقاطعها بصوت عال )
لا تقحم نفسك بين التنين وغضبه !
أحببتها أكثر من غيرها ، وقلت أجازف بكل ما عندى فى سبيل رقيق عنايتها ، عنى بك ، ومن الآن تجنب نظراتى .
( يغطى إدوين عينيه ، ثم ينظر ليرى إذا كانت كورنيليا ما تزال واقفة )
.. تجنب نظرتى ! تجنب … ما رأيك فى تمثيلى لدور الملك لير ؟
كورنيليا : لا أود أن أقول أن الملك لير الذى سمعته هو الملك لير الذى كنت أتخيله .
إدوين : أوه ، حقاً ، الآن أنت ناقدة أيضاً . هل لى أن أسألك حقاً من تظنينه الأفضل لتمثيله ؟
كورنيليا : لا أستطيع الإجابة .
إدوين : آه ، نعم ، وجهة نرى بالضبط ، لأنك لن ترى أبداً ملك لير آخر مثلى .
كورنيليا : لأننى لم أر أبداً أى أحد قد مثل دور الملك لير .
إدوين : أى أحد ؟
كورنيليا : ديانة طائفة الأصدقاء لا تشجع أبداً المسرح بوصفه تسلية .
إدوين : بعون الله تعالى ، مسرحنا ليس للتسلية . نحن نحضر الجمهور لكى يبكى دموعاً حقيقية .
كورنيليا : تحضر الناس لكى يبكوا من أجل شخصيات غير واقعية بينما الآلام الواقعية تحيط بهم . . ليس ذلك حقيقة .
إدوين : بالطبع معاناتنا حقيقية , أعانى كواحد من شخصياتى . وذلك هو الفن ، يا سيدتى . ما قولك فى ذلك ؟
كورنيليا : أقول الجنون هو أكثر من مجرد الكلام بصوت عال .
( تشرع فى الانصراف )
إدوين : هل قطعت حقاً كل هذا الطريق وفى منتصف اليوم لكى تخبرينى كيف ألعب
دور الملك لير ؟
كورنيليا : لا . أتيت هنا لكى أحدثك عن والدى . بنيامين لامب . الذى هو الملك لير الكامل.
إدوين : أظن أنك قلت أن أباك كان معلماً .
كورنيليا : حتى ثلاثة أشهر سابقة كان معلماً ، ومدير المدرسة . وعالم كثير الاحترام فى مجتمع جمعية الأصدقاء . ثم سقطت أمى مريضة ، ونسخة من مسرحية الملك لير على السرير بجانبها وهى ما تزال مفتوحة ، ولم تكتمل قرائتها عندما سقطت على الأرض ميتة .
إدوين : أنا آسف جداً لمأساتك الخاصة ، لكن ما علاقة هذا بى ؟
كورنيليا : كسرت حرية أبى.
إدوين : لكن ، سيدة …
كورنيليا : ( مقاطعة ) رجاء ، اسمح لى أن أنتهى .
( وقفة )
كان ابى يعلن دائما أن حب أمى الكبير له ولجمعية الأصدقاء هو الذى جعل منه رجلا صالحا بعيدا عن الغضب المتسروع لشاب صغير . أنقذته من حياة البؤس والحزن ، وبدونها بدا ضائعا . كسرت روحه بقدرما كسرت العمود الفقرى لمعشوقها شكسبير . هذه الكلمات الأخيرة التى كانت تقرأها صارت أكثر حياة بالنسبة له أكثر من أى شىء آخر حاولنا أن نقوله . هؤلاء الناس فى تلك المسرحية صاروا عائلته ، أكثر من عائلته باللحم والدم مما نتخيل . وكان هو الملك، لكن من كنت أنا ؟! ( وقفة ) اليوم يقضى أبى أيامه فى كتابة الكلمات من تلك المسرحية على جدران ملجئه ، وفى لياليه لا يتحدث الى أحد سوى العائلة التى فى ذلك الكتاب , إنهم عالمه الآن , و نحن ببساطة مجرد غرباء نكافح من أجل إبقائه على قيد الحياة.
إدوين : لكن بالتأكيد أنت …
كورنيليا : ( فجأة تستولى على نسخة إدوين ) هل تعرف حقاً كل كلمة فى هذه المسرحية يا سيد فورست ؟
إدوين : بالطبع أعرف يا سيدة لامب. تلك هى وظيفتى وأنا أقوم بوظيفتى على الوجه الأكمل .
كورنيليا : إذن لو حضرت معى إلى ملجأ الأصدقاء ، أيمكن أن تتحدث إلى بنيامين أينما كان ؟
إدوين : مهاراتى فى فن التمثيل . أبوك مهارته فى الملجأ .
كورنيليا : أبى موجود فى هذه المسرحية .
إدوين : أنت قلت أنه كان عالماً .
كورنيليا : لقد حلق الجنون بالرجل بعيداً . ولم يترك له سوى الملك لير كاملا مكانه . أنا فى الواقع فى الواقع عاجزة . لكن أنت لا .
إدوين : أكملى . أكملى يا سيدة لامب . لير الكامل ؟ بالطبع أنت لا تعنين ذلك .
كورنيليا : سيارتى معى فى الخارج . تعال معى . يمكنك أن تحكم على أدائه بنفسك .
إدوين : أنا آسف لضياعك .
كورنيليا : يمكنك أن تعيده إلىً .
إدوين : سأفتح المسرحية فى مسرح باورى فى نيويورك فى غضون شهر .
كورنيليا : ( تحفزه ) ستكون وجهاً لوجه مع الملك لير . الكلمات على جدرانه ، لير فى كل جزء من روحه .
إدوين : ليس هناك موانع بينك وبين النزلاء .
كورنيليا : ليس هناك نزلاء فى مصحة الأصدقاء .
إدوين : هل أنت ممن لا يخافون أم ببساطة حمقاء ؟
كورنيليا : لا يعتقد أفراد جمعية إخوان المسيح أن أحبابنا مجرمون ، لكن الأرواح تنتظر أن تصبح جميعاً من جديد .
إدوين : وأنت ؟
كورنيليا : من واجبنا أن نوفر لهم مكاناً لإنجاز ذلك التغير من أجل أن يكونوا ربما مع الرب من جديد .
إدوين : هل تتوسلين من أجل كل مرضاك بنفس العاطفة ؟
كورنيليا : بالتأكيد يجب أن تؤمن أن الواجب الأخلاقى لكل شخص هو خدمة الرب تكون بمساعدة شخص آخر .
إدوين : أنا أخدم الرب باستخدام موهبتى على خشبة المسرح .
كورنيليا : لا شك أن فقد واحد من تلك الأرواح ربما يُظهر أنه ما زال هناك ضوء من الله داخلهم فى انتظار أن يلمس . يمكنك أن تكون ذلك الرجل .
إدوين : أنا أهذب بالناس بكلماتى .
كورنيليا : إنه فقط يبعد عدة أميال عن هنا . أنت تعرف الكلمات ، يمكنك أن تتحدث إليه .
إدوين : مستحيل .
كورنيليا : يمكنك أن تخرجه من ظلامه .
إدوين : نحن غريبان.
كورنيليا : لا . ذلك الكتاب يجعله صديقك . و ربما صديقه الوحيد .
إدوين : لكن بالتأكيد سيدة لامب …
كورنيليا : لأجل اسم الله يا رجل ، أليس لديك رحمة ؟
إدوين : لقد قضيت أكثر من نصف عمرى أعرض الشفقة لجمهورى . منحنى الله جائزة لهم وهى أدائى المسرحى . أعطيت كل ما أملك .. كل شيء ، أنا .. كل شيء أفعله من أجلهم . أنا لا شيء بدون الجمهور . وإذا قمت بعملى على أكمل وجه ، منحونى هم تصفيقهم .
كورنيليا : حسنا ، لن أكون واحدة منهم .
إدوين : لم يسبق لك أبدا أن شاهدتينى أؤدى .
كورنيليا : وأنت لم تر أبدا والدى .
إدوين : لا أستطيع أن آتى معك .
كورنيليا : لسوف لن تأتى هو ما تقصده .
إدوين : مات أبى بمرض السل عندما كنت فقط صبيا فى الثالثة عشرة ، رأيته وهو يلفظ نفسه الأخير . أمسكت بيده . لم أكن خائفا من الموت عندئذ ولست خائفا منه الآن .
كورنيليا : أبى لم يمت بعد يا سيد فورست .
إدوين : على غير ما ترين ، لا أصدق أن الجنون حياة .
( يحمل حقيبته ويبدأ فى الخروج )
كورنيليا : ربما لا تخاف الموت ، لكنى أصدق أنك اخترت ألا ترى شخصا هو حقا من تحلم بوجوده .
إدوين : وماذا بعد أسوأ من الموت يا سيدة لامب ؟
كورنيليا : الفشل يا سيد فورست . أنا آسفة لمقاطعة بروفتك .
( تستدير كورنيليا ، تبدأ فى الخروج . يعود إدوين إلى الشخصية )
إدوين : لكان خيرا لك
لو لم تولدى من ألا تسرينى خيرا مما فعلت
أفضل.(2)
كورنيليا : أنت رجل مزعج .
إدوين : أرجوكم ألا تسخروا منى .
كورنيليا : لقد كنت مخطئة أن فكرت أنك تستطيع مساعدتى .
إدوين : إن أنا إلا شيخ عجوز مأفون خرف .
كورنيليا : لم أكن أبدا أرى فائدة كبيرة من مسرحك المتحذلق والآن فهمت السبب .
إدوين : ولأقولها بوضوح …..
كورنيليا : فى الواقع كل ذلك من أجل لا شيء .
( تدخل كورنيليا فى الظلام ، وتترك إدوين الذى يقف وحده فوق خشبة المسرح )
إدوين : ( صائحا ) أخشى ألا أكون فى كامل قواى العقلية .
( نهاية المشهد )
المشهد الثانى حجرة الانتظار فى ” ملجأ الأصدقاء ” خارج مدينة فيلادلفيا..
” بعد ثلاثة أيام . يجلس إدوين بشكل تراجيدى على الأريكة فى عباءته المسرحية وقبعته . تدخل كورنيليا وتمر به فى طريقها إلى مكان آخر وهى مشغولة جدا ”
إدوين : ( ناهضاً كى يحييها ) سيدة لامب .
كورنيليا : لحظة من فضلك .
إدوين : سيدة كورنيليا لامب ؟
كورنيليا : ( متطلعة إليه فى ذهول ) السيد فورست ؟
إدوين : نعم . إنه أنا .
كورنيليا : لحظة إذن .
( تتركه واقفاً فى عجز حتى تعود بعد عدة دقائق عندما يواصل ما قد تركه )
إدوين : إنه لجيد جداً أن أراك من جديد .
كورنيليا : ماذا تفعل هنا ؟
إدوين : أليس ذلك واضح .
كورنيليا : لا .
إدوين : أنا هنا من أجل رؤية والدك .
كورنيليا : لا أعتقد ذلك .
( تبدأ فى المغادرة )
إدوين : كما طلبت .
( تمشى كورنيليا خارجة – و يُسمع إعطاء أوامر من قبلها لشخص ما . ينتظر إدوين .. حتى تعود )
إدوين : سيدة لامب . رجاء . توقفى وتحدثى إلىً .
كورنيليا : نعم .
إدوين : أنا هنا .
كورنيليا : لست عمياء .
إدوين : هل تغير شيء منذ آخر حديث ؟
كورنيليا : عقلى . ( تبدأ فى المشى ) فيليب ، تأكد من انتقال تلك البياضات …
إدوين : لقد أتيت لرؤية والدك . هل ما زال حيا ؟
كورنيليا : ” ليس الجنون حياة “. من اقتباسات الممثل الشكسبيرى العظيم إدوين فورست .
إدوين : لكنه مازال حياً ؟
كورنيليا : نعم هو حى .
إدوين : إذن خذينى إليه .
كورنيليا : لا .
إدوين : لا يمكنك حقاً أن تقولى لا يا سيدة لامب .
كورنيليا : إذن سأقول . ” ليس ممكناً يا سيد فورست ” .
إدوين : أنا آسف إذا كنت شككت فى قدرتى فى آخر لقاء لنا .
كورنيليا : أنت طردتنى .
إدوين : لقد ظننتك شخصا آخر .
كورنيليا : شهرت بعملنا .
إدوين : أسأت الفهم .
كورنيليا : عبت على علاجنا .
إدوين : لم أكن أعرف كيف أستطيع المساهمة بأى شيء لحالته ؟
كورنيليا : حالته ؟
إدوين : مرضه .
كورنيليا : الجنون ، ذلك ما تسميه أنت.
إدوين : أنت صريحة جداً .
كورنيليا : سأعتبر ذلك مجاملة .
إدوين : ذلك حقيقة .
كورنيليا : لا . جنونه هو الحقيقة . حياته هى الحقيقة . عمله هو الحقيقة . لكن أياً من ذلك قد تغير منذ ثلاثة أيام عندما سألتك أن تأتى له وإجابتك كانت لا .
إدوين : ( بلطف ) الحقيقة يا سيدة لامب أننى قد أعدت النظر فى قرارى .
كورنيليا : أبهذه الطريقة ؟
إدوين : ( يتحدث الممثل بعظمة وفخامة ) الزمن يغير كل شيء ، حتى قلوب البشر .
كورنيليا : حقاً .
إدوين : ( كورنيليا بدون حراك ) بالتأكيد ” الكويكرز” (3) متسامحون ؟
( وقفة )
كورنيليا : بالطبع نحن نعلم فضيلة التسامح من أجل كل مخلوقات الله .
إدوين : حتى الممثلين ؟
كورنيليا : الله يتحرك بأساليب خفية .
إدوين : إذن الجميع مغفور له .
كورنيليا : لماذا أنت هنا ؟
إدوين : لقد رأيت رجالا كبار السن فى الحديقة و أنا قادم إلى هنا . لقد تساءلت إذا ما كان والدك واحدا منهم ؟
كورنيليا : اسمه بنيامين .
إدوين : هل بنيامين واحد من هؤلاء الرجال ؟
كورنيليا : لا .
إدوين : عندماً تأتين إلى المسرح ستكون متحرقةً تماماً لكى أساعد والدك كما أتذكر فى آخر لقاء لنا . أنت بالتحديد طلبت منى أن آتى إلى هنا .
كورنيليا : الزمن يغير كل الأشياء يا سيد فورست . هذا قولك بالضبط .
إدوين : ( بلطف ) رجاء ، لقد أردت فقط أن أعرف إذا كان والدك حيا و مازال يعتقد أنه الملك لير ؟ هل هو واحد من هؤلاء الرجال فى الحديقة ؟
كورنيليا : هو حى ، ومازال يعتقد أنه الملك لير . لكنه ليس واحدا من هؤلاء الرجال .
إدوين : إذن . ربما يمكنى أن أقدم بعض الخدمات .
كورنيليا : لقد ذهبت بنفسك إلى ملجأ ستيلويل(4) لكى تصبح لير الكامل و أنا منحتك الفرصة لكى تحقق طموحك . أنت قلت لا ، لكننى مازلت هنا وكذلك هو . لقد كان مطلباً صغيراً منى فى مقابل مكافأة كبيرة لك … و كان سلوكك شنيعاً .
إدوين : أعتذر يا سيدة لامب .
كورنيليا : هل هذا سلوك معتاد ؟
إدوين : أعترف أننى كنت فظاً معك .
كورنيليا : نعم .
إدوين : لربما وقح حتى.
كورنيليا : موافقة .
إدوين : لكن الحقيقة أننى كنت أن أنك شخص آخر .
كورنيليا : هل هو ذلك المحرر الذى يعمل لحياتك المهنية أفضل منى ؟
إدوين : ( يحاول إدوين إرضاء كورنيليا التى تبقى بلا حركة ) أنا نادم . ( وقفة ) حقيقة .
( وقفة ) مرتبك . ( وقفة ) تماماً . ( دقة ) أوه . من أجل حب الله ، هل يمكن أن أحبو على قدميك ؟ أمزق ملابسى ؟ أتوسل المغفرة وأنا أجثو على ركبيتى . ماذا تريدين منى أن أقول ؟
كورنيليا : استمر.
إدوين : لست معتاداً أن تقاطع النساء بروفتى ويطلبن منى أن أدع كل شيء و أتبعهن إلى الملجأ ، لذلك ربما ألعب كل الشخصيات للأب الخيالى الملك لير لكى أعيده إلى عقله و ابنته التى قابلتها بالكاد دقائق من قبل . ومن أجل كلمة لا التى لم أقلها أبداً .
كورنيليا : هل هذا دليل ندمك ؟
إدوين : السيدة لامب ، رجاء . لقد بذلت جهدا عظيما جدا لكى أحضر كل هذا الطريق من فيلادفيا على نفقتي الخاصة ، والوقت -على أقل تقدير الذى يمكن أن تسمحى لي لمقابلته. (وقفة)
كورنيليا : لا !
إدوين : انا رجل ذو سمعة طيبة ، وإذا اخترت أن أدافع عن قضيتى أمام المشرف على هذا الملجأ فأنا متأكد أنه سيكون أكثر قبولا لطلبى منك .
كورنيليا : لا أعتقد ذلك .
إدوين : هذا هراء . أين مكتب المشرف ؟
( يجمع أشياءه لكى يغادر )
كورنيليا : أنا المشرف على ملجأ الأصدقاء يا سيد فورست ؟
( دقة )
هل أرسل لحضور عربتك ؟
إدوين : لم تشيرى أبداً إلى أنك تديرى الملجأ ؟
كورنيليا : أنت لم تسأل أبداً . ما إن اكتشفت أننى لم أكن المحررة القادمة من الصحيفة ولكن امرأة غريبة غير معجبة بعملك … لم تهتم بى مطلقاً. وتلك هى الحقيقة .
إدوين : ( متنازلاً )
أستطيع بشرف أن أعلن أنك لست امرأة عادية .
كورنيليا : أنت طردتنى .
إدوين : لقد اسأت إلى مهنتى .
كورنيليا : ومع ذلك أنت هنا .
( دقة )
إدوين : لقد كنت محقة جدا فى غضبك منى .
كورنيليا : لا أحتاج إلى تصريح منك بالغضب .
إدوين : أنت كويكر . ( أخت فى طائفة الأصدقاء )
كورنيليا : لا تستخف بالكلمة مطلقاً .
إدوين : يمكن أن يتفق كلانا على أن علاقتنا لم تبدأ بشكل جيد ، لكن بالتأكيد سيمنح أصدقاؤك حتى أوقح ممثل فرصة أخرى ؟
كورنيليا : عندما سمعت لأول مرة أن هناك ممثل شكسبيرى يدعى أدوين فورست و الذى يريد الذهاب إلى سجن ستلويل لمشاهدة المجانين جنائياً ، صار لدى فضول . أعترف أننى لا أعرف شيئاً عن تاريخك فوق خشبة المسرح ، أنا لا أعرف شيئاً عن المسرح مطلقاً . لكنى تربيت على حب عميق و دائم لشكسبير . و كل ما قيل لى عن هذا الممثل فورست أكد لى أنه واحد من أفضل الممثلين فى زماننا . ربما فى أى عصر . كنت فضولية ويائسة . أعترف أننى عندما أتيت لرؤيتك فى المسرح ، لم أكن متأكدة تماماً إذا كان يمكن لك أن تساعدنى – حتى أكدت لى أنك تعرف كل كلمة فى المسرحية . عندئذ عاد لى الأمل لأول مرة . منذ مرضه اعتقدت أنه يمكنك أن تجيب على كلمات بنيامين بالكلمات التى يبدو أنه يفهمها . يمكنك أن تدخل إلى عالمه حيث يبدو وحيدا جداً بشكل مريع ، ذلك عندما سمحت لنفسى أن أتأمل فى موهبتك – و إنسانيتك – ربما تعيد أبى إلى نفسه . لكن لا عليك ، ما الأسباب التى جعلتك تأتى إلى هنا . أنت قلت ” لا “. لذلك ينبغى أن أسالك الآن – ما الذى تغير ؟
إدوين : ( بلطف ) لدى أم وثلاث شقيقات جميعهن يعتمدن علىً . يطالب الغرباء فى صخب بقطعة صغيرة منى لكى يأخذوها عربونا معهم إلى البيت . لم يكتمل أبداً عملى .
( وقفة )
أعترف أننى كنت مندهشاً ومحبطاً فى ذات الوقت لأنك لا تعرفين شيئاً عن إدوين فورست ، و مع ذلك كنت هناك تسألينى أن أفعل شيئاً . حتى الممثل الأعظم فى العالم يمكن أن يصاب بالإحباط.
إدوين : ( يواصل ) ربما بدوت صعباً ، ربما لدرجة الوقاحة فى رفضى ، لكننى هنا و أنها لرغبتى الصدوق أن تسمحى لى بمقابلة الملك لير . لذلك يمكن أن يحضر ليتعرف كل منا الآخر . لو قدر لى أن أخدمه ، أعدك أننى سوف أعطيك الحقيقة .
كورنيليا : اليوم أصيب بنوبة مرعبة وهى الأسوأ و مع ذلك لا خطر منه على أحد إلا مع نفسه . لا أستطيع أن أكون مطمئنة تماماً لسلوكه . إنه يصرخ بالأوامر من السرير ، يكتب كل كلمات شكسبير على كل الحوائط باستمتاع مهووس . لا يأكل شيئاً ، لا يريد أن يغادر حجرته ويجيب : ” نعم . لا . نعم . لا . نعم . لا . “ عن أسئلة من لا أحد آخر لا يسمعه أحد سواه . أعلم أنه فى قلبه يتذكر أننى ابنته ، لكن ليس لدى أى فكرة عن الاسم يدعونى به فى رأسه. ( مقاطعة نفسها ) لماذا أنت هنا حقاً !!
إدوين : أنت امرأة حكيمة يا لامب . تعلمين أننى ربما كنت فضولياً عندما قلت لى ” لير الكامل” . أعتقدت أنه يمكن أن أحضر لكى أعرف ذلك بنفسى .
كورنيليا : ( أخيراً ) سوف آخذ زيارتك بوصفها رحمة وبركة من الله
إدوين : شكراً لك . يا الله . والآن أين يمكن أن أجده .
كورنيليا : إنه هناك .
إدوين : أمامنا .
كورنيليا : نعم . تلك هى غرفته .
( يبدأ إدوين فى التحرك بينما هناك صوت مخيف )
يجب أن تعرف أن أبى كان دائماً جنتلمان ، طاهر من الخيلاء والغرور . بقطع النظر عما تراه هناك . فأنا أعتقد بصدق أنه مازال جنتلمان .
( تشحب الأضواء )
المشهد الثالـث ( غرفة بنيامين فى الملجأ )
جدران غرفة بنيامين مغطاة بنصوص من مسرحية شكسبير الملك لير ، بعض العبارات ممسوحة و البعض ظاهر، إنها مكتوب بالطعام أو ربما حتى بالدم البشرى .
بنيامين بوصفه باحثاً سابقا ومعلم مدرسة وعموداً من أعمدة مجتمع جمعية الأصدقاء، والآن هو غارق فى الغضب و الغدر من الملك السابق . يرتدى قميص نوم رث قذر و ممزق و مهلهل مع صوت عواصف متخيلة .
إدوين مرعوب و يدرك على الفور أنه نزل بعمق فى المعمعة .
بنيامين مع شعوره بحضورهما يجلس منتصباً فى سريره .
ملاحظة : مع ذلك عندما يتكلم بنيامين بكلام الملك لير فإن الكلام يأتى سهلاً كأنه جاء من روح الملك لير الساكنة فيه .
بنيامين : ( الفصل الأول / المشهد الرابع من مسرحية الملك لير )
يا ظلاماً ، يا شياطين !
اسرجوا خيلى ، اجمعوا حاشيتى .
يا ابنة الحرام الحقيرة . لن أزعجك .
مازال لدى ابنة أخرى .
إدوين : يا إلهى العزيز …
كورنيليا : أبى ، يجب أن تأكل …
بنيامين : ( مقاطعاً ) لا … لا … لا …
( يذهب إلى الجدار باحثاً عن النص ، يعود إلى كورنيليا و إدوين )
( الفصل الخامس ، المشهد السابع )
تظلموننى إذا تخرجوننى من القبر .
أنت روح من الجنة ، أما أنا فموثوق
على عجلة نار ، حتى دموعى
لتسمطنى كرصاص مصهور .
كورنيليا : بابا ، رجاء …
بنيامين : لا . لا . لا . لا . لا .
( يذهب من جديد إلى الجدار باحثاً عن النص )
أنت روح ، متى مت ؟
إدوين : الفصل الثالث . وكان لير قد استيقظ للتو .
بنيامين : أنت روح ، متى مت ؟
إدوين : استيقظ لكى يرى ابنته المحبوبة كورديليا .
بنيامين : أنت روح متى مت ؟
كورنيليا : ماذا ينبغى أن أقول ؟
إدوين : أعتقد أنك بحاجة أن تقولى سطر التالى لكورديليا عندما تم لم شملهما جميعاً فى النهاية
كورنيليا : لا أعرف ذلك .
إدوين : ( يهدئ من روعها ) لا تخافى .
كورنيليا : ساعدنى .
إدوين : السطر الذى يريد أن يقوله بسيط تماماً ” سيدى هل تعرفنى ؟ “
(تحاول كورينليا أن تردد الألفاظ )
تكلمى.
كورنيليا : سيدى هل تعرفنى ؟
إدوين : مرة أخرى ، بقوة واقتناع .
كورنيليا : سيدى هل تعرفنى ؟
بنيامين : ( يهدأ بنيامين ويجيبها على الفور )
أنت روح . أعرف . متى كان موتك ؟
كورنيليا : ( بشكل واقعى جداً ) أنا لم أمت ، يا أبى . انظر إلىَ أنا طفلتك الوحيدة … كورنيليا لامب….
بنيامين : ( يتراجع بنيامين فى ارتباك ) لا . لا . لا .
أنت روح . أعرف ، أين كان موتك ؟
إدوين : ( يهمس ) ” مازال سارحاً بعيداً ” قولى ذلك .
كورنيليا : ( فى دور كورديليا )
” مازال ، مازال سارحاً بعيداً “
إدوين : ( ليطمئن كورنيليا إلى أن السطر التالى له ، يضع أصابعه على شفتيه كما لو كان فى مزاج الدكتور . يذهب إلى لير ليسلم السطر التالى )
لم يكد يفيق بعد ، اتركيه قليلاً وحده .
بنيامين : أين كنت ، أين أنا ؟
أنهار جميل ؟
ربما أكون قد أفرطت فى الوهم .
كورنيليا : ( فى صوت منخفض عن صوت لير )
انظر كم هو هادئ الآن .
بنيامين : لكنت قد مت رأفة .
لو رأيت إنساناً آخر على حال كهذه .
لا أدرى ما أقول .
كورنيليا : كفى .
بنيامين : لا أدرى ما أقول.
كورنيليا : سعيد تقريباً .
إدوين : ( بصوت منخفض عن صوت لير )
على الأقل نحن فى مسرحيته .
بنيامين : ( عائداً إلى كورنيليا )
لن أقسم أن هاتين يداى ! لنرَ –
إنى أحس بوخز الدبوس هذا . يا ليتنى أطمئن إلى حالتى .
إدوين : ثقى بى و أكملى
أوه . انظر إلىً يا سيدى …
كورنيليا : أوه انظر إلىً يا سيدى …
إدوين : ارفع يديك وباركنى .
كورنيليا : ارفع يديك وباركنى .
إدوين : لا ينبغى أن تركع .
كورنيليا : لا ينبغى أن تركع .
بنيامين : ( يستجيب إلى كورنيليا )
أرجوكم ألا تسخروا منى ،
إن أنا إلا شيخ مأفون خرف .
فى الثمانين و أكثر ، لا ساعة أكثر أو أقل.
ولأقلها بدون التواء ،
أخشى أننى لست بكامل قواى العقلية .
أظن أننى لابد أن أعرف ، وأعرف هذا الرجل .
ولكننى من أمرى فى شك : فأنا أجهل مطلقاً
ما هذا المكان و بكل المهارة التى لدى .
لا أتذكر تلك الثياب ولا أعرف أيضاً .
أين أقمت البارحة ، لا تضحكوا منى .
لأنى ، و أيم الحق ، أظن أن هذه السيدة
هى طفلتى كورديليا
كورنيليا : كورنيليا .
بنيامين : ( متهيجاً من جديد ) لا . لا . لا . لا ! .
إدوين : رجاء كورنيليا ، يجب أن تقولى . الكلمات التى يريد أن يسمعها .
كورنيليا : من جديد .
إدوين : ( وقفة – ثم هامساً فى تأكيد لها )
و هكذا أنا أنا .
كورنيليا : وهكذا أنا . أنا … أنا
( يتحرك بنيامين بشكل واضح مع إجابة كورنيليا . ينتقل إليها ويتحدث إليها مباشرة وهو يجفف دموعه )
بنيامين : أمبتلة دموعك ؟ نعم . أمانة . أرجوك ألا تبكى .
( يمسك وجنتيها بيديه فى رفق ،ثم فجأة يغير سلوكه ويذهب إلى إدوين بادئاً من مكان جديد )
هل أنا فى فرنسا ؟
إدوين : ( محاولاً أن يحدد مكانه )
هل … أنا ….
بنيامين : هل … أنا … فى فرنسا ؟
إدوين : ( يهدئ من روعه ، ويجيب فى دور كنت)
فى مملكتك يا مولاى .
بنيامين : ( متباهياً بإجابة إدوين ، يذهب إلى طبق من البسكوت . ويبدأ فى الأكل بشراهة ) نعم . لا . نعم . لا . نعم .لا …
كورنيليا : يا لرحمة السماء ، يا إدوين ، انظر ، إنه يأكل حقيقة من جديد .
إدوين : إنه رجل مسلٍ تماماً .
كورنيليا : هذا هو ما صليت من أجله .
إدوين : لم أكن أبداً أتخيل أى أحد مثله .
كورنيليا : هل تعتقدك أنك تستطع أن تخرجه بلطف من غرفته . لم يخرج فى الهواء الطلق من وقت طويل جداً . لعله سيكون رائعاً أن يمشى فى ضوء الشمس من جديد ، و يمكننى أن أحضر المزيد من البسكويت .
إدوين : نعم . أعتقد ذلك ، يمكننى أن آخذ المشهد الذى سيجعله يخرج ، لكن ينبغى عليك أن تتبعينى بعناية . ( الآن ينهض إلى مواجهة تحديه الشخصى ) أعرف أننى أستطيع . سوف أتحدث بسطر الطبيب و عندما أنتهى ستقولين : ” أيسر لجلالتك أن تنسحب وسأقدم ذراعى …
كورنيليا : أيسر ل…
إدوين : أيسر لجلالتك أن تنسحب ؟
تلك كلمات كورديليا ، لكنى سأقدم إليه ذراعى . عندئذ يجب علينا أن نترك الحجرة فى وقت واحد . وأنت وراءنا . هل هذا واضح ؟
كورنيليا : أعتقد ذلك .
إدوين : ليس هناك وقت للتفكير. فقط افعلى ثم صدقى .
( ذاهباً إلى بنيامين الذى يستمتع ببسكوته . الآن يتصرف إدوين كطبيب )
تعزى ، سيدتى الكريمة ، فكما ترين ، لقد خمد هياجة العظيم داخل نفسه . ولكن من الخطر أن تجعليه يملأ ثغرة الزمن الذى ضيعه ، ناشديه بأن يدخل .ولا تزعجيه بعد ، حتى يهدأ تماماً .
( يستمع بنيامين بعناية . عندئذ يهمس إدوين إلى كورنيليا )
الآن . دورك . يا كورديليا ؟
كورنيليا : أيسر لجلالتك أن تنسحب ؟
بنيامين : أيسر لجلالتك …
( ينهض بنيامين )
أيسر لجلالتك …
( يخلع إدوين عباءته ويضعها حول كتفى بنيامين )
كورنيليا : أيسر لجلالتك أن تنسحب ؟
( يمد بنيامين ذراعه إلى الأمام . يأخذ إدوين ذراعه ثم يستدير عائداً و يدس بعض البسكويت فى جيب عباءة إدوين )
بنيامين : (مستغرقا تماما فى المشهد الآن)
عليكم بتحملى
ورجائى إليكم الآن ، أن تنسوا وتغفروا ، أننى هرم و خرف .
( يبدأ بنيامين فى المشى خارجاً . يختفيان ، و تبقى كورنيليا على الخشبة مؤقتاً وحدها تجمع الطعام )
كورنيليا : بسكويت وشاى ساخن. بسكويت وشاى . كم رائع كل هذا . كم هو رائع تماماً .
( تسرع كورنيليا بالخروج )
( نهاية المشهد )
المشهد الرابع( الحديقة )
(الشحوب ضارب على الفناء . الآن بنيامين متقمصاً شخصية الملك لير تماماً . ومقدراً قيمة إدوين.)
بنيامين : ( الفصل الأول ، المشهد الرابع بين لير وكنت )
ها ! من أنت ؟
إدوين : ( جانباً ) لا بأس أيها العجوز أعرف أين تكون
( فى دور كنت ) إنسان يا سيدى .
بنيامين : ما عملك ؟ ماذا تريد منا ؟
إدوين : ( جانباً ) دعنا نرى ” أدعى أننى لست بأقل مما أبدو … آه هكذا هو .
( فى دور كنت )
أريد أن أقول أننى لست بأقل مما أبدو ، أخلص خدمة من يولينى ثقته ، و أحب الأمين الكريم ، و أعاشر الحكيم الذى يتفوه بالقليل ، أخشى القضاء ، و أقاتل إذا القتال تحتم . و … بوسعى أن أكتم السر الشريف و أركب الخيل و أركض و أفسد الحكاية المنمقة بسردها . وأبلغ الرسالة الصريحة بغير مواربة . وذلك الذى يحصن صنعة البشر العاديين ، فإنى مؤهل لصنعه، وخير ما فىً الاجتهاد .
بنيامين : ( لأنه سعيد بصداقة كنت / إدوين ، يضرب كعب حذائه : هى- هاو و يحمحم ) هى- هاو ، هى – هاو …
إدوين : ( جانباً ) الآن سنرى إذا ما كنت تستطيع أن تجارينى .الفصل الأول ، المشهد الرابع .
( فى دور البهلول . الفصل الأول ، المشهد الرابع )
يا رجل سأعلمك خطابا .
بنيامين : ( واجداَ مكانه فى عقله )
آه …. افعل .
إدوين: إنتبه إليه ، عماه :
احتفظ بأكثر مما تبدى
و انطق بأقل ما تدرى ،
أدن أقل مما تملك .
و اركب لأبعد مما تذهب ،
تعلًم أكثر مما تعلم
ووفر أكثر مما تبذر ،
دع عنك خمرك ثم عهرك .
و الزم من دارك عقرك ،
تجد فى كل عشرين لديك
أكثر من عشرتين .
بنيامين : ( مردداَ سطر الجنون و مستمتعاً بالدرس )
… تجد فى كل عشرين لديك .
أكثر من عشرتين
و تجد فى كل عشرين لديك . أكثر من عشرتين .
إدوين : ماذا كان اسم ذلك المقطع التعيس . آه صحيح ، المقطع الثالث، السطر السادس .
( بينما يثير لير ضجة وهو يعثر على السطر )
توم المسكين . لقد جف قرنك .
بنيامين : توم المسكين ، لقد جف قرنك … قرنك جف .
إدوين : نعم
بنيامين : إذن دعهم يشرحوها ريجان ، وليروا ما الذى يتوالد حول قلبها .
هل فى الطبيعة سبب لصناعة تلك القلوب القاسية ؟
إدوين : نعم . يا للكمال !
بنيامين : وأنت يا سيدى .
إنى استخدمتك واحدا من رجالى المائة .
ولكن فقط لا يروق لى طراز ثيابك .
ستقول أنها ثياب فارسية . لكن عليك بتغييرها .
إدوين : الآن ، مولاى الكريم ، اضجع هنا واسترخ قليلاً .
بنيامين : لا ضجيج ، لا ضجيج ؛ اسدلوا الستائر . هكذا هكذا هكذا … سوف نذهب لكى نوقظ الصباح …
إدوين : دعنا نرى كيف تعالج مشهد البهلول .
بنيامين : بهلول ؟
إدوين : هل تعرف الفرق يا ولدى بين البهلول المر و البهلول العذب ؟
بنيامين : لا يا فتى . علمنى .
إدوين : ذاك الأمير الذى قد نصحك
بالجود بأراضيك كلها .
جئ به إلى جانبى –
مثله أنت بنفسك .
يظهر فى الحال كلاهما .
بهلول العذب و المرير .
أحدهما فى بدلة المهرج هنا .
و الآخر واقفاً هناك .
بنيامين : هل تسمينى بهلول يا ولد ؟
إدوين : كل ألقابك الأخرى قد تخليت عنها ، أما ذاك اللقب فقد ولد معك .
بنيامين : ( الآن وقد ضاع جداً )
هل هنا من يعرفنى ؟ … هل هنا من يعرفنى ؟ ؟
من يستطيع أن يخبرنى من أنا ؟
إدوين : ظل لير .
بنيامين : ازفرى يا رياح ، وشققى خديك ! ثورى واعصفى و أنت يا شآبيب و دوافق انهمرى حتى تنقعى قبابنا و تغرقى الشواهق ! ….
واقصفى يا رعوداً مزمزمة .
اسطحى كروية الأرض الكثيفة .
حطمى قوالب الطبيعة ، واسكبى هباء كل بذرة .
تصنع الانسان العقوق .
إدوين : ( غير مصدق فى رهبة أداء بنيامين )
(جانباً ) يا إلهى العزيز …
( فى دور البهلول )
عماه ! إن ماء نفاق البلاط المقدس فى بيت لم يعرف البلل ، لخير من ماء المطر فى هذا العراء . عماه الكريم ، ادخل واطلب من بناتك البركة . هذه ليلة لا ترحم العقلاء و لا البهاليل .
( تدخل كورنيليا أثناء الحوار التالى و هى تحمل صينية طعام فى فزع )
بنيامين : ( الآن فى غضب عارم )
قرقرى ملء بطنك يا رياح ! ابصقى يا نار . و ادفق يا مطر !
… إنى أقف هنا ، عبداً لك . شيخاً مسكيناً ، عليلاً ، واهنا ، مزدرى .
كورنيليا : ( مستغرقة فى منولوح بنيامين )
إدوين . إدوين ؟ ما الذى يحدث ؟ رجاء اجعله يتوقف . يجب أن توقفه .
بنيامين : أوه . أوه ! هذا كريه …
لا . سأكون نموذج الصبر الجيمل
لن أقول شيئاً .
( يصمت بنيامين تماماً ثم يسقط فى إغماءة )
كورنيليا : بابا ؟ بابا … رجاء … إدوين ؟
بنيامين : يا ربى اغفر لى . ما كان لى الحق . ما كان لى الحق مطلقاً أن أحضر .
( يسرع إدوين تاركاً كورنيليا وهى تهز والدها من ذراعيه )
( نهاية الفصل الأول )
الفصــل الثـانـى
المشهد الخامس ( مسرح شارع وولنات )
وقت الظهيرة . بعد مرور عشرة أيام . ينام إدوين فى عباءة الملك لير فوق خشبة المسرح ومخطوط مسرحية الملك لير بجانبه . و هو غير مهندم . تظهر كورنيليا فى مؤخرة المسرح ، وهى تحمل سلة طعام .
كورنيليا : سيد فورست !
إدوين : أنا نائم . أنا سهران لنصف الليل فى البروفات .
( يتقلب بعيدا عن الصوت القادم من خشبة المسرح )
كورنيليا : رجاء .
إدوين : اغربى عن وجهى ودعينى فى سلام .
كورنيليا : إدوين ؟
إدوين : ( يتوقف إدوين متعرفاً على الصوت )
السيدة لامب ؟
( يقفز ناهضاً ويلف الروب حول جسده )
لم أكن أتوقع ضيوفا .
كورنيليا : (داخلة خشبة المسرح )
تبدو جيدا .
إدوين : ( بصوت منخفض جداً ) كاذبة .
كورنيليا : لم أكن أقصد أن أقاطعك .
إدوين : بالطبع كنت تقصدين ,
( لافاً عباءة الملك لير حول جسده )
سامحينى لأنى لم أرتد ملابسى .
كورنيليا : كان يجب أن أرسل رسالة أقول لك فيها أننى قادمة .
إدوين : لكنك لم … الآن أنت هنا .
( يتجه إلى الوعاء ويطش وجهه بالماء .)
آهه .. يا ربى العزيز .
كورنيليا : ( محاولة أن تجد له شيئاً ما ينشف به وجهه ) خذ .
إدوين : ( يشير إليها بالابتعاد ) أنا بخير . الماء البارد لا يقتل .
كورنيليا :هل أكلت ؟
إدوين : ( من وسط الضباب) أتذكر أنى أكلت أفضل عشاء حالاً ، بطاطس مشوية ولحم خنزير رضيع حلو جداً … لكن بالتأكيد يا سيدة لامب ، أنت لم تقطعى كل هذا الطريق لكى تسألى عن الخنزير الرضيع .
كورنيليا : لقد أحضرت اليكم طعاماً . لا خنزير ، يؤسفنى ، لكن مازال البسكوت ساخنا والمربى جئت بها مباشرة من حديقتنا .
( آخذة مفرش مائدة والطعام ومواعين من سلتها بينما تستولى على مكانه )
إدوين : كم أنا ممنون.
( يبدأ إدوين الأكل فى شراهة )
تمام . لم تكفى أبداً عن إدهاشى ، ياسيدة لامب .
كورنيليا : رجاء نادينى كورنيليا .
إدوين : ( وقفة ) هل أخذت قسطا من النوم ؟
كورنيليا : أوه ، لم أعمل هذا . أفتقد على الاطلاق الى موهبة فى المطبخ ، فكرت فى أن أحضر لك بعض البيض ، لكنى خشيت أن يكون فسد تماماً عندما أصل .
إدوين : شكراً ، هذا رائع !
( يأكل إدوين بشراهة )
كورنيليا : لا . إنه أنا فى الواقع التى تجب أن تشكرك .
إدوين : أعتقد أننا لا نتقاتل على الامتنان .
كورنيليا : ( داخلة ببطء ) لقد جعلت زيارتك عالم بنيامين جيدا .
إدوين : تلك أخبار طيبة .
كورنيليا : ( وقفة ) إنه يأكل ، ويخرج حتى إلى الشارع فى يوم طيب لكن أتمنى لو سمح لنا أن نعطيه قميص نوم جديد .
إدوين : حسناً نحن الرجال يزداد غرامنا بملابنسا القديمة
كورنيليا : أعتقد أن علىً أن أتحلى بالصبر .
إدوين : دائماً ذلك صعب .
كورنيليا : ( وقفة ) وممتنة ( دقة )
إدوين : أنا مسرور بك وبهداياك.
كورنيليا : لقد بحث عنك فى كل مكان يا إدوين .
إدوين : أنا ؟
كورنيليا : لا أحد منا يعلم ما الإجابة ، لذلك عليك أن تفهم سبب وجودى هنا لكى أسألك أن تعود مرة أخرى . ( صمت ) يجب أن تفهم ….
( يلتفت إدوين بعيداً )
إدوين : فى الواقع يجب أن أذهب و أغير ملابسى . لقد كانت زيارة لطيفة .
كورنيليا : ( بحزم ) ليس لدى مواعيد أُخرى .
إدوين : ربما تكون بعد وقت طويل .
كورنيليا : أعمل ما تريد أن تعمله .
إدوين : لن يكون من المناسب أن أتركك هنا وحدك على المسرح .
كورنيليا : لست خائفة .
إدوين : بالتأكيد لديك أشياء أخرى تقومين بها.
( دقة . تبدو كورنيليا متخشبة )
كورنيليا : سأنتظر .
إدوين : حسنا جداً إذن .
[ يبدأ إدوين فى المشى ]
كورنيليا : أنت فقط غادرت ولم تعد أبداً . لا رسالة لا شئ خلال عشرة أيام . لم يكن لدى فكرة متى أتوقع أن تعود .
إدوين : لن أعود . ( دقة ) أعلم أنك كنت قلقة ألا يأكل طبيعى أو ألا يغادر حجرته وأنا بصدق سعيد أن أسمع عن تقدمه . ملجأ الأصدقاء مكان رائع.
كورنيليا : أنت لم تستمع إلى مطلقاً .
إدوين : سمعتك عندما التقينا أول مرة. أنت قلت زيارة واحدة ، وأعتقد أننى أنجزت ذلك الطلب .
كورنيليا : من المؤكد أنك تدرك حجم العمل الكثير الذى يعمل هناك .
إدوين : إن عملى هنا .
كورنيليا : ألست راغبا فى العودة ؟
إدوين : أعتقد أنك غير راغبة فى النظر إلى حالته .
كورنيليا : أنا مستوعبة تماماً لحالته . أنا المشرفة على ملجأ الأصدقاء .
إدوين : أنت ابنته .
كورنيليا : أنا أتفهم ما يحتاج إليه . لكنك الوحيد يمكن أن يعطيه ذلك .
إدوين : أنا ألعب دور البهلول لأبيك الملك . لقد تركته ميتاً تقريباً بين ذراعيك . ماذا تودين أن تسألينىى أكثر من ذلك ؟
كورنيليا : أنا سألت العظيم إدوين فورت أن يقوده الى خارج مسرحيته وليس فقط من غرفته .
إدوين : أنا لست أورفيوس .
كورنيليا : أنا أتفهم ما يحتاج إليه . لكنك الوحيد يمكن أن يعطيه ذلك .
إدوين : لقد فعلت . ألا تريدين أن تعتبرى ذلك إجابتى .
كورنيليا : إذن هل جئت المرة الأولى من أجل نفسك ؟
إدوين : لقد كنت أنت الوحيدة التى قللت من لير الكامل أمامى .
كورنيليا : هل كذبت ؟
إدوين : أنت تعلمين بالضبط ما تعملين .
كورنيليا : هل كذبت ؟
إدوين : لا .
كورنيليا : لقد أحضرتك إلى هناك يا إدوين . وقد نجحت .
إدوين : ربما حسناً جداً .
كورنيليا : لقد رأيت شيئاً ما فى عينيه ، أليس كذلك ؟ شئ ما لم تخبرنى به .
إدوين : رأيت المكان حقاً كما وصفتيه أنت. فقط أكثر من ذلك . فعلت أكثر من ذلك . وقد عملت ما طلبتِ . غادر غرفته . وأكل طعامه . ماذا كان يمكن أن تطلبى أكثر من ذلك ؟
كورنيليا : لقد تغير ولكن ليس للأفضل . إنه يأكل ويمشى لكنه صامت مثل الجثة .
إدوين : اقرأى له كلمات من المسرحية. فلديك الكتاب .
كورنيليا : إنه يبحث عنك يا إدوين .
إدوين : إنه يبحث عن الكلمات للمسرحية . لا تفرق معه من يقولها.
كورنيليا : أنت كنت الأقرب إليه من أى أحد كان . لقد رأيتَ شيئاً ما .
إدوين : لا .
كورنيليا : هل قال لك شيئاً ما ؟
إدوين : فقط كلمات شكسبير .
كورنيليا : شئ ما حدث .
إدوين : لا شئ .
كورنيليا : عندما كنتما فى الحديقة لا بد أن كشف لك عن شئ ما لك وحدك . ماذا قال لك ؟
إدوين : لقد رأيت رجلاً يسمى نفسه الملك لير ولا شئ أكثر من ذلك .
كورنيليا : لماذا هربت .
إدوين : كان عملى قد انتهى .
كورنيليا : … و لم تعد ؟
إدوين : من الأفضل أن تترك بعض الأمور وحدها يا كورنيليا .
كورنيليا : ما الذى تخشاه ؟
إدوين : أنا جبان . هذا اعتقادك . فى “ستلويل ” كانت توجد حواجز بينى وبين هؤلاء الرجال .
( تقف وتنظر إليه )
كورنيليا : الحقيقة .
إدوين : ماذا ؟ أكل بسكوته … خرج إلى ضوء الشمس … شعر بالنوم بين ذراعيك يا سيدة لامب . ماذا تريدين أكثر من ذلك منى . الحياة لا تستجيب لجميع طلباتنا . ، بقطع النظر كم تبدو هذه الطلبات جديرة بالاحترام .
كورنيليا : اترك هذا لك لكى تحاول أن تعلم الكويكرز كيف تكون التضحية .
إدوين : ماذا تتخيلين ؟ هل يعود إلى المنزل نظيفاً وحالقاً وجهه . يقرأ من التوراة وتستعيدين حلم العائلة الذى ولى إلى الابد ؟!
كورنيليا : ماذا رأيت عندما نظرت فى عين أبى ؟
إدوين : رأيت لير الكامل .
كورنيليا : جيد ، إذن متى تعود ؟ وسوف نستأنف نحن من حيث تركته .
إدوين : أنت لا تنصتين ، يا كورنيليا ! بنيامين هو لير الكامل الذى يجب أن ينهى هذه المسرحية بكلماته . ولست أنت ، عندما يموت لير يموت بنيامين معه .
كورنيليا : إذن أعطنى هذا اليوم الأخير و أعدك لن ترانى أبداً مرة أخرى . وينبغى أن يكون ذلك سبب أكثر من كافٍ لكى تعود إلى الملجأ …
إدوين : أنت لا تنصتين .
كورنيليا : لقد سمعت كلماتك .
إدوين : يريد والدك أن أصل به إلى نهاية المسرحية ، يا كورنيليا .
كورنيليا : ربما لا تكون النهاية سيئة كما تعتقد ؟ فهو ليس شكسبير .
إدوين : إنها مأساة .
كورنيليا : ليس بنيامين ممثلاً .
إدوين : إنها مأساته .
كورنيليا : ربما تكون على خطأ .
إدوين : ولو كنت على حق ؟
كورنيليا : ليس هذا مسرحا
إدوين : لا ، إنه ليس مسرحاً . لومات فلن يقوم من جديد .
كورنيليا : الله فقط هو الذى يكتب نهاية الحياة .
إدوين : أنا أقول لك الحقيقة .
كورنيليا : لابد أن يكون هناك اختيار آخر .
إدوين : لا أستطيع أن أقود رجلاً إلى موته .
كورنيليا : أنت لست الرب .
إدوين : لن أعود أبداً إلى ملجأ الأصدقاء . مطلقاً .
كورنيليا : ( بقدر ما تقترب منه تلعنه )
إذن العار لك يا إدوين فورست . عار عليك وعلى مسرحك اللعين .
( تمشى كورنيليا مبتعدة عن إدوين الذى يغادر ليغوص ببطء فى عرشه وحيدا )
(نهاية المشهد)
المشهد السادس : ( غرفة الانتظار فى ملجأ الأصدقاء )
بعد أسبوعين . كورنيليا تنام على أريكة طويلة . وهى منكوشة الشعر تماماً ، تتقلب ، وتتحدث إلى نفسها أثناء النوم . يأتى إدوين ويراقبها لعدة لحظات ، ثم يطرق الباب، تفزع كورنيليا وتستيقظ . بمجرد أن ترفع رأسها عالياً ، يصدم إدوين لما حدث لها من تغير منذ أن رآها فى المرة الأخيرة . فستانها قديم وشعرها كتلة من التجعيدات الوحشية .
إدوين : السيدة لامب . السيدة لامب .
كورنيليا : أبى . أثمة شئ خطأ ؟ هل بنيامين بخير ؟
إدوين : ( يهزها فى رفق وهى تتكلم وتتقلب فى نومها ) كورنيليا ؟ كنت نائمة .
كورنيليا : هل بنيامين بخير … إدوين ؟ أهو أنت ؟
إدوين : نعم . لم أقصد أن أزعجك .
كورنيليا : أعتقد أننى أرى إدوين فورست يقف أمامى لكنى أعرف أن ذلك لن يكون ممكنا أبدا لذلك يجب أن أبقى نائمة وحالمة أيضا .
إدوين : أنت لا تحلمين يا كورنيليا . أنا هنا . من جديد .
كورنيليا : حسناً ، لا بد أننى أبدو مثل الكابوس.
( تحاول كورنيليا أن تجمع شتات نفسها )
إدوين : تبدين بخير .
كورنيليا : كاذب .
إدوين : … متعبة قليلاً ربما .
كورنيليا : ربما أنت ممثل جيد جداُ يا سيد فورست ، لكن حتى الكوكيرز يستطيعون أن ينظروا فى المرآة …
[ توجد ضجة بينما يهدر صوت بنيامين فى عويل مشئوم ]
بنيامين : ( من الكواليس) كيف ، ياللهول ياللهول … أوه ، أنتم رجال من حجارة …
كورنيليا : كما ترى لقد استعاد أبى صوته .
بنيامين : لا شئ ، لقد أقسمت ! أنا حازم .. أنا قوى .. يا عبدى ! يا شرير ! … إخلاصكم .. اسمعنى .
كورنيليا : فى معظم الأيام يصرخ حتى يسقط عائداً إلى النوم منهكاً . ومع ذلك ليس فى سريره . لا . لقد مزق ذلك إلى قطع الأسبوع الماضى خلال عاصفة قوية .
( توشك كورنيليا أن تسقط فيسندها إدوين )
إدوين : متى كانت آخر مرة أكلت فيها أى شئ ؟ أو نمت فى سرير ؟
كورنيليا : حضرت الآن يا إدوين ، أنت لم تصل إلى هنا حقاً قاطعاً كل هذا الطريق لكى تسأل مثل هذه الأسئلة عن صحتى .
إدوين : لم أكن أتوقع أن أحضر مطلقاً . لقد تراجعت مرتين ، لكنى لم أستطع أن أتوقف عن التفكير فيما قلت .
كورنيليا : أعتقد أنى توسلت ودافعت وصرخت ومع ذلك لم أستطع أن أتذكر أى شئ عدا قولك لا .
بنيامين : لماذا ينبغى أن يكون للكلب والحصان والفأر حياة … حياة أنتم تروننى هنا ، أيتها الآلهة . رجل عجوز مسكين .
كورنيليا : ( دقة . سائرة نحو النافذة ) هل تساءلت أبداً كيف للورقة أن تعلم بالضبط اللحظة التى تسقط فيها ؟ أم أنها فقط متعبة جداً من تعليقها .
إدوين : أنا آسف لأننى لم أستطع أن أعود سريعاً .
بنيامين : أنت السماء التى تمنحنى الصبر الذى أحتاج إليه …
أتظن أننى سأبكى . لا . لن أبكى .
كورنيليا : قل يا سيد فورست ، فى عملك هل تعرف متى تسير المسرحية بشكل حسن ، أم يجب أن تنتظر حتى تقرأ رد فعل نقادك ؟
إدوين : نقاد ! ذلك هو آخر شئ أنظر إليه .
بنيامين : أوه ، يا بهلول ، سوف أجن .
إدوين : عندما أكون فى منتصف المسرحية يجب أن أنصت لكل شخص حولى لكى أعرف كيف يجب أن أتحدث ومتى . لكن لو أردت أن أسمع كيف تسير المسرحية ، فلابد أن أوقف قلبى بشكل كاف لكى أنصت إلى المسافات بين الكلمات . يخبرنى الصمت متى تسير بشكل سئ .
كورنيليا : هل أتيت لأنك تعتقد أن هذا يمكن أن يسير بشكل جيد ؟
إدوين : من أجله أم من أجلك ؟ لست متاكداً أنهما نفس الشئ .
كورنيليا : أنت قلت أنك ترددت فى العودة مرتين . لماذا ؟
إدوين : بصدق ؟
كورنيليا : بصدق .
إدوين : أعتقد أنى ربما أقوده للخروج من المسرحية ، لكن لا أعرف إذا ما كنت سوف أعيده إليك .
كورنيليا : ( دقة ) لقد تربيت على كراهية هذه المسرحية بقدر حبه هو لها . خذ هذه معك عندما ترحل .
( تقذف كورنيليا بالكتاب على الأرض )
إدوين : ( يأخذ المجلد الممزق ) لقد حددت على كل كلمات كورديليا .
كورنيليا : واستودعتها الذاكرة . والتى لم تكن سهلة , لكن بعد ذلك ، صار النوم أقل .
إدوين : ستكونين بخير .
كورنيليا : ماذا لو فقدت مكانى ؟
إدوين : سأهمس بالكلمات فى أذنك .
كورنيليا : ماذا لو أنه لم يصدقنى ؟
إدوين : لا يحتاج أن يصدقك .
كورنيليا : و إذا لم يتكلم إلىً ؟
إدوين : لو كان هذا دوره فلن يصمت .
كورنيليا : أتوق إلى الصمت الآن . كرهت هذا عندما كنت صغيرة . عندما كنت طفلة لم أستطع أن أتحمل الجلوس فوق تلك الآرائك أنتظر شخصاً ما لكى يتحدث . فى كل مرة ذهبنا للقاء أردت أن أثبت إذا ما كان الله أتى إلى أم لا . ( وقفة ) ” الصبر” . هذا ما قاله أبى وهو يلمس خدى برفق . “الصبر و الصمت ” و أنا أنتظر الإجابة ” متى يأتى ذلك الأب ” وهو يبتسم ببساطة ويقول سيأتى يوماً ما ، فقط كونى صبورة .
( وقفة )
كيف ستعرف أين نبدأ ؟
إدوين : هو سيخبرنا أين نبدأ يا كورنيليا ، لن تكونى هناك وحدك ، سوف نكون هناك معا .
كورنيليا : آسفة لأنه لم يقدر لك أبداً أن تعرفه عندما كان بنيامين حقا. لابد أنك كنت ستحبه . الجميع فعل ذلك .
بنيامين : (صارخاً وهاذياً ) اعطونى الخريطة . اعطونى تلك الخريطة . اعطونى تلك
الخريطة . أين خريطتى ؟
إدوين : ( متطلعاً إلى كورنيليا ) هل أنت جاهزة ؟
كورنيليا : فى أمان الله ! .
إدوين : أدخل إلينا دوق فرنسا و دوق برجينديا يا جلوستر.
بنيامين : ( مكرراً ) أدخل إلينا دوق فرنسا و دوق برجينديا يا جولستر .
إدوين : ( فى دور جولستر ) نعم يا مولاى .
بنيامين : أحضروا لى الخريطة هنا .
( يأتى إدوين له ويعطيه خريطة متخيلة ، يفردها بنيامين بتلهف على الأرض )
ناولنى الخريطة هناك . اعلموا أننا قد قسمنا مملكتنا ثلاثاً . فقد وطدنا العزم على أن ننفض عن شيخوختنا كل شغل ، وهم . مضيفين إياهما على الفتيين قدرة . بينما نحن نسعى نحو الموت دون عبء … نسعى نحو الموت … نسعى نحو الموت … ذلك … ذلك النزاع فى المستقبل .
ربما يمنع الآن .
وهنا تكون الإجابة … و هنا تكون الإجابة …
أخبرننى يا بناتى .
( مقترباً من كورنيليا ، وناظراً مباشرة فى عينيها )
أخبرننى يا بناتى … بناتى …
( تقف كورنيليا فى مواجهته , متجمدة )
إدوين : الآن يا قرة أعيننا .
( يبقى بنيامينن صامتاً . يكرر إدوين السطر ، الآن بقوة )
الآن يا قرة أعيننا .
بنيامين : الآن يا قرة أعيننا .
وإن تكونى الأخيرة وليست الأقل قدراً
أنت التى يتنافس على وصالك كروم فرنسا ومراعى برجينديا ،
ما الذى بوسعك أن تقوليه لتنالى ثلثاً أغنى و أترف من أختيك ؟ تكلمى .
( تقف كورنيليا عاجزة )
تكلمى … تكلمى … تكلمى … تكلمى
( ماشياً فى دوائر )
كورنيليا : إدوين .
إدوين : يجب عليك ألا تجعليه يفشل الآن .
كورنيليا : الكلمات . قل لى الكلمات .
إدوين : لا شيء يا سيدى .
كورنيليا : لا شيء يا سيدى .
( تتوقف و تنصت ) لا شيء .
كورنيليا : (وقفة طويلة ) لا شيء .
بنيامين : لا شيء يأتى من لا شيء . تكلمى مرة أخرى .
كورنيليا : أنا الشقية لا أستطيع أن أرفع قلبى إلى فمى .
إنى أحب جلالتكم …
( وقفة )
إنى أحب جلالتكم .
وفقاً لرباطى البنوى ؛ لا أكثر و لا أقل .
بنيامين : ( فى رضى ونشاط و حيوية )
كيف ، كيف يا كورديليا ! أصلحى كلامك قليلاً . لئلا تفسدى نصيبك من الثروة .
كورنيليا : ( من الذاكرة )
مولاى الكريم
لقد ولدتنى، و ربيتنى وأحببتنى وأنا
أرد هذه الواجبات . كما هو من حقها أن ترد
أطيعك و أحبك و أكرمك جدا.
إدوين : ( مقدراً أنها تحتاج مساعدة ، فى دور كنت)
مولاى الكريم …
بنيامين : صمتاً يا كنت
لا تقحم نفسك بين التنين وغضبه .
أحببتها أكثر من غيرها ،
وقلت أجازف بكل ما عندى فى سبيل رقيق عنايتها .
إدوين : أيها الملك لير .
يا من كنت دوماً أجله مليكاً ،
و أحبه كأبى ، و أتبعه سيداً ،
و آمل فيه قديساً عظيماً فى صلواتى –
بنيامين : لقد انحنت القوس و توترت فابتعد عن سهمها!
( لا إجابة )
لقد انحنت القوس و توترت فابتعد عن سهمها !
لقد انحنت القوس و توترت فابتعد عن سهمها !
(إلى إدوين )
تظلمونى إذا تخرجونى من القبر
أنت روح من الجنة ، أما أنا فموثوق
على عجلة نار . حتى دموعى
لتسمطنى كرصاص مصهور .
إدوين : ( كورنيليا هادئة ) كورنيليا ؟
كورنيليا : نعم .
إدوين : هل تعرفين أين نحن ؟
كورنيليا : أعرف .
إدوين : إذن تحدثى إليه ؟
كورنيليا : سيدى ، هل تعرفنى ؟
بنيامين : أنت روح . أعرف متى مت ؟
إدوين : ( ذاهباً إلى كورنيليا ) لم يكد يفيق بعد ، اتركيه وحده قليلاً .
بنيامين : أين كنت . أين أنا ؟ أنهار جميل ؟
لقد شططت فى الوهم . وإلا كنت مت رأفة .
لو رأيت إنساناً آخر على هذه الحالة . لا أدرى ما أقول . لن أقسم أن هاتين يداى . ولنر ،
إنى لأشعر بوخز الدبوس هذا ، يا ليتنى أطمئن إلى حالتى .
كورنيليا : أوه . انظر إلى يا سيدى .
و ارفع يدك وباركنى .
بنيامين : أخشى أننى لست بمالك تمام عقلى .
( مرتبكاً )
يبدو لى أنى لابد أعرفك و أعرف هذا الرجل .
ولكنى من أمرى فى شك ، فأنا أجهل مطلقاً .
ما هذا المكان ، ومع كل المهارة التى لدى .
لا أتذكر هذه الثياب ولا أعلم أين أقمت البارحة . لا تضحكوا منى
لأننى ، وأيم الحق أظن أن هذه السيدة طفلتى …
كورنيليا : نعم . نعم . نعم .
بنيامين : أمبتلة دموعك ؟ أجل . بأمانة . أرجوك لا تبكى … لا تبكى
( قافزاً إلى مقطع آخر )
يجب أن تتحملونى .
أرجوكم الآن انسوا واغفروا .
أنا عجوز خرف … عجوز خرف …
إدوين : ملك .
بنيامين : أجل . كل أنملة فىً ملك .
فإذا حملقتُ رأيت كيف ترتعد الرعية .
إنى أعفو عن حياة ذلك الرجل . ماذا كان ذنبك ؟
إدوين : كان الزنى يا سيدى .
بنيامين : الزنى ؟
إدوين : الزنى .
بنيامين : لن تموت ! أتموت بسبب الزنى ! لا حتى البغاث يفعلها ، والذبابة المذهبة
تفسق أمام عينى
فلينتعش الجماع .
إدوين : آه . دعنى أقبل تلك اليد !
بنيامين : فلأمسحها أولاً ، إن فيها رائحة الموت .
إدوين : هل تعرفنى ؟
بنيامين : ( وقفة ) ماذا ، أمجنون أنت ؟ للمرء أن يرى كيف هذه الدنيا من غير عينين . انظر بأذنيك ، انظر إلى هذا القاضى وهو يعنف ذلك اللص التافه . اصغ إلى بأذنك : فليتبادلا المكان ، و احزر يا شاطر ، أيهما القاض و أيهما اللص ؟
(يجلس بنيامين و يرفع قدميه العاريتين فى الهواء فى تمثيل صامت )
الآن . الآن . الآن . اسحب حذائى !
( يقف إدوين للحظة دون حراك )
اسحب حذائى !
( فى تمثيل صامت يقوم إدوين بخلع حذاء بنيامين )
… بقوة … بقوة … هكذا .
بنيامين : ( مواصلاً )
( يضرب بنيامين إدوين و يضحك )
عندما نولد نبكى لمجيئنا .
إلى مسرح البلهاء العظيم هذا …
سأموت شجاعاً بهياً … كعريس أنيق .
كورنيليا : لا .
بنيامين : لا ؟
من يرم التفريق بيننا فعليه إحضار جمرة من السماء … جففى عينيك …
لسوف تبتلعها السنون … جففى عينيك .
كورنيليا : أنا تهت . أين هو الآن ؟ لا أستطيع أن أتذكر أى شيء . ساعدنى يا إدوين .
إدوين : حان الوقت.
كورنيليا : لا . لا يمكن أن يكون .
إدوين : أنت طلبت منى أن أحضر إلى هنا لكى أساعدك فى قيادته إلى حيث يريد أن يذهب يا كورنيليا . إنه يريد أن يرحل الآن .
كورنيليا : ليس بعد .
إدوين : كان ذلك هو سبب حضورك إلىً .
كورنيليا : لست مستعدة .
إدوين : هو يريد أن ينهى هذه المسرحية يا كورنيليا . إنه يريد أن يباركك .
كورنيليا : أوه . ياربى . لست مستعدة .
إدوين : أنت أقوى إمرأة عرفتها على مدى حياتى . لقد أتيت إلى بقلب مفتوح . و استودعت حياته عندى . عندنا والآن أقول لك بكل الحب و الألم فى قلبى خاصة ، دعيه يرحل . رجاء . دعيه ينهى المسرحية التى سمعها .
كورنيليا : ( دقة ) استمر .
إدوين : الآن ؟
كورنيليا : الآن .
إدوين : فوق تضحيات كهذه يا ابنتى كورديليا …
بنيامين : … فوق تضحيات كهذه يا ابنتى كورديليا …
إدوين : لسنا نحن بأول من ، بأنبل القصد …
كورنيليا : جر على نفسه أوخم العواقب .
ما يأسى إلا من أجلك أيها الملك المعذب.
بنيامين : ( ناظراً إلى إدوين كما لو كان يعرفه ، وبامتنان يمشى نحو كورنيليا ، ويأخذ يدها برفق مثل الأب العجوز فى قصتها ، ويلمس خدها )
تعالى. هيا نذهب إلى السجن .
سنغنى كلانا وحدنا كعصفورين فى قفص .
فإذا طلبت البركة منى ، ركعت .
وناشدتك الغفران ، هكذا سنحيا ،
ونصلى ونغنى ونروى حكايات قديمة ونضحك
على الفراشات المعسجدة ، ونصغى إلى أهل الشقاء
يتحدثون بأنباء البلاط وسوف نتحدث إليهم أيضاً ،
عمن يخسر ومن يربح ، من الداخل ومن الخارج ،
وندعى فهم غوامض الدينا .
كأننا أرصاد الآلهة ، وسنأتى .
فى السجن المسور على الفئات والأحزاب من وجوه القوم
وهى فى مدها وجزرها مع القمر .
إدوين : كورنيليا ، هذا هو الوقت . عليك أن ترقدى وتغلقى عينيك .
( تأخذ لحظة ، تنظر إلى الرجل الذى اعتادت أن يكون أباها . وترقد )
بنيامين : اصرخوا اصرخوا ! آه يالكم من رجال من حجارة
لو كانت لى ألسنتكم وعيونكم ، لأعملتها
أو تتصدع قبة السماء ، لقد راحت إلى الأبد.
أنا أعلم متى يكون المرء ميتاً ومتى يكون حياً
ميتة هى كالتراب ، أعيرونى مرآة
إذا ضبب نفسها الحجر أو لوثه ،
كانت حية ترزق .
هذه الريشة تتحرك ، إنها حية ، إن تكن حية
فإنها لفرصة تفدى كل ما مر بى
من أشجان وأسى .
إدوين : آه يا سيدى الكريم .
بنيامين : أرجوك ابتعد .
أينعم الكلب والحصان والجرذ بالحياة ،
ولا يكون لك نفس واحد تتنفسينه ؟ لن تجيئى ثانية
أبداً . أبداً ، أبداً ، أبداً !
أرجوك فك هذا الزر . شكراً يا سيدى
أترى هذه ؟ أنظر إليها انظر إلى شفتيها ،
انظر هناك . انظر هناك !
[ يموت . تسقط كورنيليا بين ذراعى إدوين ]
إدوين : علينا أن نخضع لوقر زماننا المحزون هذا . وأن نقول ما نشعر به ، لا ما ينبغى أن نقوله
أكبرنا قد فاقنا بما عانى ، نحن الشباب
لن نرى كل ما رآه ، ولن نعيش بقدر ما عاش .
[ يكرر نفس العبارة حسب الضرورة على الصليب ]
علينا أن نخضع لوقر زماننا المحزون هذا.
وأن نقول ما نشعر به ، لا ما ينبغى أن نقوله
أكبرنا قد فاتنا بما عانى ، نحن الشباب
لن نرى كل ما رآه ، ولن نعيش بقدر ما عاش .
[ نهاية المشهد ]
المشهد السابع:
إدوين فى غرفة الملابس الخليفة فى مسرح باورى فى مدينة نيويورك .
بعدة أشهر قليلة.
إدوين بعد أن قدم عرض الملك لير بنجاح باهر للجمهور . حيث كان مصدر حديث المدينة
بعد أن يعود إدوين إلى غرفته ، يجلس ويزيل فى تعب المكياج ويغمغم بالسطور الأخيرة من الملك لير نفسه .
إدوين : أرجوكم ألا تسخروا منى .
إن أنا إلا شيخ مأفون خرف ،
ولأقلها بدون التواء .
أخشى أننى لست فى تمام عقلى .
(هناك طرق على الباب ، ثم بشكل مسرحى )
فقط دقيقة ، رجاء !
كورنيليا : ( داخلة الغرفة وهى تلهث ) اغفر لى .
إدوين : كورنيليا !
كورنيليا : أنا فقط لا أستطيع أن أنتظر حتى أقول لك كم أنت رائع هذا المساء الذى كان من أجلى .
إدوين : هل شاهدت العرض ؟
كورنيليا : الليلة . هنا فى هذا المسرح . ملكى لير الأول . لقد كنت متألقا.
إدوين : أنا عاجز عن الكلام ( بارتباك ) رجاء ، خذى مقعداً .
كورنيليا : لا أستطيع . قلبى يدق عالياً جداً ، لابد أنك تسمعه عبر الغرفة . الانفعال غالب علىً .
إدوين : إذن لقد أسعدتك .
كورنيليا : تجاوزت بقوة توقعاتى .
إدوين : لا أعرف ماذا أقول.
كورنيليا : لكن أخشى أن تكون قد أفسدتنى للأبد . لقد كنت قانعة جداً بقراءة شكسبير فى غرفتى وحدى .
إدوين : ( بهدوء شديد ) إذن فأنا متواضع جداً .
كورنيليا : هل هذه غرفة خلع ملابسك ؟
إدوين : نعم .
كورنيليا : إنها ….
إدوين : صغيرة .
كورنيليا : كنت أتوقع شيئاً أعظم من ذلك بكثير للملك لير .
إدوين : إنه لأمر خطير جداً أن تفكر فى نفسك كملك فى الكواليس – خاصة فى المسرح . هل كنت حقاً مسرورة جداً ؟
كورنيليا : لقد كنت مذهولة أثناء العرض وحتى الكلمات الأخيرة .
(تغلق عينيها )
نحن هؤلاء الشباب .
لا يجوز أبداً أن نرى كثيراً ، ولا نعيش طويلاً ‘‘
إدوين : ( يصفق إدوين ) برافو .
كورنيليا : أوه ، لا . ليس هذا سوى تقليد أعمى، أنت التى منحت هذه الكلمات الحياة . ما زالت خداى رطبة من الدموع التى ذرفتها على ميتك .
إدوين : أعتقد أن تلك أعظم مراجعة نقدية تلقيتها مطلقاً فى حياتى على الرغم من أننى بالطبع لم أقرأها أبداً .
كورنيليا : بدا الامر كما لو كنت قد فقدت أبى تماماً من جديد. لقد رأيت بنيامين هناك فوق خشبة المسرح وهو حى أمامى تماما .
إدوين : هل رأيت بنيامين فوق مسرح ؟
كورنيليا : لم يكن عندى فكرة أن مسرحية يمكن تسبب مثل هذا التواصل الروحى مع نفس بشرية
إدوين : أبوك ؟
كورنيليا : اغفر لى يا إدوين . لقد كنت مخطئة فيما يخص مسرحك . إنه لغرض نبيل أن تروى تلك القصص من أجل غرض أسمى ولكى تنقل البشر إلى إحساس أعمق بالإنسانية . مبروك لك ولمسرحك على ذلك .
إدوين : أنت الشخص الوحيد الذى عرف كيف أن مسرحيتى لير المتواضعة يجب أن تكون فى مكانها .
كورنيليا : لا . لا ، كل ما حولى كان يتحرك عن طريق كلماتك لقد تحركت أنا نفسى بتأثيرك .
إدوين : ولقد رأينا أنا وأنت الملك لير المثالى . خشيت أن ما شاهدتيه الليلة كان مجرد ظل للملك لير .
كورنيليا : لكنك يا إدوين ، الليلة أنت أرجعت لى أبى . يجب أن تصدق ذلك . أنت كنت لير الليلة وبكلماتك لم أكن وحدى . الآن أعرف أن بوسعى أن أعود إلى هنا ، إلى مسرحك فى أى ليلة وأكون معه مرة أخرى . تلك هى هديتك العمى له ولى .
إدوين : أخشى أن أكون الشخص العاجز عن الكلام الآن .
كورنيليا : لا يبنغى أن أبقى معك . لابد أنك مرهق .
إدوين : رجاء لحظة أخرى .
( وقفة )
كم المدة التى تقضينها فى نيويورك .
كورنيليا : بالضبط . أنا فى طريقى إلى انجلترا .
إدوين : إلى انجلترا ؟
كورنيليا : لندن ، بالتحديد ، سيبحر القارب فى نهاية الأسبوع .
إدوين : هكذا سريعاً ؟
كورنيليا : أول رحلة لى عبر المحيط . أنا مثارة وخائفة .
( وقفة )
ليس هناك فى الواقع شئ يدعونى للبقاء هنا . لدينا هنا مستشفى رائع وأنا فى حاجة لمواصلة عملى .
إدوين : بالطبع ، ينبغى عليك أن تواصلى عملك .
كورنيليا : وأنت ؟
إدوين : أنت ترين بنفسك .
كورنيليا : لكنك بالتاكيد ترغب فى أن تعرض فى لندن أحياناً ؟
إدوين : صعب ! حسناً ، ربما ذات يوم . لا أحد يمكنه أن يكون متأكداً تماماً من أى شئ فى هذه الحياة .
كورنيليا : ( ببرود ) ولا حتى فى المسرح .
إدوين : لا . و لا حتى فى المسرح .
( صمت )
كورنيليا : فى الواقع لابد أن أرحل .
إدوين : أسريعاً هكذا ؟
كورنيليا : إنه بداية الثلوج وقد أبقيت أصدقائى ينتظرون بما فيه الكفاية .
إدوين : إذن بالطبع يجب أن ترحلى فى أمان الله .
كورنيليا : فى أمان الله .
( تستدير كورنيليا للمغادرة، ثم تتوقف )
شكراً لك سيد فورست .
( تغادر سريعاً الحجرة )
إدوين : ( لنفسه )
شكراً لك يا كرونيليا لامب .
( يستدير إدوين ويعود للجلوس إلى منضدة المكياج ، ثم ينظر مباشرة فى مرآته ويؤدى البروفة )
إدوين : ( بشكل طبيعى تماماً بدون حيل تمثيلية )
تظلمونى إذ تخرجونى من القبر.
أنت روح من الجنة ، أما أنا فموثوق
على عجلة نار . حتى دموعى
لتسمطنى كرصاص مصهور .
( بينما تشحب الأضواء يواصل إدوين بروفته عبر الظلام التام )
تظلمونى إذ تخرجونى من القبر
أنت روح من الجنة ، أما أنا فموثوق
على عجلة نار . حتى دموعى
لتسمطنى كرصاص مصهور .
تظلمونى إذ تخرجونى من القبر
أنت روح من الجنة ، أما أنا فموثوق
على عجلة نار . حتى دموعى
لتسمطنى كرصاص مصهور .
[ نهاية الفصل الثانى و المسرحية ]
د.محمد عبد الحليم غنيم
الهوامش:
-
إدوين فورست (9 مارس 1806 – 12 ديسمبر 1872)، هو الممثل الشكسبيري الأمريكي المعروف الذى عاش في القرن التاسع عشر.
-
اعتدمت فى هذا السطر ترجمة جبرا ابراهيم جبرا ، لترجمة الملك لير لشكسبير المعروفة .
-
طافة مسيحية مشهورة هرت فى القرن التاسع عشر وكان تولستوى من اعضائها .
-
اسم مستشفى للمرضى النفسيين تابع لجمعية الأصدقاء