الرئيسية | فكر ونقد | هوامش في الكتابة القصصية حول تجربة القاص أنيس الرافعي| عبد العاطي جميل

هوامش في الكتابة القصصية حول تجربة القاص أنيس الرافعي| عبد العاطي جميل

على سبيل التقديم

ـ 1 ـ
في كتابه ” لقاء ” يعمل ميلان كونديرا على توضيح الآتي : ” عندما يتحدث فنان عن فنان آخر ، فإنه يتحدث ـ بطريقة غير مباشرة مواربة ـ عن نفسه هو ” ص .18 .. فهل من الممكن ألا أتحدث عن نفسي في هذه الشهادة عن أخ وصديق وكاتب مائز كأنيس الرافعي الذي عاشرته تقريبا عشرين سنة ، و أكبره بعشرين أخرى تقريبا ، قد ذابت كالجليد بيننا .. لم أحس فيها يوما بهذا الفارق . لأن أنيس الرافعي كان دوما كبيرا في قلبي وعقلي وأكبر من عمره الزمني ، بعمره الثقافي والفكري العالي ..
علي إذن أن أختزل الحديث عن أنيس الصديق والكاتب والإنسان وعن منجزه القصصي الذي أعتبره علامة فارقة في تحول الكتابة السردية في جدتها وجديتها ـ مغربيا وعربيا ـ وكيف لا وهو يتميز من كتاب لآخر؟ . فكل كتاب مشروع مكتف بذاته ، و باستراتيجيته المحكمة والمختلفة عن سابقه .. مما يكشف عن قدرته الخارقة على الإبداع ، والتجاوز ، وسعة الدراية بإواليات الكتابة وشغبها .. وقد وصفه القاص محمد شويكة ب ” التكنوقاص ” : ” أنت يا صديقي تكنوقاص بامتياز كبير.. كيف ذلك ؟ . التكنوقاص هو قاص لا يدع أي شيء للصدفة . النص بالنسبة إليه ورشة للاشتغال … ” ص.73 .. ” أشياء تمر دون أن تحدث فعلا ” منشورات جماعة الكوليزيوم القصصي 2002
ما سأقدمه في هذه الورقة هو عبارة عن مسودة أو فلنقل تقميشات على هامش الكتابة لدى أنيس الرافعي ، الكاتب المغربي ، والصوت السردي التجريبي العربي .والمؤسس الشرعي لجماعة الكوليزيوم القصصي في طبعتها الأولى، وهو الذي اختار واستعار مصطلح ” الكوليزيوم ” للتعبير عن حلبة الصراع . الصراع بين الكتابة التجريبية المفتوحة وبين الكتابة التقليدية المكرسة إعلاميا وحزبيا ورسميا .. وقد تم هذا التأسيس في بيتي المتواضع بمراكش بحضور قصاصين متميزين، ومن الحاضرين : المختار ميمون الغرباني ، محمد بنعزيز، جبران أبو مروان الكرناوي ، محمد أمنصور ، عبدالله المتقي ، ع.العزيز المصباحي ، محمد عرش ، ع.العزيز معيفي ، محمد تنفو، محمد شويكة .. واستمر النقاش الليل كله . وخاصة حول قضية خلافية وهي توظيف اللغة العامية الدارجة والتي أبدع فيها وبها القاص علي الوكيلي ..
وأنيس الرافعي أيضا هو المؤسس لجماعة ” الغاضبون الجدد “. من خلال إصدار قص جماعي . الكتاب الأول ـ ورشة 98 ـ من تأليف : أنيس الرافعي ، محمد عيا ، شكيب عبد الحميد .. واتخذ الكتاب العقرب رمزا .. مفاجأة ـ في الطريق إليكم ـ الكتاب الثاني ، ورشة 99 . رواية جماعية بمشاركة 20 غاضبا ـ الله يستر ـص.104 . فالكتاب الثاني لم ير النور . ـ ربما كان دعاية سابقة لأوانها قصد الإثارة ولفت الانتباه للكتابة الجديدة ـ. وكما أن كتاب ” فوق نار زرقاء ” للقاص عبد الرحيم الرزقي ، كان هو الكتاب الثاني في مشروع ” الغاضبون الجدد ” لكن الكتاب ضاع ، ولا زال البحث عنه جاريا .. وقد أعلن عنه الكاتب أنيس الرافعي في ورقة بعنوان ” شهادة بمناسبة صدور المجموعة القصصية : فوق نار زرقاء . من نصوص ” الغاضبون الجدد “ـ الكتاب الثاني ـ ورشة 99 . لعبد الرحيم الرزقي ـ انقلابي آخر . جاء فيها : ” القاص المشاغب عبد الرحيم الرزقي هو واحد منا . واحد من مغامري كومندو الشر الجميل الأسود ، الذين خرجوا بمصاعب جمة من خلف الزجاج السميك لمخاوفهم غير المبررة . واحد من البوهمين المتخصصين ببراعة فذة وبانحراف شاذ في رشق عالم الخيال بمسامير الانقلاب الممضة .واحد من صعاليك هذا الجيل الفاشل المخيب للآمال ، الذي ارتفع الصمت عنده إلى درجة الواجب ، وأرغم على الذوبان قطعة قطعة في الحامض الفوسفوري للنسيان . ولكن مع فرق بسيط ومتورم الأهمية . لقد تأخر النسيان هذه المرة قليلا ، ربما ليفعل شيئا على غير عادته، مثلا : ليربط خيط حائه.. فتسلل السيد عبد الرحيم الرزقي من بين ساقيه ليضع أمعاءه في كتاب … “…

10155982_1045182308831142_900349914520319782_n
وقد أصدر الكاتب عبد الرحيم الرزقي فيما بعد مجموعتيه القصصيتين : ” سيلان من شقوق ” و” ذاكرة المستحيل ” … رغم الإجهاض الذي لحق هذه التجربة فقد أثارت ضجة مروعة في الساحة الثقافية المغربية وخاصة لدى كتاب القصة القصيرة ..فكانت ردود الفعل بين المؤيدين و المعارضين . ومن المؤيدين نذكر مقال : ” هوامش على بيان الغاضبون الجدد ” للكاتب الشاب محمد حفيظ الفارسي جاء فيه : ” … ولا شك أن غيثا من حجم ” فضائح فوق كل الشبهات . ” فجر قد طال ترقبه وانتظاره من طرف الجيل الجديد . الذي أقصد به هنا ” الغاضبون الجدد “. ذلك المخلوق الذي رفض الامتثال لتقاليد وعادات الأولياء الصالحين والمقدسين الأولين . فأراد بناء السفينة التي سيغامر بها في بحار ومحيطات الألفية الثالثة المتلاطمة الأمواج . ورفض أن يرفرف بأجنحة الآخرين في سماء غير سمائه ، فارتآى أن يشكل أجنحة تخصه وتليق بتقلبات الجو …” المنعطف الثقافي ـ ع /7772 . ـ 2 /3 شتنبر 2001 . ص. 6 .

65978_618545548161489_1600401731_n
ـ 2 ـ
عنوان هذه الورقة : ” استدراجات هادئة نحو عالم صاخب .” و أستسمح أخانا الكاتب أنيس الرافعي على سرقتي هذا العنوان ، الذي سبق أن طرز به انطباعاته التشكيلية حول معرض الفنانين المغربيين : الرشيد أرجدال و عبد المجيد باحسو، تحت عنوان ” حلم إنسان ” . بمراكش.ونشرت مقالته بجريدة المنظمة في عددها 801 . ص. 11. 27 يناير2000 .
أنيس الرافعي ، كاتب استثنائي بكل المعايير الفنية والجمالية , وقد واكبت عن قرب بداياته المشاغبة وهو يتحدى صعوبات و تفاهات المقررات الدراسية للحصول على شهادة الباكالوريا ، عرفته وقتها متحمسا للمشاركة في الأنشطة الثقافية إلى جانب الأساتذة الجامعيين والكتاب والنقاد بمدينة مراكش عاصمة المرابطين في بداية التسعينيات، وهو يدرس عند الأستاذ المبدع الصديق حسن نبد ، وأنا أستاذ بثانوية حسان بن ثابت بباب أغمات .. كان يومها أنيس الرافعي التلميذ الذي لا تفوته الأنشطة الثقافية والسياسية أيضا ، حضوره مكثف يواظب على تتبع الكبيرة والصغيرة في الحقل الثقافي المغربي ، وعن قرب ، وهو مدمن على القراءة .. ولست بحاجة في هذه الشهادة إلى الحديث عن التفاصيل .. وهو يتجاوز كل المعيقات التي يمكن أن تحيل بينه وبين فعل الكتابة ، حلمه الأقصى ، والأقسى ، أن يكرس اسمه الثقافي بكل جدارة واستحقاق ، وبكل نظافة و نقاء … وليس غريبا في عام 1999 ، وفي شهادة طرحها للنقاش تحت عنوان ” الحداثة الرابعة للقصة المغربية ” ، أن يقول : ” ما يهمني ليس بأي القواعد والخطاطات أو البرامج سأكتب هاته القصة الجهنمية التي في رأسي ، ولكن ماذا يشكل هذا الجنس الأدبي المشاغب بالنسبة إلي ، باعتباره كائنا إبداعيا استثنائيا يتطلب مني على الدوام معاملة استثنائية “.. ويضيف ، ” القصة إذن حسب تصوري ، هي بمثابة عملية جراحية كبرى للروح ، لأنها جزاها الله خيرا ـ أنقذتني باستمرار مواظب عليه في اللحظات الأكثر سوءا وشناعة من حياتي .. ” ..
ـ 3 ـ
في العام ذاته 1999 ، كنت أول من يكتب عن أنيس الرافعي القادم بقوة وبفعل الكتابة .. كتبت عنه بورتريه بحماس زائد ، مبشرا به وبقدراته الفائقة التي تتقدم كثيرا على مجايليه من الواعدين في كتابة القصة .. ومما قلته آنذاك ، تحت عنوان : ” الحواشي المؤانسة في غواية الكتابة المشاكسة ” : ” … هذا الكائن الخرافي المشاغب في عالم الإبداع ، الطموح دوما نحو التألق و التفرد والخروج . فهو لا يستقر على حال ، وكأنه حربائي الكتابة . لا يدخل تجربة في الكتابة إلا وهو يفكر في تجاوزها ، والبحث عن بديل لها قبل أن تستنفذ التجربة السابقة ماءها وغنجها … ” هذا القاص الفوضوي لا يرتاح أبدا إلا بعد أن يستفز ذاكرة القارئ ، ويخدش شعوره الأخلاقي خاصة … إن إصراره على الخرق هو جوهر كينونته . وبغيته الأبدية هدم المعايير والضوابط الكابحة ، وتخريب أشكال التسلط الأدبية والفكرية والأبوية .. وسيكون حتما لهذا الفتى ـ أطال الله عمره ـ شأن كبير ، بدأ يرسم خطاه بتعقله وتريثه دون السقوط في الهرولة نحو المنابر والمنصات التي لا تضيء حتى نفسها .. إن هذا الفتى الرافعي يدخل عالمه القصصي من خلال العناية المحمومة بنصوصه ، تخطيطا ، وتصميما ، قراءة وتحصيلا ، تشذيبا وتعديلا . يقلب النص على قفاه أكثر من مرة في حيرة الشاعر ، وتجلد الراهب. وقلق الفيلسوف كما في إشارته إلة القلق الوجودي الذي ينتابه قبل الكتابة : ” هذه ثلاث حالات فلسفية ممضة .وحين أردت تسويدها في قالب حكائي ، وجدتني عاجزا .. ” . و ” الجمال إما أن يكون متشنجا أو لا يكون “. كما قال بروتون . وكما أشار بذكاء الكاتب المغربي محمد المعتصم حين أشر على ارتباط الكتابة عند أنيس بالإشكالات الفلسفية الوجودية المعاصرة حين تطرح أسئلة جديدة حول التحديات المهددة . يقول المعتصم عن أنيس: ” إنه قوي الملاحظة مندمج في تحولات المرحلة بوعي متقد وحاد . لا يكتب رغبة في الكتابة بل يكتب لأن الكتابة مسؤولية أخلاقية ، ولأنها جوهر الوجود . ولأن الكتابة ليست ترفا ولا قلائد على صدور الريباخيين .ص. 12 ـ السيد ريباخا ـ ط. 1 ـ 2004. ” وبذلك استحق القاص أنيس الرافعي الانتماء إلى ” عبيد القص ” أو ” صعاليك السرد ” ..
ـ 4 ـ
ـ إن تجربة القاص أنيس الرافعي تندغم فيها تيارات الحساسية الجديدة التي وصفها إدوار الخراط في كتابه الموسوم
ب ” الحساسية الجديدة ـ مقالات في الظاهرة الأدبية ـ ” ط. 1993، حيث يؤالف بين خصيصات و إواليات الكتابة السردية التجريبية بطريقة متفاعلة يضيف إليها حساسيته الخاصة وبصمته المتفردة مستفيدا من عدة تيارات سابقة كما حددها الكاتب إدوار الخراط و هي :
ـ تيار التشييء
ـ تيار العضوي
ـ تيار استيحاء التراث التاريخي، الشعبي ،التقليدي
ـ التيار الواقعي السحري أو الفنتازيا والتهاويل
ـ التيار الواقعي الجديد ، النقدي
فلا براءة ولا نقاوة في الكتابة التجريبية الحلمية والمغامرة المنذورة لأفق التجاوز الشكلي وعملية الهدم و البناء الدلالية من أجل كتابة ضد الذوق العام السائد طبعا .. إن الكتابة لدي أنيس الرافعي كتابة محسوبة الخطوات ، صناعة مخططة ، مطرزة بالدهشة والمتعة في نفس الآن .. خاصة وأنها تتعدد فيها عوالم الكتابة : الحلم ، الأرواح ، التجارة ، التخييل ، التشكيل ..الرقص الجماعي .. إنها كتابة المعرفة التي تستند إلى معرفة عالمة وأحيانا شعبية متخصصة كما في كتاب ” الشركة المغربية لنقل الأموات “.. الذي يتخلق من الموروث الشعبي الكناوي ..
ـ 5 ـ
يقول محمد خضير : ” تبنى القصص ، كما تبنى الجدران ، أو كما تنحت التماثيل ..” على هذه الشاكلة تنعطف الكتابة لدى أنيس الرافعي في مجموعته الأخيرة ” الشركة المغربية لنقل الأموات “، وهي في صيغة طقس قصصي في أربع عادات وسبع محلات .. تتخلق القصص ب ” إزميل التجلد والتفكير ، له قدرة خارقة على استثمار اللامفكر فيه . فكان سباقا إلى المجالات البعيدة عن الأدب ليؤدبها ويخضعها لسيطرته ، رؤيته بعد دراسة وتمحيص وتخطيط وإعادة نظر.. فهو يهندس قصصه ، فلا يترك مجالا للصدفة ، كل شيء بحساب حتى علامات الترقيم تتحول إلى علامات المرور ” ..الشيء الذي أكد عليها القاص والناقد أحمد بوزفور قبل عشر سنوات في رسالة خاصة بقوله ” … قصتك الجميلة ” التراغم ” ، التي أعتبرها نقلة نوعية في مسيرتك القصصية الصاخبة . نقلة نوعية لأنها في اعتقادي أهدأ ، وأشد تماسكا والتحاما، وأقل تشذرا … ومع ذلك كله ، فإن النص مبني بشكل ” ذري ” : تتحرك فيه الإلكترونات والنيوترونات في اتجاهات مختلفة ، ولكن يحكمها دائما المدار الصارم الذي تسبح في فلكه . يبدو لي أن هذا الإحكام في البناء ، هو النقلة النوعية التي أشرت إليها أعلاه “. رسالة مؤرخة في البيضاء ، ب 7 ـ 8 ـ 2001 …
. وأما التنصيص في العنوان على كلمة ” المغربية “.. فله أكثر من دلالة ، لعل أهمها التأكيد على خصوصية التجربة في بعدها الوطني ، حيث الموت الجماعي في مختلف المجالات … والقدرة على المساهمة في مختلف أنواع الكتابة أيضا .. ويمكن إدراج تجربة هذه المجموعة القصصية ضمن تيار استيحاء التراث التاريخي ، الشعبي ، التقليدي ..الذي يكشف عن البحث والتقصي قبل الشروع في الكتابة فلا مجال للصدفة والعفوية .. فالكتابة لدى أنيس بمصاحبة بشعور مزمن بعمق الحاجة الملحة لكل ما هو أصيل ومتجدد وإلا توقف عن الكتابة ـ إذا كان الأمر يقف عند حدود التكرار أو استنساخ تجارب سابقة ـ . ولذلك يقول أنيس في ” أوراق ساقطة من مفكرة قاص تجريبي ” .. مستقبل هذا الجنس السردي الأملس والمراوغ ، تماما مثل تلك السمكة القزحية في الأسطورة الصينية . يمسكها الصياد لمرات ذوات العدد ، لكنها كل مرة تنفلت منه لتعود من جديد إلى النهر … ” مراكش 2000… وهذا التصور ذاته هو ما ذهب إليه المرحوم غسان كنفاني ناقدا في قوله : ” فالكاتب الأصيل إذا شعر أنه غير قادر على كسر الطوق الذي رسمه إنتاجه الأول حول نفسه ، فإنه سيشعر بالتالي بعدم الحاجة إلى الكتابة .أليس هذا ما حدث ـ غالبا ـ مع زكريا تامر ، ومع عدد كبير من أبرز موهوبي القصة العربية المعاصرة … ” ص. 102 ـ مقالات فارس فارس ـ كتابات ساخرة ـ دار الآداب ، بيروت / ط1 ـ 1996
ـ 6 ـ
الكتابة السردية عنده أيضا تخترق مختلف الأجناس التعبيرية الممكنة ، والمحتملة ، لذلك ليس غريبا أن يختلق توصيفات جديدة أحيانا غير مسبوقة تقوم على هجانة الخطاب، وتعدد تجنيسات المسرودات من قبيل : ” ورشة ، كتاب قصصي ، تعاقبات قصصية ، تمارين قصصية ، قص جماعي ، قصص مينيمالية ، متتاليات ما بعد سردية ، ملاحظات قصصية ، قصة استيهامية دائرية ، قصة ميتافيزيقية ، ق . بوليسية مضادة ، مربكة قصصية ، …
. إذ تجمع بين الخطاب السردي والخطاب النقدي جنبا إلى جنب .حيث التوليف بين اللغة الإنشائية واللغة الوصفية العالمة وهي تجربة غير مسبوقة في المجال القصصي بخلاف المجال الشعري كما في تجربة الشاعر المرحوم محمد الحبيب الفرقاني في ديوانه نجوم في يدي الصادر عام 1964 بمقدمة نقدية هائلة .. ومن المؤسف أن تصدر الطبعة الثانية للديوان عام 2011 ، وقد حذفت منه المقدمة الهامة كما أسلفت .. إن تضمين الخطاب النقدي في النصوص القصصية أو مستقلة عنها للكاتب نفسه، أو لغيره من الكتاب والنقاد تصريحا أو ضمنيا، ومن الشعري والنثري وتحت مسميات وأشكال متعددة منها : رسائل ، ملاحق ، مقتبسات، تنويه وإحالات ،شهادات، تقرير، إهداء، إضافة ، إعلان ، بيان، علبة سوداء ، إعلان ، دعوة ، هدية ، بروتوكول ، خطاب الحراسة ،مدخل أولي ، ملحوظة ، حاشية ، تقديم ، كرونولوجيا وتنبيه .. كتابة التهجين هذه تحقق بلاغة المؤانسة والإمتاع ، كما بلاغة الحجاج والإقناع ، ذلك أنها كتابة متعددة تعزز الوعي النقدي لدى القارئ وتكشف له أسرار الكتابة وربما أحيانا توجه قراءته سلبا أو إيجابا ، وقد تصيبه بحمى الدهشة والحيرة واللذة بمفهوم رولان بارث، والهز بمفهوم عبد القاهر الجرجاني .. ومن أهم المشاركين في تخلق هذا الخطاب النقدي المصاحب : أحمد بوزفور، محمد أمنصور، محمد شويكة ، محمد المعتصم … ويبقى أنيس الرافعي الكاتب هو ” الناقد المثالي لنصوصه القصصية حسب خبرته ومرجعيته ، دون أن يعرضها لمباضع التشريح الدموي
ة أو للملاحقات البوليسية الشرسة .” كما صرح ذات لقاء جميل لن يتكرر..

على سبيل الختم
ـ 7 ـ
وأنيس الرافعي أولا وأخيرا ذلك الكاتب المشاغب الذي لا تتعدى وظيفته ” وظيفة ماسحة الزجاج في السيارة ،هي ضرورية لتوضيح الرؤية ، لكنها غير قادرة بتاتا على إيقاف المطر.. ” مراكش 2001 ـ ” القاص وماسحة الزجاج “. ولذلك يصر على ألا تكون القصة القصيرة : ” نشيدا وطنيا ، راية أمة ، ميكرفون قبيلة ، بوق حزب ، يافطة سياسية ، وخطابا عقائديا .. ” .. لذلك كله ، فاحذروه لعلكم تفلحون .. اللهم إني قد بلغت ..اللهم إني قد بلغت …

 

تعليق واحد

  1. أنيس الرافعي قاص استثنائي بكل المقاييس الجمالية والفنية .. له بصمته الخاصة على جسد وروح القصة المغربية والعربية … تحية للموجة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.