فتح الله بوعزة
ـ 1 ـ
عادةً
ما أعْتذرُ إلى الّذينَ أحبّهمْ
ممّا اقتَرفتْهُ يدايَ
منَ الآثامِ
أجرُّ إلى مسارِبهمْ شتاءً دافئاً
وحدائقَ في كاملِ بهْجتِها
بينما تُعدُّ يدايَ
خطأً قادماً
وابْتسامةً سريعةً !
ـ 2 ـ
عادةً
ماأخرجُ ضحْكاتِ الأطفالِ
من نُفاياتِ الْحرْبِ
و حُطامِ الْبيوتِ،والشُّرفاتِ
أرمِّمُها بالرّذاذِ الْكثيفِ
والْقصائدِ
وما تبقّى لي منْ لُهاثٍ، وحنينٍ
عادةً
ما تسْقطُ منِّي أشْجارٌ
وأسرابُ فَراشٍ
ومشابكُ من فضّةٍ
وضفائرُ شهْباءُ
أتَعثَّر في أشْلائي و ضحْكاتِ الأطفالِ
في نُفاياتِ الْحرْبِ
كتِفايَ هناكَ
ورأْسي هنَا
وعيْنايَ تلْمعانِ منْ بعيدٍ
يا اللهُ
كمْ مَشى بعْضِي إلى بعْضِي
ولمْ يصِلا إليَّ بعدُ
مرَّ نهارٌ آخرُ
ولمْ يصِلا إليَّ بعدُ
و انْصَرفَ النّبَّاشونُ والْحمّالونَ
فرِحينَ بِما تبقّى
في نُفاياتِ الْحرْبِ
منْ ضحْكاتٍ
يا اللهُ
كمْ ضاقتْ حقائبُهمْ
بأشْلائِي!
ـ 3 ـ
عادةً
ما أطوفُ على الّذينَ أحبُّهمْ
وهمْ يجرّونَ السّماءَ
إلى حديقةٍ بالْجوارِ
عادةً
ما يخْفونَ النّهرَ خلْفَ ظُهورِهمْ
كلّما رأوْني
ويمدّون إليَّ أكُفَّهمْ
كيْ أرسمَ لهمْ أشْرِعةً،وأسماكاً
وسلالمَ حجريّةً إلى شتاءٍ بعيدٍ
بِدهْشةِ طفْلٍ قليلِ الألوانِ
يصيرُ باطنُ الكفِّ بحيرةً زرقاءَ
والأصابعُ ممرّاتٍ معْشبةً
و الشُّعيْراتُ الدّقيقةُ
على ظاهرِ الْيدِ
أشْجاراً بِسيقانٍ طويلةٍ
على رؤوسِها نِصفُ هلالٍ
وبرْدٌ خفيفٌ
داخلَ الْغابةِ أسماكٌ مُلونةٌ
ومَراقصُ للضّوءِ والْحمَامِ
تصيرُ قمْصانُهمْ أشرِعةً
وضحْكاتُهمْ قمْحاً
لِطيورِ الْبحْرِ
و حينَما يُوغلونَ في الحلمْ
أحْضنُ النّهرَ الذي كانوا
يخْفونهُ خلفَ ظُهورِهمْ
وأطوفُ عليهمْ ثانيةً
وهمْ يرْشدونَ الْغمامَ
إلى كُفوفِ الْعُمْيانِ!