عندما يحاكم شيخ بتهمة ازدراء الأديان – محمد مقصيدي
محمد مقصيدي
التقيت بالشيخ محمد عبد الله نصر قبل سنة تقريبا من اليوم، كان بشوشا جدا، ومهذبا جدا، ومبتسما طيلة الوقت رغم المرارة التي تشعر بها وهو يحدثك بين الفينة والأخرى عن سطوة الجمود وأنياب التحجر السلفي التي تتربص بكل تجديد.
أخذنا الحديث من موضوع إلى آخر ومن كأس قهوة إلى أخرى، حتى أنني أذكر أننا شربنا أكثر من أربعة كؤوس قهوة ونحن ندردش لمساء كامل لم نعرف كيف مر الوقت من بين أصابعه، ثم التقينا بعدها صدفة ليلا في أحد شوارع القاهرة، اعتذرت منه أنه لم أتمكن من لقائه بعد ذلك المساء بسبب انشغالات كثيرة حينها، فدعاني والابتسامة لا تفارق محياه أن نلتقي في الغد الموالي أو في إحدى الندوات التي كانت ستقام ذلك الأسبوع، كنت أتمنى أن أجالسه مرة أخرى لطيبته أولا ولعقله المستنير والكثير من الأفكار والتأويلات التي كنت أكتشفها لأول مرة وأنا أحادثه، لكن لظروف العمل كان يجب أن أعود إلى بروكسيل، فلم يكن لذلك اللقاء الذي تمنيناه أن يحدث.
بعد هذا اللقاء، كنت دائما أستشهد عندما أكون في نقاش حول الدين والفقهاء وتطرف الإسلام بأن هنالك فقهاء ومفكرين إسلاميين يتحلون بالجرأة والسماحة والانفتاح الفكري، وأنه يجب أن ننظر إلى الجانب المملوء من الكأس دائما من أجل قابلية الحياة بين كل الثقافات وكل الشعوب، وكان ممن أستحضرهم في ذهني الشيخ محمد عبد الله نصر.
اليوم، وقبل قليل، تم الحكم على الشيخ محمد عبد الله نصر بخمس سنوات سجنا مع الأشغال والنفاذ بمحكمة جنح شبرا الخيمة بتهمة ازدراء الأديان. أخذت بعض الدقائق للتفكير فيما إن كان في الأمر مزحة. لا. لا. مطلقا. الأمر صحيح تماما. لكن، كيف يمكن أن يزدري شيخ مسلم وداعية إسلامي دينه؟ ما زلت لا أستوعب الأمر حقا.
لقد كان آخر ما كتبه الشيخ محمد عبد الله نصر البارحة ليلا قبل التوجه اليوم إلى المحكمة هذه التدوينة :
أعتذر إلي الحميع لأنني سأتوقف نهائيا عن أي حديث في الشؤون الدينية أو العامه حتي إلغاء قانون إزدراء الأديان فلم أعد أحتمل قضايا جديدة فقد أصبح معظم وقتي في المحاكم ومع المحامين وكفاني ما أصابني وأعتذر إلي الله عن التقصير ولحضراتكم عن الخذلان
حبس عبد الله نصر محمد عبد الله نصر 2017-02-26