الرئيسية | سرديات | العاشقة: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

العاشقة: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

حنان الدرقاوي

 

كان اسمها ” لامورو” أي العاشق وكانت مقيمة في مستشفى إسكيرول للأمراض العقلية بباريس. اسمها الأصلي هو الضباشي حليمة. تزوجت من السيد لامورو الذي مات منذ سنوات واحتفظت باسمه. كانت تقف طيلة النهار قرب الباب الحديدي. تقول لمن يمر من قربها ” حبيبي سيأتي هذا المساء’ سيعود من الجندية وسنتزوج”.

حدثني المرضى الآخرون أنها لاتفعل شيئا آخرا غير الإنتظار. اقتربت منها وتحادثنا وحاولت أن أفهم قصتها ومن يكون الحبيب المنتظر.

حدثتني أنها ولدت وعاشت في بركان. انتقلت للعيش مع أبيها الذي كان يشتغل في معمل السيارات رونو بالنورماندي. كان عمرها خمسة عشر سنة. خلال عيشها في بركان كانت قد تعرفت على شاب وسيم, إسمه حمزة, أحبته وأحبها. لم يجد عملا في بركان وقرر الإلتحاق بالعسكر. ساعده قريب له في إدماجه بثكنة بأسا الزاغ بالصحراء المغربية.

كان شجاعا ولم يكن يخاف من المواجهة مع البوليساريو. حين يعود إلى بركان يحدثها عن قتاله في الجبهة. تمت ترقيته بسرعة إلى أجودان شاف. جاء إلى زيارة أسرته والتقيا في شقة لأحد أصدقاءه.

كان حنونا وطيبا. ظل يعانقها طيلة الساعات التي قضتها معه. خافت أن يطلب منها الجنس لكنه أكد لها أنه يحبها لشخصها, لروحها ولكل ما تمثله من آمال بالنسبة له. وعدها بالتقدم لخطبتها في العطلة القادمة.  انتظرت العطلة بشوق ولهفة. جاءت العطلة ولم يعد حمزة لا بل عاد محمولا في نعش. مات في غارة. مات من أجل قطعة أرض سيعود ريعها على الأغنياء.

انهارت حليمة, صارت تبكي كل يم. أخبرت أمها عن حقيقة الأمر. قررت أمها بعد تلك الحادثة الالتحاق بزوجها في فرنسا. اندمجت حليمة, درست واشتغلت محاسبة في شركة صغيرة. تعرفت إلى مدير الشركة السيد لامورو. أحبا بعضهما وتزوجا. لم ينجبا بسبب عقم حليمة. تلقت خبر عقمها كصاعقة. كانت تريد ولدا تسميه حمزة لكي تنطق الاسم المعشوق على الدوام.

استمرت حياتها الزوجية عشر سنوات من الأمان والحب والاحترام إلى أن اكتشفت أن زوجها يخونها مع أعز  صديقاتها. واجهته بالأمر وتخاصما بعنف. أخذ السيارة , ساق بجنون ومات في حادثة سير يومها. أحست بالذنب فلو لم تخاصمه لما أخذ السيارة. كان يمكن أن تعيش لولا غيرتها الشديدة. دخلت في حالة اكتئاب, صارت تبكي طيلة اليوم ولم تعد تغادر سريرها. أدخلتها أختها إلى المستشفى وهناك شخصوا لها مرض الاكتئاب. واجهت في البداية قبل أن تستسلم نهائيا وتتأكد أنها لاتجلب غير الدمار أينما حلت. مات حبيبها ومات زوجها.

كانت تحكي لي وهي تنظر للساعة. دقت الساعة الثامنة. انصرفت للأكل وقالت وهي تغيب في الممر الضيق” لم يأت اليوم لكنه سيأتي غدا، حمزة سيأتي أعرف ذلك وعدني بذلك لولا حروب العبث”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.