الموهوب | يونس أعب
يونس أعب
1
أهلا..، أدعى السيد “عبد القادر الموهوب” يمكنك أن تستغني عن السيد وتدعوني باسمي الكامل فقط كما أنه يمكنك أن تدعوني بأحد أسمائي، العائلي أو الشخصي، يمكنك أيضا أن لا تحدثني إطلاقا، حكايتي غريبة ولن تصدقها، أنا متأكد أنك لن تصدق، لكن هذا لا يعني أنك لست مهتما بمعرفة حكايتي.
مضت عدة أيام على ذلك الحدث الأليم الذي غير مسار حياتي كليا، في الخامس عشر من سبتمبر، تم تنفيذ حكم الإعدام في حقي، صراحة لم أفعل كل ما بوسعي لأنجو، لم أخبرهم أنني نادم، لم أكذب وأقول مثلا إنني لم أكن في كامل قواي العقلية حين حدث ما حدث..، كانت كل الأبواب مغلقة ما عدا باب واحد هو الإعدام، لم يكن أمامي في اللحظات الأخيرة سوى الاستسلام وإلا فإنني سأموت منهزما، فانتصرت عن طريق الاستسلام، أشعر الآن أنني انتصرت لأنني تحالفت مع الموت عوض أن أدخل معه في صراع، تحالفت مع الموت.
“الإعدام” خطأ شائع لأننا لا نستطيع تحويل شخص أو شيء من الوجود إلى العدم، يمكننا أن نخفيه عن الأنظار، يمكننا أن نقتل ونحرق الجثة لكن هذا أيضا لا ينبغي أن نسميه إعداما، هناك عدة أسباب تجعلنا نتوقف عن تسمية “تنفيذ حكم القتل” بالإعدام، لكن الجميع يسميه إعداما لذلك لا ينبغي أن نخرج عن الاصطلاح.
أتذكر ذلك الحدث الأليم بكل تفاصيله، في الخامس عشر من شهر سبتمبر تم إعدامي، عن طريق قطع رقبتي بحد السيف، كنت أفضل المقصلة لأنها تنهي كل شيء دفعة واحدة وبإتقان، لكن بما أنهم اختاروا السيف فقد كنت أعلق أملي على ذلك الشخص الذي سينفذ الحكم، أتمنى أن لا يكون رحيما فيضطر إلى الضرب مرة ثانية لأن الضربة الأولى لم تنه كل شيء، أريد ضربة قوية واحدة فقط أريد من رأسي أن يطير ويتدحرج..، عندما حانت لحظة الحسم انحنيت أمام منفذ الحكم الذي كان يحمل في يده سيفا ضخما حادا، كنت أعرف أن الضربة التي ستنهي حياتي آتية لا محالة، كنت متأكدا..، ما أصعب أن تكون على يقين أنك ستموت في الثواني القليلة القادمة، كل ثانية تمر قبيل قطع رأسي تبدو ثمينة جدا، لذلك فكرت في أن هناك شيئا يجب أن أفعله قبل أن أموت، أن تكون آخر صورة أتخيلها هي صورة زوجتي وابني، أنزل سيفك أيها الجلاد وخلصني، أنت لست سوى آلة أعرف أنك لن تشفق علي، ولن تولي أي اهتمام لرأسي وعنقي ولكل أولئك الذين تركتهم، سمعت صرخة تشبه صرخة لاعب التنس وهو يرسل الكرة إلى خصمه بقوة عن طريق المضرب، أو صرخة الحطاب وهو يغرز فأسه في جذع شجرة ضخمة، بعد ذلك ارتفعت فشاهدته يمسح السيف بمنديل أسود ويمسح العرق على جبينه بظهر يده، شاهدت الدماء منسكبة على الأرض، ارتفعت أكثر فشاهدت جثتي والرأس مفصول عنها، لقد صرت بلا جسد، من المحزن جدا أن يفقد المرء جسده، غادرت المكان الذي تم فيه تنفيذ الحكم، غادرت ذلك المكان الذي تخلصوا فيه من جسدي..، الآن، نظفوا المكان وادفنوا الجثة وأشفقوا علي إن شئتم أو لا تشفقوا، عبد القادر، كان على قيد الحياة قبيل أن يتم إعدامه، لكنه صار ميتا بعد أن تم إعدامه، أما أنا، بصفتي روح عبد القادر، قصته، إرادته، رغبته في العيش، فلا أزال حيا.
مضت بضعة أيام على ذلك الحدث الأليم، لا أعرف لماذا لا أزال هنا أجوب الشوارع وأزور منزلي (سابقا) وأحلق فوق أسطح المباني، لم أغادر عالم الأحياء حتى الآن، ولم ألتق بأي ميت، ابتعدت عن الجميع لأنني أسبب لهم الفزع أحيانا، أنا الآن في المقبرة، وبالضبط فوق قبري، صرت معتادا على المجيء إلى هنا ومراقبة جثتي وهي تنهار شيئا فشيئا، جئت اليوم بعد أن أزعجت ابني البالغ من عمره خمسة عشر سنة وزوجتي عن غير قصد، كنت شبحا في منزلي، بعد أن كنت أطمئنهما وأنا حي صرت أخيفهما وأنا ميت، من كان يتوقع أن يحدث مثل هذا، كنت أحب مشاهدتهما وهما يتناولان وجبة العشاء، لذلك لم أتغيب عن الحضور معهما في الثلاثة أيام الأخيرة، أجلس معهما حول المائدة وأشاهدهما والابتسامة مرسومة على ملامحي، لا يزالان حزينين لفقداني، أنا في نظر زوجتي ضحية تهور وغرور، ربما معها حق، ليس كوني مجرما سفاحا أو مختلا ذهنيا هو ما دفعني إلى الوقوع في ذلك المأزق، بل عشقي للرماية والقنص، بالطبع ليس هذا هو السبب الوحيد لكنه من بين أهم الأسباب، لقد شاركت في لعبة وخسرت، ثمن الخسارة كان هو الموت، دخلت في تحد ولم يكن بإمكاني أن أتراجع.
أثناء وجبة العشاء تحدث ابني متسائلا: “لا أزال أجهل السبب الذي دفع والدي إلى محاولة قتل رئيس الحكومة، ومن أعطاه السلاح، ومن وضع الخطة وهيأ الظروف المناسبة لمحاولة الاغتيال تلك، أنا متأكد أن هناك من يقف وراء كل هذا، كل من له علاقة بهذا يجب أن ينال جزاءه وليس والدي فقط، هل تعتقدين أنه استطاع، لوحده، أن يفعل كل هذا؟” قام من مكانه منزعجا، لا تزال زوجتي تصغي لكلماته وتنتبه إلى حركاته وتراقب ملامح وجهه، يبدو منزعجا غاضبا، أجابته: “لا تشغل بالك بكل تلك التفاصيل، من المؤكد أن كل الذين كانوا معه سينالون جزاءهم، كل ما علينا أن ندعو له بالرحمة والغفران..” استلقى على ظهره وأغمض عينيه، وبعد أن لاحظت زوجتي أنه نائم وضعت غطاء فوق جسده النحيف، عندها اقتربت أنا وهمست في أذنه: “أنا هنا معكم، لقد مات الجسد فقط..” لاحظت العرق على جبينه، أستطيع أن أتواصل معه وهو نائم، في حلمه شاهدني أدخل إلى البيت في وقت متأخر من الليل ومعي أكياس مليئة بمقتنيات مختلفة من مأكولات وألعاب ومجلات أطفال، قفز من شدة الفرحة وقال: “كنت أعرف أنك ستعود، كنت أعرف أنهم سيطلقون سراحك، علي أن أذهب لأخبر أمي إنها تعتقد أنك ميت..” أمسكته من ذراعه وطلبت منه أن لا يخبرها بزيارتي وأن يظل صامتا، أخبرته أيضا أنني ميت: “كل ما في الأمر أنني قمت بزيارتكم كشبح، أنا الآن لست كاملا، جسدي في المقبرة، الأموات لا يجب أن يقوموا بزيارة الأحياء حتى لا يزداد اشتياق بعضهم البعض، أنت الآن سعيد برؤيتي، أنا كذلك، لكن ستشعر بالفزع عند مغادرتي، سيصبح البيت موحشا مهجورا، وكل تلك الأماكن التي كنت فيها أثناء زيارتي هاته، ستصير مليئة برائحة الموت..” عندما أدرت له ظهري لأغادر، سألني: “لماذا أعدموك عوض أن يصدروا حكما أقل حدة؟ ولماذا لم ينل الآخرون الذين اشتركوا معك في الجريمة جزاءهم؟..” أجبت بشكل مختصر لأغادر بسرعة بعدما بدأت أشعر أن وجودي هنا خطأ: “ستعرف هذا عندما تكبر..” ارتفعت سرعة نبضات قلبه وبدأ يتنفس بسرعة ثم فتح عينيه، استيقظ فشعر بالفزع، كيف لا وهو قد حلم أنه جالس ميتا قبل قليل، لم يقم لينير المصباح، ولم يتجرأ على رفع صوته لينادي أمه، كل ما فعله هو أنه قام بتغطية رأسه، كان يتمنى أن ينام دون أن يرى وجهي ثانية، استيقظت زوجتي أيضا عندما أحست بوجودي في البيت، هي الأخرى عادت إلى النوم دون أن تغادر فراشها.
2
أشعلت شمعة فوق قبري، بالطبع لم يكن بإمكان الآخرين رؤيتها، قبيل الفجر، كنت أراقب حركة الشعلة وهي تتفاعل مع الريح الخفيفة وتظل صامدة، تبا للشمعة وشعلتها، استلقيت على ظهري أنظر إلى السماء، تسللت الدموع من عيني دون إذن مني، لقد فشلت، أنا عبد القادر الموهوب الذي رفع علم بلاده وتوج بطلا عالميا أكثر من مرة وحطم أرقاما قياسية، أنا عبد القادر البطل العالمي في الرماية بالخرطوش، أنا ذلك الرامي المحترف الذي لا يرضى بالانهزام ويتخذه الهواة والمبتدئون نموذجا، كم مرة ظهر هاوي رماية على شاشة التلفاز يقول: “أريد أن أصبح مثل عبد القادر الموهوب” لا أتذكر كم عدد المرات بالضبط لكنني سمعت مثل هذا الكلام مرات عديدة، الآن خيبت أمل كل أولئك، سيندمون لأنهم اتخذوني نموذجا، سيحزنون كثيرا، بعضهم غضبا مني وبعضهم تضامنا معي لأن الحكم كان قاسيا، يا للأسف.. ذلك الحقير الذي اعتقدنا أنه بطل صار مجرد مجرم قاتل سفاح، هكذا سيقولون، سينتزعون صوري المعلقة في جدران بيوتهم ويحرقونها.
أما أنا فأشعر بالحزن والغضب والرغبة في البكاء لأنني خسرت، لأنني لم أنجح في الرهان، لأنني لم أنجح في قتل رئيس الحكومة، لم يكن بيني وبينه أية علاقة، لا أهتم بأمور السياسة إطلاقا ولا أتواصل مع السياسيين الكبار، لكن صدقوني، كان أصعب رهان في حياتي وأصعب تحد خضته منذ بدأت مشواري الرياضي، كان هذا هو التحدي الأخير، الفوز أو الموت، لست نادما على محاولة قنص رئيس الحكومة، أنا نادم لأنني صوبت الرصاصة في اتجاه القلب عوض الرأس، لو سددت نحو الرأس لن يكون لحركته أي تأثير لأنه لم يتحرك عموديا بل استدار فاخترقت الرصاصة ذراعه عوض القلب، بعد ذلك عمت الفوضى الشارع وبدأت أطلق الرصاصات الواحدة تلو الأخرى، كنت غاضبا، كنت أقصف أهداف أخرى وأصيبها، مثل رجل أصلع، كان رأسه يلمع تحت أشعة الشمس، سددت نحو رأسه وأصبته فسقط مباشرة، السيد الرئيس اختفى، هل يعني هذا أنني فشلت؟ كدت ألقي بنفسي من فوق البناية التي كنت أسدد من خلالها، لكن حبي للرماية دفعني إلى الاستمرار في القنص، عندما شاهدت فتاة رشيقة ما حدث للرجل الأصلع صرخت ورفعت رأسها في الاتجاه الذي جاءت منه الرصاصة التي اخترقت الرأس اللامع، أرسلت رصاصة أخرى في اتجاه فمها، كنت أستمتع باللعب..، بعد أن قتلت ما لا يقل عن ستة أشخاص في دقيقة واحدة، تم تحديد موقعي واعتقالي بعد أن قتلت شرطيا.
لقد كنت فاشلا، ندمت ندما شديدا بعد ذلك وكنت أوبخ نفسي متسائلا: لماذا لم أصوب نحو الرأس عوض القلب؟ على الأقل كنت سأربح الرهان إضافة إلى ملايين الدراهم، كنت سأغادر سطح العمارة قبل أن تصل الشرطة، كنت سأركب السيارة الحمراء التي كانت ستقودني إلى بر الأمان كما كان مخططا، وسيتم إرسال ستة ملايين درهم إلى رصيدي بمجرد أن يتم الإعلان عن نبأ اغتيال الرئيس، لكن قدري طلب من هدفي أن يتحرك في اللحظة التي حركت فيها أصبعي وضغطت على الزناد، لقد كانت حركة غير متوقعة، ثم اختفى السيد الرئيس قبل أن أعيد المحاولة، لم يكن بإمكاني في هذه اللحظة أن أستعمل السيارة الحمراء، لأن الشرط الوحيد لاستعمالها كان هو إصابة الهدف في الطلقة الأولى، تذكرت كلمات صاحب الشعر الأشقر الناعم والأسنان الداكنة ربما بسبب التدخين: “إذا لم تكن متأكدا من أنك تمكنت من قتل الهدف، فمن الأفضل لك أن تلقي بنفسك من فوق المبنى ” ضحك ساخرا ثم استأنف حديثه: “كنت أمزح..، إذا فشلت في قتل رئيس الحكومة، أو شككت في أن الشرطة تتبعك فلا تركب السيارة الحمراء..”
صاحب الشعر الأشقر والأسنان الداكنة وسيارة “المازيراتي”، نصحته أن لا يضحك، فضحك بسبب نصيحتي، ثم طلبت منه أن لا يضحك ثانية بشكل جدي لأن أسنانه تجعلني أتقزز، التقينا في الحانة، شربنا كثيرا على حسابه، سألته عن اسمه مرات عديدة لكنه رفض أن يجيبني، وطلب مني أن أختار له اسما، أما هو فقد كان يعرف اسمي لأنه كان من المهتمين والمتابعين لرياضة الرماية، صبيحة ذلك اليوم اتصل بي من رقم مجهول: “عبد القادر الموهوب؟” – “نعم..، هو هذا..” – “أعتذر إن اتصلت في وقت غير مناسب، أنا أحد محبي رياضة الرماية، أهنئك على موهبتك الفذة.” – “شكرا..، هذا كل شيء؟” – “لا..، ليس هذا كل شيء أريد أن نتعارف أكثر، أريد أن أصبح صديقك، هناك موضوع مهم أريد أن أناقشه معك باعتبارك موهوبا في فن الرماية، إذا وافقت على طلب الصداقة هذا ستجدني هذا المساء أنتظرك في أقرب حانة إلى منزلك..، سأكون جالسا في الركن مرتديا نظارات شمسية..” وافقت فورا..، وفي المساء قبلت طلب صداقة ذلك السيد الذي أيقظني اتصاله صبيحة ذلك اليوم، تحدثنا طويلا واتفقنا على الخطة التي عن طريقها سأخوض التحدي وأقوم بعملية القنص، اتفقنا على كل التفاصيل، لكنه كان حريصا على أن لا أعرف عن حياته الخاصة أي شيء، وفي الأخير نصحته أن يهتم بأسنانه، لم أكن أعرف أن الأثرياء يمكن أن تتلوث أسنانهم هكذا، بعدها غادرت الحانة بخطوات غير ثابتة وكلي أمل في أن أنجح.
مضت ستة أشهر بعد ذلك الحادث، أمضيتها بين السجن وجلسات المحاكمة، كنت عدوانيا، الجميع يعلم ما معنى أن تختفي ملايين الدراهم فجأة من أمامي وأصبح، عوض أن أكون مليونير، أصبح مدانا بتهمة محاولة اغتيال رئيس الحكومة وقتل سبعة أشخاص عمدا من بينهم شرطي أثناء قيامه بواجبه، الجميع يعلم ما معنى كل هذا إنها الكارثة بعينها، قاموا باستجوابي أكثر من مرة لأعترف بكل شيء، من ساعدني في محاولة الاغتيال؟ من يمولني؟ من يقف ورائي؟ من هم الآخرون الذين يريدون قتل رئيس الحكومة؟ كل تلك الأسئلة البوليسية تلقيتها مبتسما، كل تلك اللكمات والصفعات البوليسية تلقيتها بصدر رحب، توقعت كل هذا منذ فشلي في إصابة الهدف، بل منذ اتفقت مع صاحب الشعر الأشقر على إنجاز المهمة..، اعترفت بكل شيء، ووصفت لهم صاحب الأسنان الداكنة الذي جالسته في الحانة ورفض أن يطلعني على حياته الخاصة، وصفت أيضا سيارته المتميزة، لم تكن معلوماتي حوله كافي للعثور عليه، أما شكله الخارجي وسيارته فهي مظاهر خارجية قابلة للتغيير ولا يمكن لوصفها أن يساعدهم في العثور عليه، واعترفت بأن من الممكن أن أفعل مثل هذا مرات أخرى لأنني أعشق التحدي..، صرت أكثر عدوانية في السجن بدأت أكره الجميع ما عدا زوجتي وابني، يأتيان أحيانا لزيارتي، “لماذا فعلت ذلك؟ لم تكن في حاجة إلى هذا التحدي المجنون..” كانت هذه من بين كلمات زوجتي الكثيرة التي لا تخرج عن إطار التوبيخ والتأنيب وكأن هذا سيغير أشياء قد حدثت فعلا..، كانت تحاول توكيل محامين جيدين، كانت تتمنى وتدعو الله أن يتم تخفيف العقوبة إلى أدنى حد ممكن، أما أنا فلم أكن أبالي، لقد فشلت، وكان من الواضح انني لن أعانق الحرية ثانية، كنت أعرف أن كل شيء انتهى منذ أن تحرك رئيس الحكومة، كان احتمال أن ينتهي كل شيء قويا منذ أن قبلت التحدي.
لا أزال بالقرب من قبري، في الفجر، انطفأت الشمعة وأشرقت الشمس، فجأة رأيت رئيس الحكومة مع أعضاء حزبه والمنتمين إليه، يتقدمون من بعيد نحو المقبرة، تبعه زعماء الأحزاب الأخرى رأيت بعض المعارضين أيضا، فجأة يظهر صاحب الشعر الأشقر والأسنان الداكنة، تظهر زوجتي ممسكة بيد ابني، كل الذين أعرفهم ظهروا فجأة من بعيد يزحفون نحو المقبرة في مسيرة جماعية، كانوا يحملون أكياس كبيرة، لقد تحالفوا جميعا ضدي، أو ربما جاءوا لزيارتي.
التزمت الصمت والهدوء حتى وصلوا، اكتشفت أخيرا سبب قدومهم عندما فتحوا الأكياس وأخرجوا منها المعاول والفؤوس وبدأوا يحفرون، في جو كئيب، كانوا يحفرون قبورا، مئات القبور، آلاف القبور، كان العدد يتزايد بسرعة، يقتل أحدهم الآخر فيدفنه بعد القتل مباشرة، لسوء الحظ كان قبر زوجتي بعيدا عن قبري وقبر إسماعيل بعيدا عنا نحن الاثنين، يبدو منظرا تراجيديا مرعبا، قتل ودفن في جو هادئ، كنت أتساءل من سيدفن آخر ميت.
والآن وداعا، سأذهب للموت، كدت أنسى أنني ميت.
الإعدام الموهوب | يونس أعب يونس أعب 2016-09-02