الموجة الثقافية.
فتيحة النُّوحو، تاء تأنيث لا تستكين، شاعرة من أرض المغرب، تمارس الصحافة بعد إجازة في دراسة العلوم السياسية، وُلد لها في الساحة الثقافية ديوانين شعريين “إليك أيها الظمأ كل هذا الارتواء”؛ “لن يستلنا العدم”، ولأنها تعشق الحياة مصادفةً أصدرت سردا ذاتيا “غبنٌ أن نهوِي”. في هذا البواح، نسائل تجربة فتيحة النُّوحو، ونشاغب بعضا منها.
-
بداية شكرا على قبول دعوة إجراء هذه الدردشة، ونبارك لك إصدارك الجديد “غبن أن نهوي”.
كل الشكر لكم
-
من تكون فتيحة النوحو؟
أنا تلك التي نجوت من عقال الموت رغم جبني من الحياة ، حينما كاد داء التهاب السحايا أن يفتك بي وأنا في ربيعي الثاني، أنا ذاك الكائن المشروط بيوم، والمرهون بحقنة طبيب بلدتي الشهير الذي ذاع صيته بلون بشرته فيما ظل اسمه مجهولا .
-
ما الذي حملك إلى عالم الكتابة؟
ربما قدرية المصير، أن أترنح كعربيد بين أبجديات ثملة بالتوجس لأستكين بعدها في حضرة المفردة الموحية والواعية.
-
كيف يمكن الجمع بين المقال الصحفي و النص الابداعي ؟ وأين يتقاطع الجنسان معاً؟
رغم كون اليراع يجمع بين الصنفين، يبقى الخبر الصحفي سريع الأثر وزائل تطبعه آنية مستهترة ويصبح في خبر كان، فيما يثمر النص الإبداعي ويحيا من خلال تداعيات المتلقي الغاوي، لذا تنفرد المفردة الأدبية بملكوتها الرمزي.
-
أصدرت مؤخرا إصدارا جديدا بعنوان “غبنٌ أن نهوي”، وسميته بالسرد الذاتي، لماذا هذا التجنيس الجديد؟
الإصدار هو كناية عن سرد فيه كثير من الذاتية، وليست سيرة حياة نمطية، فالأنا الخفيضة كانت نقطة انطلاق لأنوات مغايرة أحيانا بديلة أحيانا أخرى، فمسافة الاستعادة لها سلطتها على تشكل زاوية النظر التي قد تتغير لو كتبت في زمن متقدم، فالوقت عامل حاسم في خلخلة تصوراتنا
-
ألا تخشين من تأثير لغة “العلوم السياسية” على معينك الأدبي؟
لا أخاف؛ لأن دراستي للعلوم السياسية كانت عن كامل وعي وحتى عملية اللجوء الأدبي تمت احترازا من نفوذ شططها من أن تستلب لا وعيي، لكن لكي أكون أمينة مع نفسي ومع القارئ لن أنكر أن العلوم السياسية منحتني أفقا آخر من المعرفة، وسلحتني بأدوات الدهاء النظري في بعده الايجابي طبعا أستعين به في الكتابة الابداعية.
-
ما هو تقييمك الأدبي والمعرفي لإصداريك الشعريين “إليك أيها الظمأ كل هذا الارتواء” وديوان “لن يستلنا العدم”؟
صعب أن تأخذ مكان الناقد عندما تكون أنت موضوع النقد
-
أين يتكامل العملين الشعريين؟
التكامل بين العملين هو نضج الصيرورة و تطور التجربة الوجدانية
-
هل يمكن اعتبار كتابتك نسوية، نابعة من مبدأ الحضور الأنثوي في المشهد الثقافي، أم هي حالة من حالات الإبداع التي تفرض نفسها بغض النظر عن طبيعة الجنس؟
لا أعترف بشي اسمه الجنس في الابداع، النص محايد الجنس، لا هوية جنسية له، لا مثلية ولا غيرية.
-
لمن تكتبين، ثم لماذا ارتكاب فعل الكتابة؟
أكتب لكل من يحترم آدمية الخلق، لذا في تقديري المتواضع الكتابة تأتي لتأليه مبدع هذا الكون.
-
إلى أي حد يمكن الأدب بشكل عام أن تسهم في توجيه النقاش العام المتعلق ببعض القضايا ذات الإجماع، كمسألة الإرث مثلا والإجهاض والمثلية وحرية العقيدة وحقوق الإنسان؟
الجميل في الكتابة الأدبية أنها تمارس الثورة الناعمة من خلال جمالية الجمل واستيطيقية الفكرة، لذا فالطابوهات المطروقة إبداعيا حتى وان خلقت نوع من النفور عند القراء على نخبهم المختلفة، أو حتى أذا جوبهت بالعداء على الأقل لا يمكن دحض القيمة الأدبية لما كتب.
-
هل تمارسين بالكتابة “محاكمات” ما؟ من تحاكمين ؟
لا نكتب لتزجية الحروف بل لنحاكم ذواتنا وكل ما يستفز ويستنفر حواسنا، فالذات الكاتبة هي الحلقة المشاكسة في العملية الإبداعية إذا لم تسائل الذوات والأعراف والعقائد فلمَ ستتحمل عناء نثر الحبر .
-
لا يختلف اثنان اليوم حول تأزم القراءة في المغرب، المسألة تجاوزت علاقة الفرد بذاته بل أصبح تأثيرها يمس الجماعات. في نظرك ما السبيل إلى مصالحة الذات مع الجماعة؟
أفضل شيء أن يكون الفرد في خصام مع الجماعة حتى وهو يقترف جرم القراءة، هكذا نحصل على قارئ غير تابع للذوق العام الذي عرف تدني على كل المستويات، ومنها الإقبال على كتب تعكس الكثير من الجوع العقائدي والفكري و الإخصاء النفسي والجنسي، و هذه ظاهرة عامة لا تستثنى منها حتى الدول التي تصنف نفسها في الشق المتقدم.
-
بلا شك لوحات التشكيلية نعيمة الملكاوي، في أغلفتك تشكل تكاملا ونصا مستقلا عن الكتاب. لذلك تبدو العلاقة متجاوزة المهنة. تحدثي لنا عن الذي يجمعكما؟