اختفاء | حمدان عطية – مصر
حمدان عطية
في نفس الوقت الذي سافر فيه للخارج لأداء مهمة عاجلة ستغير حياته بالكامل حيث ينهي صفقة العمر مع عميل أجنبي، كانت النملة التي تعيش بحديقة منزله تحوم حول قطعة السكر التي سقطت من طبق ابنته وهي تتشمس في صباح مشرق، فاوض العميل وعاد لفندقه حتى يستريح بعض الوقت ويستكمل العمل، مضت النملة مُسرعة لشق عميق وعادت بسرب من زميلاتها، البنت أنهت طبق الحلوى وقامت تتمطى وحركت قدميها حركات سريعة ولفت حول مقعدها لفة سريعة فأسرع سرب النمل عائدا لشقه.
انزوت النملة التي اكتشفت قطعة السكر بجوار أحد الأحجار ترقب هدوء ما، حملت البنت طبق الحلوى الفارغ ومضت تتذكر والدها المسافر؛ تحب حضنه الصباحي عندما يصحو ليشاهد الشروق، همّت النملة فدارت دورتين حول قطعة السكر فوجدت بعض أجزائها ملقاة بالقرب منها، انثنت وتكوّرت فحملتها ومضت، الأب أنهى مفاوضاته وحصل على عقوده ومستحقاته، ترتسم بخياله آفاق جديدة سيكتشفها، وبلاد سيزورها، لم يبت ليلته حجز تذكرة العودة، يشعر بخفة، نجاحه السريع ملأه إحساسا بأنه يستطيع عمل الكثير، هبت ريح على حديقة منزله فتطايرت بعض أوراق ذابلة من شجرة التوت فسقطت بالقرب من النملة، تعثرت وسقطت قطعة السكر فتفتتت بعض أجزائها، دارت حولها دورتين حتى اختارت أكبرها وعاودت السير، الأب صعد الطائرة خفيفا وجلس بالكرسي المطل على الشباك يحس أنه امتلك العالم، وضعت البنت طبق الحلوى الفارغ بسلة المهملات وخرجت مسرعة تجري كعادتها حول الحديقة كل صباح فسحقت النملة وحمولتها، كانت الطائرة التي يركبها الأب تعبر مياه المتوسط والفضائيات أذاعت اختفاءها في ظروف غامضة!
2016-08-05