الموجة الثقافية
في إطار مشروع الذاكرة المستعادة وتحت شعار” من أجل تواصل هادف بين الأجيال ” ، نظمت ثانوية أكنسوس التأهيلية بمدينة الصويرة يوما دراسيا لأحد خريجي المؤسسة الدكتور الناقد حسن المودن في نسخته الأولى ، دورة الراحل الأستاذ يونس أبو زيد وذلك يوم السبت 10 ماي 2017
في الصبيحة وبقاعة العروض انطلق اليوم الدراسي بآيات بينات من كتاب الله ، ثم كلمة رئيس اللجنة المنظمة الدكتور حسن كبوس ، ثم كلمة السيد رئيس جمعية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ ، كلمة السيد المدير الإقليمي ، والسيد رئيس المؤسسة ، ثم كلمة د حسن المودن والتي كانت سيرة لحياته المدرسية بثانوية أكنسوس إعدادية وثانوية ، مستحضرا أجمل الأطر من أساتذة وإداريين الأبُ الروحيُّ مسيو كوري في خارجيةِ المؤسسة ، أو سي الحسين أو خالي مبارك بمطعم الداخلية ، سي المناني، الحارسَ العامَّ بالداخلية، يأتيك بمزيدٍ من الأكلِ في المطعم لسببٍ وحيدٍ: أنك حصلتَ على نقطةٍ جيدةٍ أو معدَّلٍ مشرِّفٍ ، ويضيف سي حسن :” ربما كنا محظوظين.. لا أدري.. هنا بالقسمين الإعدادي والتأهيلي، دَرستُ على يد أساتذةٍ مغاربةٍ وفرنسيين وبلغاريين وأمريكيين وعربــًا من فلسطين والأردن ومصر..” ثم بعدها ينتقل لاستحضار مساره الجامعي والمهني ، أربع سنوات بكلية آداب مراكش ، الحصول على دكتوراه السلك الثالث في النقد الأدبي بميزة حسن جدًا ، ثم دكتوراه الدولة بميزة حسن جدًا في البلاغة من جامعة مراكش سنة 2006،ثم اجتياز مباراة التعليم العالي سنة 2010 ، ومن يومها أستاذًا للتعليم العالي بمراكش، بمركز تكوين الأساتذة وبالجامعة ، بعدها ساهم مجموعة من الأساتذة بشهادات عن المحتفى به د . جمال أردلان استحضر ذكرياته والمحتفى به بثانوية ” أكنسوس ” ، ولا شيء سوى الجنون بالكتاب والانضباط والميولات المتعددة وأجمل الأساتذة ، في حين استدعى القاص حسن الرموتي سنوات الشغب بفضاء الثانوية وجامعة القاضي عياض ، ليعتبر أفواج تلك السنة والمتخرجة حينها ذواكر خصبة بشهادة د عبدا لواحد بن ياسر حيث خرج من جبتها النقاد والشعراء والسراد ، في حين ساهم ذ خالد عامر بشهادة من الخارج كلها دهشة واندهاش بكتابات د حسن المودن ، أنا ذ آيت البشير فتحدث عن تقاطعاته والمحتفى به ، فكلاهما ينتميان لققم الجبال حيث نفس العلو والقساوة ، ونفس الانتزاع من حضن الأمومة المبكر بقصد إتمام الدراسة بالمدينة .
تم توزيع مجموعة من الجوائز الرمزية على التلميذات ” ريم ناني ، شيماء الشهيد العلوي ، فدوى ناني ومريمة زيان ، المشاركات في مشروع مسابقة “تحدي القراءة العربي” والتي أطرها وأشرف عليها د. حسن كبوس ، ثم تسليم المحتفى به هدايا رمزية .
في المساء وبمتحف سيدي محمد بن عبدالله كان الموعد مع اليوم الدراسي ، ليساهم د . جمال أردلان بمداخلة قيمة ، في المفتتح أشار إلى أن الأمر يقتضي نمطين ويعني ما هو نفسي وبلاغي في تناوله لكتاب ” ” ، وليضيف أن ماهو بلاغي ليس بجديد لدى المحتفى يه ، بدليل أنه اشتغل والراحل العربي الذهبي مبكرا في شهادة الإجازة عن الخطاب الإشهاري ومن هنا الشغف بشعرية البلاغة . وانتقل بعدها للحديث عن الأطروحات أو الدعاوى الكبرى في الكتاب والتي تشكل نظامه المعرفي والوجودي ، وقبل الكشف عن هذه الدعاوى ، أشار إلى أن د . حسن المودن يطبق الأدب على التحليل النفسي ، وبذلك يقلب المتعارف عليه ، أما الأطروحات فيراها كما يلي :
1 – تلازم الخطاب مع القناعة هو تلازم بالقوام والغرض
2- تلازم في الحقل والمجال لأن مجال البلاغة هو التداول ، ومن هنا الرهان على ما هو اجتماعي
3- المقام هو هو من يحدد المقال ، إذ بارتفاع المقام يرتفع المقال
4- تلازم بلاغية الخطاب مع حجاجية اللغة
خالد عاميري
قراءة في ترجمة د. حسن المودن لدراسة ” بيار بايار ” لرواية أغاثا كريستي “مقتل روجيه أكرويد”:
الورقة النقدية الثانية في الجلسة المسائية قدمها ذ. خليد عامري ، طرح فيها إنارة لمجاهيل مختلفة يفتتحها د. حسن المودن بترجمته لمؤلف “من قتل روجيه أكرويد؟” لبيار بايار. وهو في الأصل دراسة لرواية بوليسية شهيرة ﻷغاثا كريستي بعنوان “مقتل روجيه أكرويد”.
المجهول الاستهلالي لهذه الترجمة يكمن في جدواها. والمجهول الثاني يتعلق بقيمة هذه الرواية البوليسية ذات اللغز le roman policier énigme، والتي اهتم بها باحثون متميزون من طينة رولان بارث وأمبرتو إيكو، المجهول الثالث الذي تجيب عنه دراسته، ويقوم على التشكيك في النهاية التي توصل إليها المحقق “بوارو” في الرواية، ليقوم الباحث بتحقيق مضاد une contre-enquête، بالاعتماد على النص وحده ومتسلحا بالتحليل النفسي، لينتهي إلى أن القاتل الحقيقي هو غير ذاك الذي تطرحه الرواية. ” والمجهول الرابع يكمن في امتدادات الدراسة: إنها تتصادى واللايقين والتشكيك في الحقائق الكبرى التي تؤسسها السلطة. بما فيها سلطتان لا سبيل إلى مناقشتهما في التخييل الروائي البوليسي: سلطة السارد وسلطة الكاتب
أشار ذ. الشريف آيت البشير في البداية إلى العلاقة الممكنة بين المحتفى به ومكان إقامته بشيشاوة باعتباره مكان عبور، وأثره في فكره في العلاقة بدلالة الترحّل بين مختلف المعارف في إطار الأدب والفلسفة، وأثره أيضا على نفسيته لوجوده بين حدّين متناقضين؛ ما يكون باتجاه البحر والرياح حيث مهبط الوجدان وحضن الأم بالصويرة ، وما يكون باتجاه لهيب الشمس وحرّها في العلاقة بالواجب والوظيفة بمراكش، معتبرا شيشاوة كأنها يمبوس دانتي، أو تلك المنحة للأكل أو الدعوة إليه في إطار التجزيء الصوتي أمازيغيا لتستقيم الإبسيمولوجيا. وقد تطرّق بعد ذلك إلى حسن المودن كباحث في الأدب من خلال ثلاث إقامات غير مريحة؛ تخصّ العلاقة مع المنهج من حيث الرغبة في ردّ الاعتبار للتحليل النفسي على الأدب الذي أعلن عن إفلاسه خصوصا بالمشرق، وأثبتت البنيوية والتحليل النصي المستفيد من اللسانيات أنه لا يعد إلا ” بروكستيا ” في علاقته بالإبداع. مقاومة حسن المودن كانت جريئة في ذهابها إلى ” لاوعي النص “، وإلى تطبيق الأدب على التحليل النفسي.. الإقامة الثانية تخصّ المتن المشتغل عليه من أجل رد الاعتبار لرواية الطيب صالح : ” الموسم…” بعد أن انتهكت جماليتها نقديا عن طريق اختزالها في البورنوغرافي من جهة، وفي العلاقة بين الشرق والغرب من جهة أخرى. أما الإقامة الثالثة فتخص استراتيجية الاشتغال حيث الذهاب بشكل مزدوج إلى الأدب تطبيقا وتنظيرا عن طريق الترجمة، مما يجعله واضحا ، معلنا عن مرجعياته ومتمثّلا إياها في مظانّها ، وذلك من خلال ترجمة ج.ب. نويل أولا في إطار تمثّل ” لا وعي النص “، ثم ترجمة ب. بيار في تطبيق الأدب على التحليل النفسي.. وخلص في النهاية إلى أن حسن المودن بهذا الصنيع يكون قد حاز صفة الباحث الحامل لمشروع والمدافع عن أطروحة بهما يحقق الإضافة في حقل الأدب العربي كمطلب ضروري لأي بحث علمي..
الدكتور “حسن كبوس ” شارك بورقة بعنوان “قراءة في المرجعيات بلاغة الإقناع في الثقافة العربية” بلاغة الإقناع أنموذجا” ، ليتناول في التمهيد محددات مفهومية تتعلق بحصر مداخل الموضوع و إبراز مشروعيته انطلاقا من المفاهيم المؤسسة للعنوان / قراءة- مرجعيات- إقناع/ ثم انتقل إلى الحديث عن كتاب د.حسن المودن الذي يتوزع إلى ثلاثة أبواب متضمنة لفصول البحث.كل باب منها يفتتح بتمهيد و يختتم بخلاصة.هذا الى جانب المدخل الذي يعد دعامة كبرى في فهم أطروحة الكتاب التي تتأسس على النظر و محاورة في منجز من سبقوه من الدارسين في بلاغة الخطاب ، أما المبحث الأول للورقة فقد بحث في المشروع البلاغي للجاحظ من خلال “البيان و التبيين” و محاولة الوقوف على الملاحظات التي رصدها كتاب المودن و مقارنتها بما أوردها الدارسون المحدثون في الموضوع ، وبالنسبة للمبحث الثاني شرع الباحث في مقاربة مشروع عبد القاهر الجرجاني و بيان الأبعاد الحجاجية للنظم و الاستعارة و التمثيل من خلال كتابيه أسرار البلاغة و دلائل الإعجاز ، بينما جاءت الخلاصة متضمنة لأهمية تنظيرات الجاحظ و الجرجاني إلى جانب تصور حازم القرطاجني في منهاجه.وهذا ما أكد عليه د.المودن في كتابه بلاغة الخطاب ألإقناعي الذي يعد مؤلفا مفيدا في بابه لامتلاك الناقد آليات منهجية و معرفية تكشف عن اطلاع واسع على البلاغة العربية و الغربية تتقاطع إلى حد كبير مع كتابات “بارت ” و “عبد الفتاح كيليطو و” عبد الخطيبي” ، ويعد الكتاب مرجعا يؤسس لتصور جديد يجمع بين التنظير و التطبيق في البلاغة العربية
وقبل مسك الختام ، تناول الكلمة د حسن المودن ليتحدث عن مشروعه في التحليل النفسي للأدب، وخاصة كتابي القادم حول موضوعة الإخوة الأعداء في المحكيات الدينية والأسطورية والأدبية.. كما تناول مشروعي في البلاغة، ومقالاتي ومؤلفاتي التي تسعى إلى تحيين الدرس البلاغي العربي في ضوء التطورات التي يعرفها في العصر الحاضر، وخاصة ضمن تيار تحليل الخطاب الذي يستقدم مفهومات الحجاج ويطبقها على الخطابات المعاصرة( الخطاب الإشهاري، الخطاب الأدبي..)..
جميل لقاء الأجيال الشابة بالرعيل الرائد ؛ يعمق التواصل ويرسخ مفهوم المثل الأعلى للجيل الصاعد ويلقي بظلال العمر الفتي على الكبار سنا وخبرة وقيمة ؛ بوركت جهودكم