قصيدة: بابلو نيرودا
ترجمة: عبد السلام مصباح.
أَتذكريـنحيـن وصَلنـا الجزيـرةَفـي الشتـاء؟رَفـعَ البحـرُ إِلينـاكأسـا مـن البَـرْد.علـى الجـدرانِكانـتِ النباتـاتُ المُتسلّقـةُ تُوشـوشُتاركـةً أوراقـاً داكنـةًتسقـطُ عنـد مرورنـا.أنـتِ أيضـا كنـتِ ورقـةً صغيـرةارتَعشـتْ ف،ي صـدري .هنـاك وضعتـكِ ريـحُ الحيـاة .فـي البدايـةِ لـم أراك :لـمْ أكـنْ أعـرفُ أنـكِ كنـتِ معـي تمشيـن ،إلـى أن انغـرزَتْفـي صـدري جـذوركِ ،التحمـتْ بخيـوطِ دمـي ،وتكلّمـتْ بفمـي ،وأزهـرتْ معـي ،هكـذأ كـانَ حضـوٍرُكِ ألغافـلورقـةً أو غصنـا لامرئـيوفجـأةً امتـلأَ ٌ قلبـيبفواكـهَ وأصـواتٍ.سكنـتِ بيتـاكـان ينتظـرُك مظلمـاوحينئـذٍ أضـأتِ المصابيـحَ .أتذكريـن حبيبتـيخطواتِنـا الأولـىفـي الجزيـرة ؟عرفتنـا الحجـارةُ الرماديـةزخـاتُ المطـر ،صرخـاتُ الريـحِ فـي الظـل .لكـن النـارَكانـتْ صديقتُنـا الوحيـدة،قربهـاضمّنـا الحـب اللذيـذ للشتـاءبـأذرعٍ أربعـة .رأتِ النـارُ قبلتَنـا العاريـةَ تكبُـرحتـى مسـتِ الأنجـمَ الخفيـة،ورأتِ الألـم يولـدُ ويمـوتُمثـل سيـفٍ مكسـورضـد حـبٍ لا يُقهـر.أتذكريـنَأيتهـا النائمـةُ فـي ظلـيكيـف كـان الحلـمُينمـو منـكِ،مـن صـدركِ العـاري المنفتـحعلـى البحـرِ،الحجـرقالـتتْ بحرفهـا السـريحيـن عبـر اسمـكِاسمـك مـن نبتـة متأججـةوالصخـرةُ المنتصبـةُ الوعـرةعرفـتْ أغنيتـي، أيتهـا الحبيبـة،وتحدثـتْ،علـى ريـح الجزيـرةِبقبتيـه التوأميـن،وكيـفُ كنـتُ أُبحـرُفـي حلمـكِ حُـراًفـي البحـرِوفـي الريـحمقيـداوغريقـافـي رحـابِ عذوبتـكِ الأزرق.أيتهـا الحلـوةُ، |
وكأنـي لـم أعـرف الغنـاءإلا حيـن تغنيـن .ياحلوتـي ،غيّـرَ الربيـعُأسـوارَ الجزيـرة.لاحـتْ زهـرةمثـل قطـرةِ دمٍ بُرتقاليـة ،ثـم أفرغـتِ الألـوانكـل حمولتهـا الخالصـة.استـردَّ البحـرُ شفافيتـه،وزعَ الليـلعناقيـدهُ فـي السمـاءوهمسـتْ جميـعُ الأشيـاءباسـمِ حبنـاحجـرا حجـرارددتْ اسمينـاوقبلتنـا،جزيـرة الحجـرِ والطحلـبرنّـتْ فـي خفايـا مغاراتهـاكمـا الأغنيـةُ فـي فمـك،والزهـرةُ المولـودةُبيـن شقـوقياحبيبتـي، كـلُّ الأشيـاءعـن حبـي وحبـك،لأن الأرضَ والزمـنَ والبحـرَ والجزيـرةالحيـاةَ والمـد،البـذرة التـي تفتحـتْ شفتيهـاداخـلَ الأرض،الزهـرةُ المفترسـة،حركـةُ الربيـعكلهـا تعرفنـا.ولـدَ حبّنـاخـارجَ الجـدران،فـي الريـح،فـي الليـل،فـي الأرض،ومـن أجـل هـذا الصلصـالِ والتويـجِالطيـنِ والجـذورتعـرفُ أن قبلاتِنـاأزهـرتْ بطهـارةٍ لامتناهيـة،كيـف لاح فـي فتحاتهـا فـمٌ قرمـزيٌّ :هكـذا عرفـوا حبنـاوالقبلـة التـي جمعـتْ فمـي بفمـكفـي زهـرةٍ خالـدة.حبيبتـي،أيهـا الربيـع الحلـويطوقنـا بحـر وزهـرة.ربيعنـالـن نستبدلَـه بشتائنـا،حيـن بـدأتِ الريـحُتفـك رمـوزَ اسمـكالـذي تـردده اليـوم فـي كـل الساعـات،فـي حيـن لـمْ تعـرفِ الأوراقُأنـكِ ورقـة،تعـرفُ اسمـكوتعـرفُ أن فمـياتحـد بفمـك،لأننـا معـا زُرعنـا داخـل الأرضومعـا كبرنـاومعـا أزهرنـاومـن أجـل هـذاحيـن نمـراسمـك مكتـوبٌفـي تويجـاتِ وردةتنمـو علـى الحجـر،واسمـي مكتـوبٌ فـي المغـارات.أنهـم يعرفـون كـلَّ شـيء،ليـس لنـا أسـرار.البحـرُ يعـرف حبَّنـا، |
حجـارةُ المرتفـعِ الصخـريوالجـذورلـمْ تعـرف أنـك فـي صـدريكنـتِ تبحثيـن .حبيبتـي،أيتهـا الحبيبـة/الربيـعُ يهدينـا السمـاء .لكـن الأرضُ القاتمـةهـي اسمنـا.حينـا ينتمـي لكـل زمـانٍ وأرض،لنحـبَّ بعضَنـاذراعـي يحيـط جيـدك الرملـي،سننتظـركيـف يتغيـرُ الأرضُ والزمـنُفـي الجزيـرة،كيـف تتساقـطُأوراقُ اللبـلابِ الصموتـة،كيـف يمضـي الخريـفُعبـر النافـذةِ المكسـورة .لكـنسننتظـرُ صديقتَنـا،صديقتَنـا ذات العينيـن الحمراويـن ،صديقتَنـا النـار،حيـن تعـودُ الريـحُلتهـزَّ حـدودَ الجزيـرةوتجهـلَ اسـم الجميـع .حبيبتـي ،سيبحـث عنـا الشتـاء،دومـا سيبحـث عنـا،لأننـا نعرفـه،لأننـا لا نخافـه،لأن النـارَدومـا معنـا،والأرضَدومـا معنـاوالربيـعَدومـا معنـا،وحيـن تسقـطُ مـن اللبـلابِورقـة،أنـتِ تعرفيـنأي اسـم مكتـوبٍعلـى تـلك الورقـة،اسمـي واسمـك،اسـم حبنـا،كائـن واحـد،السهـم الـذي اختـرق الشتـاء،الحـب الـذي لا يقهـر،نـار الأيـام،ورقـةٌسقطـت علـى صـدري،ورقـةٌمـن شجـرة الحيـاةبنـتْ عشـا وغنـتْ،غرسـتْ جـذوراً،أعطـتْ أزهـاراًوثمـاراً.وهكـذا تريـن حبيبتـيكيـف أمشـيفـي الجزيـرة،فـي عالمـي،آمنـا فـي قلـب الربيـع،فـي البـردِمجنونـا بالنـور،أمشـي فـي النـارِ هادئـاًحامـلا فـوق ذراعـيثقـلكِ التويجـي،كأنـي لـم أمـش أبـدا،ياروحـي،إلا معـك،وكأنـي لا أستطيـع المشـيإلا معـك، |