الرئيسية |
سرديات |
زمن الأطفال: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي
زمن الأطفال: ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي
حنان الدرقاوي
” إنه يهملني ولا يعتني إلا بالأطفال” هكذا قالت سليمة ونحن في مقهى السوليفان. كانت متزوجة من بيرنار رصاص يبلغ من العمر أربعة وخمسون سنة. تزوجته بعد طلقتين. كان لها ولد من كل زوج. التقت بيرنار وهي في الأربعين وكان هو في الخامسة والأربعين وله ثلاث بنات من زواج أول. كان حبهما عاصفا ومجنونا. تحاكى عنه الناس في المدينة. كانا لا يزالان متزوجان حين التقيا. تعارفا في الكريستال، مرقص ليلي خارج المدينة. كانا يسهران هناك حتى الصباح وبعدها يذهبان للإفطار في قرية كورد الرائعة. يتعانقان هناك ويقبلان بعضهما البعض قبل أن يذهبا إلى شقة بيرنار وسط المدينة.
طلبا الطلاق وانتظرا ثلاث سنوات حكم المحكمة. تلقت هي طلاقها أولا وبعدها بيرنار الذي نال حضانة بناته الثلاث. أقاما عرسا خالدا حضرته مع ماري وكريمة. كانت سليمة رائعة في فستانها الأبيض. رقصنا واستمتعنا معها بفرحتها. كانت خائفة أن لا يتفاهم الأطفال فيما بينهم خاصة أن طفليها تلقيا تربية إسلامية من أبيهما.
تجاوزت سلييمة وبيرنار بعض الإشكاليات الصغيرة التي تنشئ بين الأطفال بسبب الأكل الحلال والحرام واقتسام الغرف. اشتريا بيتا كبيرا وصار لكل طفل غرفة.
نالت سليمة ما كانت تريده: زوج طيب، بيت بحديقة وأسرة كبيرة كما تمنت دائما لكن المشاكل بدأت حين أحست أن بيرنار تحول عنها وصار يهتم ببناته أكثر. شرح لها أنهن في سن حساسة وأنه يجب عليه أن يقترب منهن في فترة المراهقة.
صار يقضي ليال السبت معهن في المرقص وذلك لحراستهن وتجنيبهن المخاطر. صار وقته كله مرصودا للعناية ببناته. أحست سليمة بالإهمال وبدأت تذبل. لم يعد يريد الجنس معها ولا حتى القبلات التي كان يغرقها فيها من قبل. صارت تنتظر اللحظة التي يندس فيها في الفراش. تحس بجسده الرجولي وتحاول معه من أجل لحظة حب. يجيبها أنه يحبها لكنه لم يعد يريد الجنس. اختلت مفاهيمها، كيف يمكن أن نحب دون الجنس سألته وأجابها أنه يحب أمومتها وعنايتها بالبيت وبالأطفال. صار كل حديثهما يدور حول الأطفال وسئمت هي تلك الحياة. حنت إلى ليل الكريستال والإفطار في هضبة كورد والقبلات العميقة. اشترت ملابس داخلية بالدانتيلا، جربت عطورا جديدة واشترت لعبة جنسية لكنه لم يلتفت، لم ينتصب. لم يحاول وأكد لها في كل مرة أنه يحبها كما الأول وأن الحب في تطوره يتحول إلى صداقة عميقة.
كانت هي تفكر أين اختفى الحب، حب البدايات حيث كان بيرنار متعلقا بها، بجسدها بشفتيها.
فكرت في الطلاق وفي الخيانة لكنها فكرت أنه من الأعقل ان تبقى مع بيرنار وأن تنتظر أن يكبر الأطفال ربما يعود الحب حين ينتهي زمن الأطفال.
2016-10-29