الرئيسية | حوار | محمد العياشي: التكنولوجيا عامل فعال في تحريك دينامية الشعر

محمد العياشي: التكنولوجيا عامل فعال في تحريك دينامية الشعر

أجرى الحوار عبد الواحد مفتاح

فعلا استمتعت بالحوار مع محمد العياشي، فهذا الشاعر أحد القلائل ممن يكتبون القصيدة الموزونة اليوم، بأفق حداتي بالغ الشفافية..رجل يكتب على إيقاع الخليل بن أحمد بخوارِزميات جاك دريدا، ورولان بارت، ووفق أفق شخصي يضفي دفئا حميما ولذيذا. في ابتعاد كامل عن الزعيق العام، يمارس قصيدته في هدوء، حتى أنه لا يلقي بالا في حديثه للمفارقات المخيمة على جغرافياتنا الشعرية .
حول رؤاه، وحيثيات اشتغاله على مشروعه الجمالي، ومكانة القصيدة الموزونة اليوم، كان لنا معه هذا الحوار:

محمد، سعيد جدا للحوار معك فعلا أحيانا أقضي مدة طويلة قبل أن أصادف قصيدة موزونة جذابة، قلة جدا من مازالت تكتب هذه القصيدة وتفجر داخل عمودها جماليات جديدة، لماذا الإصرار هنا على الشعر الموزون المقفى، في وقت نشهد هجرة الجحافل إلى قصيدة النثر؟

_مرحبا بك صديقي مفتاح وأنا أسعد معك بهذا الحوار الذي شرفتني به٠ أما بخصوص سؤالك صديقي فمنهجي في الكتابة الشعرية الذي يعتمد العروض الخليلي في أغلبه ليس إصرارا متعمدا ومتكلفًا بل هو كتابة عن عفو الخاطر وهي تلبي حاجتي النفسية إلى الترويح عن النفس والتعبير الفاره ٠ولست أجدني إلى اليوم على الأقل ونفسي تدعوني إلى مزاحمة شعراء النثيرة مع أنني لا أستبعد هذا الطرح مستقبلا ٠٠٠٠واعتقد ان التزامي هذا النهج في الكتابة احافظ به مع من اصطفاه معي من الشعراء على تنوع القصيدة المغربية التي تتميز بفسيفساء محمودة حيث تغطي كل أضراب الشعر٠

القصيدة الموزونة وقصيدة النثر، وبينها قصيدة التفعيلة، ألا تجد معي أن انتفاء الضوابط من القصيدة الحديثة، جعل كثيرين يستسهلون كتابتها؟

_أكيد٠ انتفاء الضوابط من شعر النثر كما هو معروف جعل كل عشاق الشعر يقتحمون باحته لكي يصبحوا شعراء مع أن الأمر عكس ما يظنون فقصيدة النثر صعبة المراس ولا تقل صعوبة عن شقيقتيها الموزوننتين ٠صعوبتها تتمثل في نظري في غياب الضوابط الملموسة كالوزن مثلا مما يجعل الإمساك بنص نثري حقيقي لا يتحقق إلا للموهوبين والموهوبون قليلون٠ والذي يأمل أن يصير شاعرا نثريًّا في رأيي فلأفضل له والأيسر أن يأتى إلى القصيدة من باب الإلمام الجيد بالتراث العربي القديم منه والحديث ولا يكتفي بما ألم به من قراءة ما تيسر من الشعر العالمي مترجما أو في لغته الأصلية إضافة الى ما أتيح من الشعر العربي اليوم للرواد ولغيرهم٠

متى تمطر غيمتك الشعرية؟
مشهور جدا عند الشعراء قول الفرزدق:” إني لأشعر تميم وربما أتت علي ساعة ونزع الضرس أهون إلي من قول بيت الشعر” أعتقد أن هذه الحالة ما تزال سارية مع ا لشعراء في كل زمان ومكان لأن كتابة الشعر غير متاحة في كل حين إلا أن يكون نظمًا فالنظم ممكن في كل وقت والنظم غير الشعر كما تعلم.
لقد عقد ابن قتيبة فصلا في كتابه التراثي القيم الشعر والشعراء فصلا عن أوقات معينة يسهل فيها كتابة الشعر وذكر أن له دواعي تحثه فقال مثلا على الأوقات أول الليل صدر النهار وبعد شرب الدواء ….. وعن الدواعي التي تسرع بالشعر الشراب والطرب والغضب والطمع الخ قد يكون مصيبا في بواعثه النفسية لأن الشعر معكاس نفسي عندي على الأقل .
الشعر عندي تأمل نفسي وملاذ وسيع لذلك فإن غيمتي تمطر كلما عنَّ لها ضيق ما وتفاعلت داخليا مع مقروء أو مرئي كيفما كان وليس بالضرورة أن أكون أرغب في ذلك لأن شيطان الشعر قد يحاصرني ببضاعته وأنا أتجول في السوق أو في أي مكان .
يعني الشعر عندي غير محدد بوقت معين إنما هو سحابة غير جافة قد تمطر في أي وقت وأي مكان مع أن الهدوء والخلوة هما الظرفان المثاليان.

تراجع صيت الشعر عموما في العالم العربي، وما عادت له تلك الحظوة التي كانت. في نظركم ما أسباب هذا التراجع؟ كيف تتصور آفاق المشهد الشعري العربي في المستقبل في ظل هيمنة التكنولوجيا، وكثرة التحديات؟

ـ الشعر طبعا تراجع صيته خاصة إذا قارناه بالقرون الأولى الهجرية في المجتمع العربي ودائما ما تستذكر قول الخليفة عمر” الشعر علم قوم لم يكن له علم سواه ” حيث كان الشعر يلعب جميع الأدوار كان فنا وإعلاما وتأريخا ولهوا وكل شيء ، وإذا نظرنا إلى أسباب التراجع سنجدها متعددة ومركبة
أهمها في رأيي :
ظهور فنون عديدة منافسة وتعتمد الصورة
اللغة العربية قليلون هم من يفهمونها
تدهور التعليم
الجهات الرسمية المسؤولة لا تبالي به

أعتقد جازما أن الثورة التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في المنتديات الألكترونية والمواقع الأجتماعية كانت سببا رئيسا في الحراك الشعري اليوم الذي ينطلق من الإفتراضي لينعكس واقعا على الأرض في شكل ملتقيات وأماسي شعرية ودواوين… ولولاها لعم الركود واستمر واحتكر المشهد ثلة من المتنفذين والجرائد الحزبية….
إذن التكنولوجيا عامل إيجابي فعال في تحريك دينامية الشعر والشعراء رغم كل التحديات ، ومستقبل الشعر مفتوح ولا ينتهي بموت الرواد بل سيظهر رواد آخرون في سمائه وهذا منتظر.

*ماذا يعني لك الشعرُ في اللحظة الراهنة ؟ وهل عبّرت قصائدك عبر أعمالك الشعرية عن شخصيتك وتجربتك ورؤيتك الإبداعية؟

_الشعر دائما له معنى كبير في نفسي منذ صباي وهو في الوقت الراهن متعدد لا يخلو من جاذبية وجمال عند الموهوبين في كل أصناف الشعر،
دائما هناك طموح إلى الأفضل، الرؤية الأبداعية تتطور والتجربة في صقل وشحذ مستمرين والقصيد الأجمل لم يكتب بعد.

في كلمات
الشعر
_معادل موضوعي للوجود بالنسبة إلي

محمد مقصيدي
_حبيب

السياسة
_لم يخلق لها أمثالي

المتنبي
ـ في رأيي الشخصي لا اصطفافا ولا تقليدا لأحد أبدا وبالرغم من بعض المؤاخذات التي لا يتسع المجال لذكرها فمعه بلغ الشعر العربي ذروته على مر العصور٠

محمد العياشي
_ أشعر أنه ضال

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.