الفن والبيئة في أعمال الفنانة آسيا جلاب | محمد سعود
محمد سعود
أسيا جلاب
الفنانة آسيا جلاب من الفنانات اللواتي راكمن تجربة مهمة في الحركة التشكيلية في المغرب، وبعد سلسلة من المعارض التي شاركت فيها في المغرب وفرنسا وهولندا وإسبانيا وتونس ومصر والعراق ولبنان نظمت معرضا فرديا لأعمالها الفنية بدعم من وزارة الثقافة تحت عنوان “الفن في خدمة كوكب الأرض ” برواق فضاء 2 مارس بمدينة الدار البيضاء ابتداء من 7 نونبر وإلى غاية يوم 18 من نفس الشهر، وذلك على هامش المؤتمر الدولي للمناخ، وقد حضر المعرض نخبة من الفنانين المغاربة والمهتمين بالشأن الفني، وتميزت أعمالها المعروضة بتوظيف خامات متنوعة من الطبيعة قامت بلصقها على سند خشبي ليتلاءم مع موضوع المعرض الذي اشتغلت عليه، كما وظفت عناصر أخرى مضادة للطبيعة لتبرز مدى ما تتعرض له الطبيعة من دمار، ومن بين هذه العناصر قطع من الطوبياء المستعملة في البناء لتبرز الزحف العمراني وكانت هي المدخل إلى قاعة العرض، وآلة للهرس للدلالة على السحق الذي تتعرض له الطبيعة، إضافة إلى عناصر أخرى تتماسك تارة على سند مسطح وتتنافر أحيانا في ما بينها دون سند لتقف منتصبة في الفضاء، وحاولت استحضار العناصر الأساس لمكونات الطبيعة من ماء وهواء وتراب دون مباشرة لتترك للمتلقي فسحة في التأمل والقراءة المتأنية للتعامل مع المرئي واللامرئي.
أنقذوا الأرض
ويمكن أن نلمس عنصر الماء في مزهرية يطفو عليهما طائران نافقان فوق بقعة مائية سوداء ، و وظفت الهواء في قطعة القماش المتشحة بالسواد في عملها “كشف القناع عن الأيادي الشريرة” .
أيادي الشر
ويأتي هذا المعرض الذي تميز بتغيير في أسلوب اشتغال الفنانة المغربية آسيا جلاب كتتمة لمعارضها السابقة التي كانت تولي فيها أهمية كبرى للبيئة خاصة في أعمالها الأولى التي كانت اللوحة ببعديها الأفقي والعمودي حاضرة بقوة فيها ، أما في هذا المعرض فقد حاولت المزاوجة بين اللوحة والإنشاءات الجماليات والتركيبات وفن الاستعادة، ولذلك تميز بتنوع كبير، حيث لازمت بعض الأعمال الجدران وأخرى غادرتها لتبقى منتصبة في فضاء القاعة وخارجها، وحرصت بقوة على توزيع هذه الأعمال داخل قاعة العرض حسب نوعية الاشتغال، كما تجاوزت الأعمال الفنية قاعة العرض لتخلق نوعا من الامتداد المكاني وزحفا فنيا مضادا لتسائل زوار المعرض وأيضا المارة على جنبات رصيف الرواق عن طبيعة هذه الأعمال المعروضة وعن علاقتهم بالطبيعة التي هي محور هذا العرض.
وكان للعناوين التي اختارتها الفنانة بدقة دور كبير في الإمساك بمفاتيح قراءة أعمالها الفنية . حيث تميزت الكلمات التي شكلت هذه العناوين بنوع من التورية ومشاغبة الذاكرة .
2016-11-19