عبد العزيز جدير
نشر الأستاذ الروائي مبارك ربيع رواية تحمل العنوان ذاته لرواية نشرناها قبل عشر سنوات. ولما أثير حديث حول الأمر، خاصة لما نشر “صحافي” مقالة حول رواية الاستاذ مبارك ربيع، وضبطه صاحب المقالة الأصلية (عبد الواحد كفيح) متلبسا بسرقة المضمون، أشار الأستاذ مبارك ربيع، في حوار معه بجريدة “الصباح”، إلى أنه لم يكن يعلم بالخبر. ولما كنا نعلم أنه كان يعلم؛ أردنا تنوير من ساءلنا في الأمر.. وهو أمر أقدم عليه على مضض.
بعثت بهذا التوضيح للزميل عزيز المجدوب (جريدة “الصباح”) الذي حاور الأستاذ مبارك ربيع، وطرح عليه السؤال مبعث هذا الرد وذلك يوم (24) من شهر يناير. |
وتحدثنا عبر الهاتف ست مرات، وظل يؤكد خلال كل مكالمة أن الرد سينشر بعد يوم أو يومين.. وكانت آخر مرة يوم أعلن عن اللائحة القصيرة لجائزة البوكر. وقال لي: رغم تأخير النشر، فالمناسبة أنسب!! وما نشر الرد، ولو أن الزميل يعرف أن هذا الأمر حق.. وأفتى بعض الأصدقاء بنشر الرد عبر هذه الواسطة.. فهي لم يتم خوصصتها بعد.. ولا بد أن أشكر من أبدع هذا السبيل للنشر، وجعله مجانا. وأسأل زميلنا الأرضى ما سبب رفض النشر (بعد قرابة الشهر من تسلم المادة؟ أذكر كلمة للراحل خالد مشبال “أخطر ما يصيب الصحافة هو نشر “الخليع”، المواد “المُخَلَّعة””، وقانا الله من الخليع ومضاره في زمن الوباء.. وفقدان النزاهة، كان يضيف..
مبارك ربيع في مهب “غرب المتوسط”
نشر عبد العزيز جدير سنة (2008) رواية بعنوان “غرب المتوسط”، ونشر الروائي مبارك ربيع رواية عنوانها “غرب المتوسط”، سنة (2018). ويمكن لكل إنسان نبيه أن يلاحظ أن مبارك اختار اسم رواية نشرت من قبل، أي نشرت منذ عشر سنوات. ويمكن لذات الانسان النبيه أن يلاحظ أن الروايتين قد صدرتا في بلد واحد، وقد يستحيل أن لا يسمع الثاني بخبر الصدور، وهناك مقالات كتبت ونشرت في جرائد ورقية ومواقع الكترونية (نذكر منها ما كتبه الأدباء الأعزاء: محمد معتصم، والحبيب الدايم ربي، وعبد الواحد كفيح مثلا).. “مَا عْلاَنَا”..
-
“البوراق”
ما كان جدير يريد أن يلتفت إلى السي مبارك، ولا يعير فعلته اهتماما. لكن “كتابة” صحافي مقالة عن رواية السي مبارك بحركة “بُورَاقِية” فائقة السرعة استجابة لنداء تفوح منه رائحة المسابقة على الجائزة، جعله (الصحافي) يسقط في بعض ما سقط فيه السي مبارك، وهو احتياز شيئ ليس من صنيعه، بكمية أكبر من الروائي، و”سرقة” مضمون “المقالة” من مقالة كتبها الروائي كفيح. كتبها عن رواية جدير. وفضح كفيح اللص (والشاعر محمد مقصيدي الطرفين معا)، فلفت انتباه القراء (أساتذة، وطلبة، وكتاباً..) إلى فعلة الروائي السي مبارك وصب عليه كثير منهم جام نقده، في حملة على وسائل التواصل الاجتماعي. بل واستهجن كثير منهم فعلته وذكر بسوابق من طبيعة مختلفة. ولكي يبعد السي مبارك عنه “الفضيحة” لجأ إلى محاورة جريدة “الصباح” المغربية، وقال كلاما يخلو من منطق، ذلك ما جعل جدير يلتفت إلى فعلة الروائي كما سيتبين من السطور التالية…
فلِم كلف جدير النفس اقتراف هذا التوضيح، وهل صدق السي مبارك القول (إنه لم يكن يعلم بوجود الرواية) أم كذب؟
2.”لا أناقشك”:
في نص لجدير يصدر بعد أسابيع، عن حياة وفكر الفيلسوف محمود أمين العالم، بعنوان “محمود أمين العالم: شغب الفكر والحياة” يستعيد محمود ما حدث له ولصديق عمره، عبد العظيم أنيس، مع الكبير حقا عباس العقاد. قال عنهما: “أنا لا أناقشهما وإنما أضبطهما: إنهما شيوعيان“. في سياق الضبط نفسه، مع وجود الفارق، يقول له جدير: “إني لا أناقشك، وإنما ضبطتك يا مبارك ربيع، إنك كذاب”. وهذا دليلي على ذلك.
أ/ الدواعي:
ومن الأسباب التي دفعت جدير إلى الرد على زعم السي مبارك:
-
الكذب البراح: صرح السي مبارك لجريدة “الصباح” حين سأله الزميل الصحافي عزيز المجدوب:
“يطرح عنوان روايتك “غرب المتوسط” قضية تناص مع عنوان لرواية بالاسم نفسه للكاتب المغربي عبد العزيز جدير.. هل كنت على علم بالمسألة؟”
رد “الروائي المكرس” كما نعته الزميل الصحافي: “لا، لم أكن على علم”. وهو ما يؤكد أن السي مبارك يمارس الكذب البراح من دون حاجة إلى ذلك. فكم حاجة قضيناها.. دليل ذلك أن “الروائي المكرس” حمل، قبل سنة، مسودة إلى ناشر بمدينة الدار البيضاء لنشرها طبعا. بعد اطلاع الناشر عليها رفض نشرها. ومن مبررات رفض النشر أن الناشر قال “للروائي المكرس” “توجد رواية صدرت منذ سنوات تحمل العنوان ذاته “غرب المتوسط” لفلان”. رد “الروائي المكرس”: “لا علم لي بذلك […]”. وكان هناك مبرر آخر لا مجال لذكره.. “ومهما تكن عند امرئ من خليقة، وإن خالها تخفى على الناس تعلم”، ذلك ما قاله حكيم ما قبل عصر الاسلام. ولذلك بعث السي مبارك بالرواية إلى الشرق. ولعل رد الروائي على الناشر يذكرنا بقول اليساري المغربي في لحظة قلق وجودي: “إن كنت لا تعلم فتلك مصيبة، وإن كنت تعلم فالمصيبة أعظم”. أما أنت السي مبارك فتعلم. وها قد قدمت الدليل الأول. وها هو الثاني، “يَدُّو في يد خُوه”.
-
أذكرك السي مبارك، لأنعش ذاكرتك لعلك تعترف لنفسك بأنك كذبت من دون حاجة إلى ذلك، وأنا أضبطك للمرة الثانية تفعل ذلك. أذكرك أننا التقينا صيف سنة (2017) بمدينة أصيلا خلال موسمها الثقافي. ومشينا، أنا وأنت والروائي الكويتي طالب الرفاعي، خُطوات تفصل ما بين مركز الحسن الثاني للندوات وقصر الريسوني […] ولما جلسنا هناك، وظللت تتحدث إلى طالب الرفاعي، سألك ذات لحظة: هل تعرف الأستاذ جدير؟ إنه يكتب، وكان يشتغل بإذاعة طنجة، ويقدم برنامجا أدبيا.
افتعلت أنك لا تعرفني، أو أنك تسأل الذاكرة.. والله علام ما بالصدور.. فانتهزت المناسبة وعرفت بنفسي وقلت لك: نشرت كذا، وكذا.. وحاورتك أكثر من مرة على أمواج الإذاعة، ودعوتك للقاء مع التلاميذ.. وقلتُ لك أيضا كتبت أكثر من رواية، ونشرت واحدة عنوانها “غرب المتوسط” لأن ما يمارس من قمع حريات في الشرق كان له نظير غرب المتوسط: المغرب العربي الأمازيغي..
-
وقد أشير إلى تحريض كثير من الأصدقاء والمعارف للرد لأنهم رأوا في فعلك، وجوابك نوعا من الاستهانة بالمعرفة، أنتَ الذي قضيت بعض العمر في خدمتها. وخاصة أن بعضهم كان على علم بمعرفتك بوجود رواية بالعنوان ذاته من يوم محاولة نشرك روايتك بالمغرب.. فالأخبار كالمعاني مطروحة على الطريق..
-
والتناص…
السي مبارك زميلي في مدرسة بالبيضاء حاولت أن أذكره بها فأنكر، ثم أصر، فيالإنكار. زربما نسي حكمة الشاغر الجاهلي التي أطال الأستاذ الباقر في شرحها. في حصة الأدب الجاهلي التي كانتت تاتي عشية كل أربعاء، على ما أذكر، إذا لم تخني الذاكرة، لعل ذاكرة السي مبارك أكثر من ذاكرتي الخاملة. محوت من ذاكرتي عمداً كل شبيه للسي مبارك الذي لم يكن يعتبر يومذاك تلميذاً نجيباً يشار إليه يالبنان، كان مجرد إنسان بسيط بكل ما يحمله من سمات الإنسان القادم من ضواحيى المدينة.