ترجمة: سعيد بوخليط*
جاك براتيش، أستاذ الصحافة وعلم الإعلام ، بجامعة نيوجيرسي، أصدر سنة2003، مؤلفا حول فوكو، تحت عنوان : Cultural studies and Governmrntality ، يؤكد بين طيات هذا الحوار، النجاح الذي شهده فكر الفيلسوف، على امتداد الولايات المتحدة الأمريكية.
1س-كيف تفسرون النجاح، الذي يلاقيه ميشيل فوكو، داخل الولايات المتحدة الأمريكية لدى الباحثين في الدراسات الثقافية؟
ج-هناك حقلان للتأثير، الأول يعود إلى تمثل دراسته حول تاريخ الجنس، من طرف الجامعيين المتخصصين في النوع والدراسات الجنسية(بشكل خاص الأدب الناطق بالانجليزية والفلسفة والسوسيولوجيا).عمله حول التسوية، بناء على الخاصية المحتملة للهوية الجنسية، كان منفذا بالنسبة للذين توخوا خلخلة المقولات التي تحدد ذاتيتهم.ثانيا، أن تاريخ الجنس وكذا المراقبة والعقاب، قدما كيفيات جديدة للتفكير في العلاقات بالسلطة، دون المرورعبر الماركسية الأرثوذوكسية أو القانون السياسي الليبرالي.منذئذ، أضحى فهم علاقات السلطة، خارج إشكاليات الدولة، ونموذج الإنتاج.مثلا، لايمكن اعتبارها الثقافة كجزء، من مجتمع مدني تخلص من إشكاليات السلطة، بل تغدو، مجالا لممارسات انضباطية(يتجلى هنا إرث ألتوسير)، لكنها لن تصبح مع ذلك معادلا للايديولوجيا ك”وعي زائف” أو إعادة إنتاج آلية لقاعدة اقتصادية.مؤسسات، كمؤسسات علاج المرض العقلي، والطب والجنس والعدالة والتربية إلخ، ستكشف بذلك عن جينيالوجيتها النوعية في إطار علاقات السلطة، تبعا للصراعات الممكنة.
2س–ماهي الحقول، التي بدا معها فكر ميشيل فوكو، أكثر إجرائية؟
ج-السوسيولوجيا والأدب والأدب المقارن والتواصل وكذا الميديولوجيا .بالتأكيد، يوجد كثير من المقاومة، حيال تلك الأعمال، بالنسبة لهاته الحقول وأخرى، لكنها ، ستصبح لامناص منها(بقدر كونها لازمة) ، داخل كل المجالات التي تتوخى فهم علاقات السلطة (وهو مايتوخى كثير من الجامعيين تجنبه) ، بالتالي، أينما وجدت دراسة حول علاقات السلطة، يكمن تأثير لفوكو.
3 س-ألا تلاحظون اضمحلال الاهتمام بفكر فوكو، منذ سنوات قليلة؟
ج-نتكلم بالأحرى، بدل الأفول، عن تمركز وتحول.بالتأكيد، نتيجة غياب إصدارات جديدة، لم يعد مشروع فوكو يبعث اهتماما كبيرا.بيد أنه، حتما متموضع، بين طيات تاريخ الفكر. فهو، ليس من نوع النموذج الفكري، الذي تتجاوزه الموضة عند الاقتضاء. مع ذلك، ينبغي الإشارة إلى بعض التطورات الحديثة :شهد العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، نموا بخصوص تطبيق آخر أعمال فوكو حول الحكم ، وكذا التقنيات الليبرالية للتذويت . لقد صارت كتاباته، مفتاحا لفهم ما اصطلحنا عليه ب”الليبرالية المتقدمة”أو “الليبرالية الجديدة”.يضاف إلى هذا، أن الترجمة الانجليزية لدروسه داخل مدرجات كوليج دو فرانس، فتحت حقولا جديدة للبحث، لاسيما حول البيو-بوليتيك أو فلسفة الحياة وكذا الأمن، مع اهتمام متزايد في الآن ذاته للجامعيين وكذا الجمهور الواسع، نحو آليات المراقبة المتطورة، فقد أصبح فوكو ثانية، نقطة انطلاق مهمة، حتى ولو أن عمله لم يكن يتوخى تفسيرا شموليا للمراقبة.
مرجع النص :
*Libération :22juin2014 ;p9 .