أجري حافي القدمين | يونس أعب
يونس أعب:
كان يجري حافي القدمين، خيالي، كان يجري مثل طفل صغير خرج من المدرسة فأخذ يجري نحو البيت بسرعة كي يشاهد مسلسله المفضل، كان خيالي يجري حافي القدمين، لكنني لا أعرف وجهته، كان يجري فقط، يريد التخلص من ثقل الواقع، يريد الرقص والاحتفال، يعانق الأشياء قبل أن تصير واقعية فتتلوث، الواقع ثقيل وملوث وضيق ومقزز.
خيالي يجري خفيفا حافي القدمين، أجري معه، أستدير لألقي نظرة على ما نتركه وراءنا فيجعلني المنظر أشعر بالغثيان، دماء، عنف، اغتصاب، قتل، سلب، ظلم..، أليس من الأفضل أن ننقرض لتستريح الأرض، المسألة ليست جزئية إلى حد تبسيطها وربطها بظرف معين مثلا كربط العنف بالإرهاب والتعصب سواء كان دينيا أو عرقيا..، المسألة معقدة أكثر وجذرية وعامة ترتبط بطبيعة الإنسان، الحل ليس بسيطا..، الإنسان كائن قاصر وضعيف سيظل في حاجة إلى كائن آخر أقوى وأعظم ليسيره وإلا فإن الواقع سيظل ثقيلا وملوثا وضيقا ومقززا.
خيالي لا يزال يجري كطفل حافي القدمين، أجري معه لكنني بدأت أشعر بالتعب..، يسبقني، أستدير لألقي نظرة على ما نتركه وراءنا، المنظر يزداد بشاعة، ينتصر الشيطان، نهر من الدماء يلاحقنا، يركبه مصاصو دماء في زوارق، يضحكون من هروبنا من خوفنا، لم أعد قادرا على الجري أكثر، توقفت وودعت خيالي: “اذهب بعيدا ولا تعد، اذهب إلى الجنة، طر إن شئت فأنت تجيد الطيران، اتركني أتشيطن مع الشياطين.” طار خيالي، كالبرق، كان يجري في السماء، أما أنا فركبت زورق النجاة كي لا أغرق في الدماء.
أجري حافي القدمين يونس أعب 2015-12-11