“الموسيقى هي ملجأ الأرواح التي جرحتها السعادة” – إميل سيوران
تغنى العديد من الأدباء والفلاسفة بالموسيقى وسحرها الخاص عبر مختلف العصور، ربما كانت ملاذاً للأرواح البائسة، وهروباً من الواقع المتردّي إلى الأماكن التي تتحقق فيها الأحلام عبر نغمات وألحان تطير بك إلى عالمك الخاص.
وبقيت الموسيقى من أرقى ما صنعه الإنسان، وعُرفت برمزٍ للسلام، وجمعت لغات العالم في سمفونياتٍ عالمية جذبت مختلف القوميات والمجتمعات.
المخدرات الرقمية Digital Drugs :
انتشر مؤخراً على عددٍ من الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي “التي تسعى لجمع المشاهدات والزوار دون التحقق من سلامة المحتوى العلمي” مجموعةٌ من التقارير عن ظاهرة جديدة سميت بالمخدرات الرقمية أو إدمان الرنين الأذني ” binaural beats”.
حذرت هذه التقارير من إدمان هذا النوع الجديد من المخدرات والذي يستقطب بشكل خاص المراهقين والشباب، حيث تقوم مواقع عالمية، وبعضها متخصص بتوفير المحتوى الموسيقي، بالترويج لهذه المنتجات، ويطلب أحياناً مبلغاً مالياً للحصول عليها. وذكرت التقارير آلية عمل هذا المخدر والتي تحصل عبر بث ترددين مختلفين من الموجات الصوتية لكل إذن وهذا ما يفسره الدماغ تماماً مثل تعاطي المخدرات الكيميائية، فقط يطلب منك التمدد وإغلاق عينيك وسماعات الآذن عالية الجودة لتحقيق النشوة المرجوة.
ما صحة هذه التقارير وهل من أبحاث علمية؟
ابدأ بحثك في الإنترنت ولنقل أولاً عن أشخاص يعانون من هذا النوع من الإدمان، حسناً لا شيء موثوق ولا يوجد مقابلات رسمية مع أشخاص حقيقيين يعانون هذا النوع من الإدمان، وهناك العديد من المتخصصين بالإدمان مثل الدكتور جوزيف الخوري، والذي أكد في حديثه لأحد المواقع اللبنانية بأنه لم يواجه من قبل في حياته المهنية حالات مماثلة، وأنها إذا كانت تؤثر على الدماغ فيجب على منتجها أن يجربها أولاً والمشكلة أنه لم يجد أي ورقة علمية تؤكد أن هذا النوع من الموسيقى يصيب بالإدمان، أو حتى تتحدث عن أي ضرر يمكن أن تسببه، بشكل عام الموسيقى الصاخبة ستلحق بك الضرر بلا شك!
وقام مجموعة من الدكاترة المختصين في جامعة محمد بن سعود بمدينة جدة، بطرح بحث علمي تحت عنوان المخدرات الرقمية بين الحقيقة والخيال “رابط البحث كاملاً أسفل المقال”، يتحدث بشكل موسع عن هذه الظاهرة المنتشرة والتجارب التي أجريت، وفيما إذا كانت حقا تعد مشكلة.
الخلاصة:
يستخدم العديد من الأشخاص الموسيقى للاسترخاء، والتخفيف من ضغط العمل، وبعض المراهقين يستخدمونها للحماس والرقص، أما إذا وضعنا أحدهم في غرفة مغلقة ومظلمة وأجبرناه على سماع أصوات صاخبة من الصراخ والرعب لساعات طويلة فلابد من أن يدخل في حالة من الهيستيريا!
إذن، لا يوجد أي دليل على أي نوع من الإدمان لهذه المخدرات الرقمية كما تسمى، ولكننا جميعاً نعرف التأثير الذي تسببه الموسيقى على مزاج الأشخاص واختبرناه مرات عديدة سواء أكان تنبيهاً أو استرخاء، فعلينا حينها دراسة موسيقى باخ وبيتهوفن وغيرهم من عظماء الموسيقى لأن تأثيرها أكبر بكثير من تلك النغمات المتواترة المصحوبة بضجة خفيفة والتي يطلقون عليها اسم المخدرات الرقمية.
في النهاية مازالت هناك العديد من الأسئلة عن آليات عمل الدماغ، وطبيعة تأثره بالتنبيهات المختلفة والتي مازالت تحت الدراسة والتجربة، هذه الفجوة التي تُستغل للترويج لمختلف الادعاءات غير العلمية.
المصادر: الفضائيون psychologytoday – skeptoid – mmedia