الرئيسية |
أخبار |
الوطن الموحش في “لا مكان لا وطن” لعبد اللطيف بن أمينة | من عبد الحق دهشي
الوطن الموحش في “لا مكان لا وطن” لعبد اللطيف بن أمينة | من عبد الحق دهشي
من عبد الحق دهشي
إن النص الذي بين ايدينا يطرح مشكلة التجنيس لان الناقد يقف حائرا أمام هذا النص، فالأدوات النقدية لا يمكن أن تعسف الناقد في قراءة هذا النص. إن سؤال التجنيس بالنسبة للمبدع غير مفكر فيه، فعند قراءة هذا النص نلاحظ التقاء السرد، الحكاية، القصيدة الأسطورة، أو الشذرة الفلسفية.
أول ما تقع عليه أعيننا ونحن نطل على لوحة الغلاف هو :
-العنوان الذي كتب بلون الدم، والمبدع عبد اللطيف بن أمينة يعبر من خلاله عن رؤية متشائلة للوطن. وهو كطائر الفنيق حزين ومغترب داخل هدا الوطن.
لوحة الغلاف التي يغلب عليها اللون الأصفر والذي ينطوي على تيمة اليأس والموت اللذان يجثمان على الوطن.
يطرح الديوان أسئلة فلسفية ووجودية أهمها السؤال التالي : “أين المفر؟ الحصار في كل مكان” (ص91) وهو سؤال يهاجر بنا إلى نص أخر هو خطبة طارق بن زياد: “أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو أمامكم…”.
إن نص طارق ابن زياد ونصوص المبدع بن أمينة على الرغم من انطلاقهما من الصراع التاريخي الحضاري بالنسبة لنص طارق بن زياد والصراع الفكري الوجودي المتعلق بالحياة … بالنسبة لنصوص المبدع والتي تعبر عنه الأسئلة المؤرقة فإنهما يرتادان أرضا خصبة منفتحة على الابتكار والخلف في مجالات كثيرة بالنسبة للأندلس وعوالم الإبداع الرومانتيكي بالنسبة للمبدع والذي نستشفه من خلال النصوص.
العتبة :
أسوأ ما في الحياة ألا تجد ما تحلم به أو تتذكره أو تحن إليه” (ص6)
إن هده العتبة بوابة إلى عوالم نصوص “لا مكان لا وطن ” وهي تحمل كثيرا من اليأس وكثيرا من الألم الذي يعيشه المبدع محمد الماغوط وبالتالي المبدع عبد اللطيف بن أمينة.
سفر :
إذا عدنا إلى النصوص سنجدها عبارة عن سفر إلى عوالم الذات حيث عذرية الوجود الإنساني في علاقته بفظاعة الوطن حيث اللغة نابضة بالحياة ثارة .غاضبة قاسية ثارة أخرى.
إن أهمية النصوص تكمن في لغتها النثرية البسيطة ذات العذرية العميقة حيث تختبئ نصوص.
سؤال الموت سؤال الحياة :
وهو سؤال وجودي مضمن في ثنايا النصوص وهو المعبر عته بشكل جميل في المقطع التالي : ” بنفس الشعائرية الأليمة مثلما ضاع أبي تماما.
أضاجع الآن غباء الحياة ألهو قبالة الأبدية “(9)
صخرة سيزيف :
“اشعر كما لو كنت احمل كل عذابات البشر عبر قرون “(ص12)
سؤال العبث :
“وهو سؤال يحيلنا على رائد العبث صامويل بكيت””
انتظر؟ …..انتظر ماذا؟
هل يكن / ينبغي للمرء أن ينتظر نفسه
تختلف السياقات والدوافع والصدف
لكن هالة السؤال تظل نفسها ” (ص15)
العبث وزمن الغنائية :
إنه الليل
نفس الليل
دائما ليل أبدي وليلي…” ص 20
حيث يبدو المبدع حزينا فإلاه
البوهيمية :
حيث يعانق بن أمينة بوهيمية الوطن ليسافر عبر الذات الى لحظات حالمة.
أفترض ثمن وجبة المساء
وادردش في زاوية المقهى الى منتصف الليل
سأعزف واغني ” ص 17.
هذه اللحظات الحالمة تذكرنا ببعض قصائد الشاعر محمد مقصيدي .
العنفوان والوطن الموحش:
ويتمثل في حضور قصيدة نشيد الجسر لخليل حاوي
يعبرون الجسر في الصبح خفافا
أضلعي أمدت لهم جسرا وطيد
من كهوف الشرق
من مستنقع الشرق
إلى الشرق الجديد
في نص المبدع عبد اللطيف بن امينة الذي عبر الجسر /الجسور ، فوجد الوطن موحشا.
مشيت وعبرت كل الجسور
لم أجد شيئا
وجدت شبيهي يتكرر ” ص 42
يبقى الوطن منفى، أعزل وحالم ، يبقى الوطن: “اغتراب دائم ولا نهائي …” ص 54.
خاتمة:
أعتقد أن نصوص “لا مكان لا وطن” تجربة جديرة بالتأمل، نظرا للعمق الوجودي الفلسفي والجمالي الذي تتميز به. وهي تجربة تتجاوز الكتابات النمطية المتعارف عليها. كما تخلق حوارا مع نصوص غائبة ، هذا الحوار والتثاقف يضفي على النصوص عمقا وثراء جماليا.
تبقى نصوص المبدع عبد اللطيف بن أمينة حاملة لعذابات الرومانتيكية حيث “لا مكان لا وطن “.
2017-03-08