زائر الأمس | د. ناصر السوسي
د. ناصر السوسي
انتظرت زائرا على مدار ليلة الأمس. لم أبرح مكاني قط. بت أنتظر وأنتظر الآتي…
في عز ليل حسبته سديما في وحدتي الأزلية كنت كلما تحسست خطوا ما أو أتوهمه أسعد فأقول إنه هو بالذات.. وحين يتوارى الخطو أحزن فألوذ إلى استشباحاتي أناجيها… انتظرت وطال انتظاري إلى أن داهمني عياء أضناني… جفون عيني تلتصقان ببعضها رغما عني فأقاوم اجتياح الكرى. على غير ما اعتدت.. .أعددت كأسا به خليطا من عشب اللويزة والسعتر وبضع أوراق من نبت اليزير تذكرت أن تلك الخلطة كانت دأب والدتي بعد العشاء… بين تقديم رجل وتأخير أخرى اهتدت يدي إلى فتح كتاب رتب على رف الأدب السردي : ” بول بولز وعزلة طنجة “.. لست أدري لماذا.. كنت قد قرأت الكتاب منذ سنين خلت.. وها أنا تحت تاثير ما أعود إلى قراءته في ليلة استفحلت رطوبتها .. قد تكون في هذا الكتاب ضالة بعينها وأنا أحسني شريدا طريدا على غير ديدني كصقر قريش ذاك الذي فر ناجيا بجلده من شناعة بني جلدته في الدين والعرق بنو العباس.. رآهم ينحرون أخاه في مشهد فظيع هو يعبر النهر صوب اللامكان… عزلة بول بولز وسط طنجة.. هل تشبهني في شيء ؟ لكن أين اليعقوبي ؟ أين جين بولز ؟ أين محمد المرابط ؟ عبد الوهاب ؟ ورحمة ؟
أقلب الصفحات وأنتظر زائري.. زائرا هيوليا … هلاميا على ما أحسب .. قد يطرق الباب على حين غرة.. قبل أن يهل فجر اليوم.. رفعت الراية البيضاء مهزوما من تعبي فاستسلمت لأساي ..تمددت على سريري . الغرفة الشاحبة تلف حولي كمروحة هيليكوبتر أتماسك رغما عني.. كنت كمخمور عبأ بطنه بكثير من الجعات ففقد توازنه… لبول بولز عزلة طنجة ولي ليل مدينة الزهور.. أحس أنني أمتلكه ..أحسه لي وحدي دون غيري لأنني عشقته فاكتويت.. لبول بولز شلته ولي رفاق يؤثثون المكان : إبراهيم الراعي : الحمل الوديع.. حسن الراعي غريمي الرائع لكن لي حساب خاص مع العزاوي أبي عمران الذي خبرني كالهدهد عن : “الديكودور ” قائلا : من هنا مر يا حزين فألحقه …لم يأت زائري و لا أطل بطيفه.. وحينما استفقت على إيقاع مدينتي كنت اسمع من ينادي “ها البصلة البيضا” ” ها البطاطا ” “ها العنب ” ” ها النعناع ” ” ها البيض “… ارتشفت قهوتي قرب الشرفة فتذكرت تحولات طنجة كما لاحظها بول بولز في ” يوميات طنجة ” DAYS :A TANGIER DIARY
د. ناصر السوسي زائر الأمس 2017-08-25