أمضغني جيدا | عبد الجليل ولد حموية
عبد الجليل ولد حموية
ألكُ نفسي
أمضغني جيدا
فتتملكني حمى الرسالة
أهربُ، أركضُ، أهوي مقرفصا،
أطيرُ بأجنحة من مسحوق تجميل
وحيداً بين ثلاثة أقنعة
كلما وقفتُ استشف الغيب
حاصرني الحوار بمعاول الغيم
يقول القناع الأول:
أنت الموظف التعيس
لا وجود لك إلا بمُرتبك
قل سيدي للخيال في الصورة
قبل أن تتشكل النياشين عقاربا تخنقك
يقول القناع الثاني:
أنت الطالب تبحث عن الحقيقة
في شفاه علمية التكوين
قَبِّل الظواهر بلا احساس
وانفث أحمر الشفاه
في الكراسة
يقول القناع الثالث:
أنت الكاتب
تمهل قبل الكتابة
تلحف جلباب القوادة
وامسح بلسانك العار
العالق بعباءة الجرذان
كي تفوز بـعازل طبي
وتنجب أبناءً مقبولين في الجوائز
تقيأتهُم مثل قطة أكلت أولادها
مسحتُ فمي بعسل مخمر
عانقت الفراغ
مضطجعاً على بطني بين السحاب
والحروف تنهمر على مؤخرتي
مغتصبة النظام
زخاتٍ من كون مهجور يشبهنا،
تمشقتُ قلما من غمد ودقيّ
ونقشتُ على خدود الحياة بحرقة:
أنا الجرذ الوحيد العالق في المداد
تُلهمني قناني الزيت الطافيات
على مياه الواد الحار
أكثر من قناني الويسكي
المرتبات على رف بديع
أنا الطفل العجوز بشارب مقدس
أعزف على أوتارِه صرخة الولادة
أنا الكاتب لِشاهد قبره قبل الوفاة
بلا سجع ولا استعارة
أحفرُ قبري بخيبتي
فأجده اكتظ بدموع الدود المتعاطف
قبل الموت
أحلقُ نحو حتف آخر
لأخاطرُ بِحياة بئيسة في سوق
تتجول فيه الذوات بالأقنعة
أمضغني بقسوة أكثر
لعلني أكون:
«أنا» يوما ما…
أمضغني جيدا عبد الجليل ولد حموية 2018-11-28