ثلاثة بورتريهات شعرية | حاتم الصكر
حاتم الصكَر (العراق)
الشعر
كتابك إلى هذا العالم
– عابراً فضاءه (على قلق) وفوق حصان الريح-
ملوكه يحاصرون خطاك
ونساؤه
وشعراؤه
وصيارفته
أكنتَ- في طفولةِ اللهب تسوِّي من طين الفرات أحلاماً-
ثم تسقيها دماً ودمعاً
في حمص، حيث السجن أحبّ
وفي التيه إذ تضرب (ضرب القمار)
رملٌ.. رملٌ.. قافلتك تَعبر الزمن
فأين (أرض العراق)؟
وخلفك جيش من الشعراء
و حاشية من المجانين
وشيخ أعمى يقرأ صحائف شعرك
وأنت إذ تجد الكأس يغيب النديم
وإذ يصل النديم تنضب الكأس
في فاصل من” ضَحكِ كالبكاء”:
الناس يحتفلون بأعيادهم مقيدين إلى أسوار المدن
و واسط تطلق أشباحها على موكبك
وليس ما في الكأس خمراً
بل سلافة الندم على ما سيأتي من أيام
في حجرات بيتك الآهل بالوحشة
على إصبع الجبل، وفي فم البحر المنتفخ بالأمواج
متوسداً (صخرة عدن المحماة) بشمس استوائية
تكتب (فصلاً) آخر في (جحيم) أرضي
خطى البحّارة يُثقلها السكر والتعب
مقيّداً إلى فراشك المهجور كسفينة محطّمة على ساحل
تصيخُ إلى (إشراقات) تلمع في الظلام
وتكتب شعراً بلا قصائد
ثم تطير على محفّةِ الحلم
حيث الموت باسمه الرمزي:
(حَبَل بلا دنس)
وشعر بلا قصائد
سفر أزلي آخر
وفصل يرفع أشرعته في أعراف العالم
بين الجحيم حيث الشعر..
والجنة.. عدن!
السيّاب
جيكور متكورة في أعشاش عصافيرها
والعصافير تتمدد في مقبرة القرية
دار جدّك مهجورة
– عذراً- مملوءة بغائط الجنود
وروائح قتلاهم
أما الغرف ذات الشناشيل
التي طالما أومأت منها لفتاة أو قصيدة
فهي مسكونة بأشباح الخوف
وصرخات الموتى
وأصوات المدافع
النخيل.. شجرك الإلهي الذي تحتمي به
كلما عزف المطر أنشودته الحزينة
أو راودتك قصيدة نهاراً بأكمله..
أو طلبت موعداً من امرأة
النخيل.. لم تعد له رؤوس
القنابل قطعتها كلها
وردمت مجرى بويب الذي لم تعد
تنق فيه حتى الضفادع
السمك الساهر الذي سألت عن ساعات نومه
والأطفال الذين يداعبون أوجه النائمين على السطوح
والماء الذي يتماوج فوق صفحته (بَلَم) العاشقين
كل ذلك صار رماد الزمن الهامد
وموقد اليتامى المطفأ
لا شيء
إلا أحجار متفحمة
لعلها أجساد أولئك الغرقى الذين
رأيتهم يقاومون بالمجاذيف غضب الأنهار والعواصف والأمطار
وتئن تحت خطاهم القرى
وأنت بأذنيك الخارجتين عن نحول خديك
)تسمع الحصى يصلّ في القرار
والقرى تئن
وتسمع السحاب يشرب المطر(
ولا شيء بعدُ سوى العقم
غيمة عاقر.. بلا مطر
)ونار بلا لهب(
)طلق بلا ميلاد(
وشعر على شفة خرساء
ومقبرة
اهن القصيدة العربية: الوجود بالشعر ثلاثة بورتريهات شعرية | حاتم الصكر 2016-05-03
ثلاث مثابات تدل على الفقدان والبقية على وشك ..
ذلك أن الذاكرة حوض لأسماك الزينة والشبكة قُّدَتْ من حبال النسيان ،
ثمة في مخيلة الإصطياد لا أحد سوى الرمال والغرقى وتلك الرسائل العائمة / المسجونة في القناني / كأنها صرخة ( بالنيابة ) عن المُبْتَلين بحكمة اليابسة
الى المعتلين برهافة الماء …
ثلاث قصائد .. أو ثلاث مصائد .. ليس من فرق هناك
عندما يتعلق الأمر بالإجهاز على جمرة اللاشيء بمهارة رماد الأشياء …
مرحى لشاعريتك التي نهوى ونشتاق منذ أزمنة ومكان وكائنات …
مرحى للصكر الرائي حاتم الذي يعلمنا معجزة الخسارة بفوز كبير ..
مرحى دائماً …