ريمه راعي – ثلاث قصص قصيرةً
شهرزاد لا تصلح للحب
نظر شهريار في عيني شهرزاد الحمراوين, وهمس: ألا تشعرين بالنعاس؟
انتفضت شهرزاد, وقالت: لا.. لم تنته الحكاية بعد!
وبينما يحدق في شامة صغيرة في زاوية فمها, قال: كفى حكايات, حدثيني عنك يا شهرزاد, أنت تشبهين نجمة تلمع.
شهرزاد, التي تعلم أن الكلام عنها سينتهي قبل طلوع الفجر, زمت شفتيها بحزم, وقالت: مولاي! ألا تريد سماع باقي الحكاية؟
وضع شهريار أصابعه بين خصلات شعرها, وهمس: هل أحببت شهريار؟
شهرزاد لم تجب, بل تابعت رواية حكاية عن جنية متمردة تهرب من قصر أمير الجان.
و شهريار الذي تابع التحديق في عينيها, شهق فجأة حين لمح فيهما السياف الذي كان يظنه واقفاً خلف الباب.
وهــــم
امرأة تبحث عن أحلامها, ورجل يبحث عن الخبز
تحلم بوشاح من غيوم, ويحلم بمعطف صوف
تحلم بعشّ صغير من القش, ويحلم بجدران وسقف
تحلم بفارس يمتطي حصاناً أبيض, ويحلم بها
و… يموت حلمه في وهم أحلامها.
طفل هرم
زقاق ضيّق, وطفلة حمراء الخدّين تضمّ إلى صدرها دمية قماش ملونة.
رجل يابس العينين يستند إلى الحائط، يدخن سيجارة، ويسعل.
الدمية تبتسم للرجل, فيكفّ عن السعال، ويحرّك شفتيه قليلاً.
الدمية تضحك، الرجل يبتسم.
الدمية تلوّح بكفّها الصغير، الرجل يحرّك أصابعه بتردد.
الدمية تمد ذراعيها نحوه, الرجل يرمي سيجارته.
الدمية تناديه: تعال! , الرجل يقترب, يمدّ يديه الخشنتين، وينتزعها من بين يدي الطفلة التي راحت تبكي.
الرجل يسير بخطوات واسعة، ثمّ يركض كطفل صغير يلاحقه شبح.
في غرفة ضيّقة, يجلس الرجل على الأرض, يضمّ الدمية إلى صدره
ويغسل شعرها بدمع مالح لطفل ركب الجميع القطار
وتركوه وحيداً في المحطة مطفأة الأنوار.
القصص القصيرة جدا.. الكبسولة العصية.. جنس أدبي يحتاج تركيزا شديدا و خفة غير مصطنعة و نهاية مقنعة مدهشة في آن واحد.. نادرا ما نصادف قصصا بديعة.. ماتعة و عميقة تعبر عن الطبيعة الانسانية و نسيجها المتداخل.. شكرا للموجة التي حملت إلينا هذا الابداع الجميل.. تحية للكاتبة ريمه راعي.. دمت متألقة..