ناصر السوسي
” إنها البرمجة العصبية !!! “
قدم لنا نفسه، أنا وصديقي بصفته ” كوتش” ، ومحللا نفسانيا، ومعالجا واستشاريا و..و..و… إلخ ، إلخ في دعوته لنا كي نحضر عرضا “تكوينيا “. قبلنا الدعوة بدافع الفضول و غاية في استكشاف ما يقال، إنه “كوتشينغ ” و ” تنمية ذاتية “.
ألقى “الاستشاري” عرضه مزهوا ومعتدا بنفسه. دخل في الكلام كمجذوب ولم يخرج. بحثنا عنه وسط ركام من المصطلحات فلم نعثر له على أثر . اعتصرنا سحايا دماغينا بلا فائدة. كلام من هنا ومفهومات من هناك. كان كحاطب ليل : نيتشه … هيغل… دبكارت… فرويد.. أرسطو… الكوسمولوجيا… الاستقصات… الفقي… القرضاوي.. .”علم النفس الإسلامي ” .. سيكولوجيا مرضية … مضادات الاكتئاب …
أنهى مداخلته بدون أن ينهيها. خرجت وصديقي من الحصة بصداع نصفي فظيع حينما أملى على سامعيه الفقرة التالية:
“إن النظريات و الأفكار الجديدة التي طرحتها عليكم أيها المتدربون تفند ما فندت لتعيد اجترار ما فند في تسلسل تكراري ..”.
-سألني صديقي وهو يدخن بشراهة : إنني لم أفهم مقصوده من العبارة الأخيرة. أجبته : ” لا عليك .ستفهم . إنها البرمجة العصبية يا عزيزي !!! والكوتشبنغ ستتعلمه في ظرف خمسة أيام .!!!”
التنمية الذاتية عند بعض محترفي فن ” الدخول و الخروج ” في الكلام قد لا تتجاوز المدة الزمنية التي صرح بها الأستاذ الفاضل ، فالبعض منهم يقدم نظريات التعلم كلفت أصحابها سنوات عجاف في حصة لا يتجاوز مداها الزمني أربع ساعات .
إنه زمن الرويبدات.