أنا قصيدتي وقصيدتي ليست أنا | محمد مقصيدي

محمد مقصيدي:

الشعر نحن عندما لا نكون نحن نحن، الشعر ليس قيمة أخلاقية، ليس جوهرا، والشعر ليس حالة. الشعر ليس شيئا، وهذا يجعل منه كل شيء. هل الشعر كلمات؟ لا أعتقد ذلك. الشعر هو الله؟ لا أعتقد ذلك. الشعر؟ إنني أتوجس منه. إنه يرعبني. أنا أكتب الشعر ، ربما. لكنني ما زلت لا أعرفه. لا أحبه ولا أكرهه. هو كائن بلا مادة، لكنه المادة كلها. ماذا تريدني أن أقول؟ الشعر هو كل شيء ولاشيء. لماذا نكتب الشعر؟ هذا أمر آخر. أكتبه لأنني لا أوجد إلا بجانبه رغم أنني لا أعرفه. هذا غريب، لكنه حقيقي. الشعر؟ إنه يؤلمني ورغم ذلك أحبه وسأحبه دائما.

الشعر ليس الكلمات أو البناء أو اللغة، إنه حياة خارج الحياة، إنه الموت خارج الموت، الشعر يبدأ عندما ينتهي تاريخ الشعر، الشعر يبدأ عندما تنتهي النهايات.

الشعر لا يوجد إلا في المكان الذي يختفي فيه كل خطوط البدايات والنهايات.

الكلمات لا معنى لها، ولا الصورة، ولا المخيلة ولا الخيال.

الشعر معناه في أنه لا معنى له في إطار المعنى المتداول.

إننا نكتب الشعر ليس لأننا نريد أن نكتب الشعر أو كما قال بعض المتكلمين من الشعراء أن الشعر اختارنا. إننا نكتب لأننا نكتب لا أقل ولا أكثر.

أنا أحب الكلمات وأعتقد أنها تبادلني نفس الحب وهذا يكفيني.

لا ينبغي للشاعر أن يكون مثقفا، لكنه يجب أن يكون مؤمنا بديانة الجمال والحب. أعتقد أن ركائز الشعر هي الجمال والحب وعكازه التاريخ والفلسفة.

أنا لست شاعرا، ولا أعتبر نفسي شاعرا، أعتبر نفسي باحثا عن الجمال ومعنى الحياة، وإن بدرت مني بعض الكلمات أو بعض النصوص فإنني أعتبرها نتيجة صغيرة لما وقع بعد الانفجار الكبير. أعتبرها انفجارا صغيرا في إطار الانفجار المتسلسل الذي لا نهاية له.

القصيدة عالم صغير يسكنه مجموعة من المجانين، يكتبها مجنون ويؤمن بها ويسكنها مجانين خارج قواعد الواقع

من مقومات القصيدة أنها خارج التاريخ، ليس قبله وليس بعده، بل في حالتها وفي زمنها، لا أعني الزمن الفيزيائي. بل في زمن المتلقي الذي يضع مسافة بينه وبين الوجود.

قد أبدو مثاليا، أو ميتافيزيقيا لكن القصيدة لها عالمها الخاص ومجراتها الخاصة. إنها ذلك المجهول الذي نبحث عنه، وربما قد نلمسها وذلك أقصى ما يمكن أن يحدث. قد نتخيل أننا نلمسها لكننا في كثير من الأحيان لا نفعل سوى أن نلمس موجات انعكاسها على مرآة الماء.