الرئيسية | سرديات | أصل العالم: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

أصل العالم: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

حنان الدرقاوي

 

سكننا مدينة إيفران نهاية الثمانينات. تعرفت أمي على خديجة وزوجها لحسن البناء. كانا زوجين طريفين. كان يبدو كأن بينهما قصة حب فقد كان يعتني بها ويشتري لها ملابس جميلة وكانت تتوفر على حلي. الشراء كان مقياسي وقتها لحب الزوج لزوجته. كانت خديجة عصبية، عكرة المزاج في بعض الأحوال وتحول حياة لحسن إلى جحيم. تهدده بالانفصال في لحظات غضبها قبل أن تنقلب زوجة محبة. كان سبب خصاماتهما هي أمه التي كانت تأتي لزيارته من تنجداد. تأتي محملة بالسمن البلدي وأعشاب تامارت نومغار. كانت خديجة تكره السمن ولا تعترف بعشب تمارت نومغار التي يتشبت بها أهالي تنجداد من أجل أطباقهم . كانت خديجة من خنيفرة وبنات خنيفرة لا عرض لهن كما تقول أم لحسن.

المهم أن الحياة لم تكن محتملة حين تحضر أم لحسن لهذا كان يأتي إلى بيتنا يشتكي لأمي والحق أقول أمي امرأة تحسن الاستماع لمشاكل أصدقائها الغريبي الأطوار. كانت دائما تحيط نفسها بأصدقاء فقراء لهم الكثير من المشاكل.  اقترحت أمي على لحسن أن تدعو خديجة لشرب الشاي وتناقش معها المشكل.

 بعد الظهر أتت خديجة وكلفتني أمي بصنع الشاي والمسمن. تركتهما تناقشان أمور الصراع الطويل الأمد المشتعل مع أم زوجها.

كنت أخرج من المطبخ من وقت لآخر هكذا سمعت خديجة تقول لأمي

–              إنها لا تقبلني لأنني لست من تنجداد. تظل تعايرني بشيخة الأطلس. ألا يكفيها أنني بيضاء البشرة قبلت الزواج من إبنها الأسود؟

ردت عليها أمي بصوت خافت

–              لا تعايري زوجك بلونه. الله لم يفضل أحدا على أحد إلا بالتقوى اتق الله في أم زوجك.

كانت أمي تنتمي لصنف النساء اللواتي يصبرن في إطار خطة طويلة الأمد في الاحتفاظ بالزوج مهما كان سيئا أو كانت أمه سيئة هكذا صبرت على إهانات جدتي وقسوتها.

استطردت خديجة

–              إنني اتقي فيها الله لكنها هي لاتتقي. تظل تحكي عن جمال إبنة أختها رابحة وتتحسر أن لحسن لم يتزوجها. ما ذنبي أنا إن كان لحسن قد اختارني زوجة؟  إنها تعصبني بوضع السمن في الأكل. أنا أكره السمن ثم إنني لا أحتمل تلك العشبة اللعينة تمارت نومغار. تأتي بكميات منها وتبقى الرائحة في البيت إلى أن اصاب بالغثيان.

–              هاته مشاكل محلولة. تعالي عندي وتأكلي معنا

–              الأمر أعمق من ذلك، إنها تريد إبنها لها فحسب تعايرني وتقول ” إنه خرج من طبوني راه ديالي” وأنا أجيبها ” إنه يريد طبوني يأتي إليه جاثيا كل مساء . الصراع بيننا لايمكن حله لقد دخل في زاوية الطبون

لم أكن أيامها أعرف لوحة أصل العالم لكنني حدست أن العالم كله يدور حول عضو لانراه، يمنعوننا من رؤيته : الطبون

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.