الرئيسية | منبر الموجة | عن طيب تيزيني والحاضر | د. ناصر السوسي

عن طيب تيزيني والحاضر | د. ناصر السوسي

د. ناصر السوسي

حينما كنا تلامذة بالإعدادي كنا منكبين على دراسة الفكر السياسي في أصوله، لكن الفلسفة مارست تأثيرها علينا بشكل ملفت… أسرتنا الفلسفة بأسئلتها وقضاياها بصدد الوجود والموجود والتخلف والايديولوجيا وأصناف التفكير… لم تكن تخلو مداخلاتنا من توظيف مفاهيم بعينها كنا نمتحها من انكبابنا على قراءة كتب كانت في تلك المرحلة العمرية أكبر منا من قبيل : الميتافيزيقا والتحريفية Révisionnisme والرجعية والإصلاحية والمثالية و المادية…

كان تأثير طيب تيزيني وتخصيصا كتابه “مشروع رؤية جديدة.. “قويا.. وكانت كتابات ألثوسير وسارتر وكامي و باسكال وروسو مغرية لنا… أذكر يوما ناقشنا مدرسنا للغة العربية وكان معرب “التكوين ” تقليدي المرجعية والثقافة… ناقشناه بصدد أفكار سلامة موسى وقيمته الفكرية في مجتمع متخلف فإذا بأستاذنا يبدي امتعاظا غير مفهوم من انكبابنا على قراءة هذا المفكر الكبير… أذكر بالضبط جوابه “أنا لا أقرأ مثل هذا الشخص الملحد ولا تهمني أفكاره ” ولم يشبع جوابه غليلنا بالمرة…

لم نكن نطمئن رغم طراوة عودنا إلى تلك التصنيفات الاعتباطية و المتسرعة التي كان يوظفها طيب تيزيني مثلا في ” من التراث إلى الثورة ” و  “حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث” كما لم نكن نطمئن ل” نقده ” للمواقف الفلسفية لمفكري عرب جايلوه وقد نعت أغلبهم كعلي سامي النشار وزكي نجيب محمود بالرجعية والأرستوقراطية والبورجوازية… لم يكن طيب تيزيني في الواقع يوجه نقدا علميا ولا صميميا لمحتوى أعمالهم وإنما كان يحاكم أفكارهم ومن خلال ذلك يحاكمهم بصفة شخصية وفي هذا كان بعيدا كلية عن النقد الرصين وعن المنهجية الفلسفية ..

وأرى أن موقف طيب تيزيني اللاعلمي هذا يستعاد اليوم بطريقة أو بأخرى كتصنيف مواقف المتدخلين من بعض مدرسي الفلسفة الى ملحد و مؤمن… مسلم ويهودي… علماني ولاديني… غربي التفكير و عروبي المنزع متحرر وديوث… وأفكار إسلامية و إسرائيليات دخيلة… إلى حد أن هناك من أقزام الفكر الجدد من طفق يوقفك أثناء الحديث ليحدثك عن الإسلام الأصلي والحقيقة الواحدة والراي الحق بانيا افكاره على ما لقن من دروس وملخصات بمدرجات الكلية او مدعما ترهاته بقال لنا الأستاذ الدكتور فلان يوما أو قال العلامة فلان في القناة الفضائية كذا أو كذا… أما إن استشهدت بمرجع كتب بلغة أجنبية فقد ينعتك بالفرنكوفوني أو الاستعماري او الاستشراقي المتبني للفكر المستورد…

تعليق واحد

  1. كلام سليم للاسف لان بعض من اعتبروا مفكرين كانوا كتابا لا اكثر تستهويهم الايديولوجيا والاهواء الشخصية وانظر الاحداث الدامية في بلداننا العربية ومع ذلك لا نقرا مايوازيها نظريا بسبب تشوش الرؤيا الفكرية وضحالتها سابقا اما كلمة مفكر فلها شروطها وطبعا لا تفتقر الثقافة العربية لمفكرين ولكن تمتلىء بمدعي اللقب ولكن ملاحظتي على مقالتك اختصارها الكبير فالموضوعات الكبيرة لا يجوز اختصارها لهذا الحد وتحياتي لك واتمنى لو اتيح لك الاطلاع على مقالة جديدة بعنوان ايديولوجيون دون ايديولوجيا في موقع الاوان ومقع الحداثة فهي تذهب مثل مذهبك

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.