الرئيسية | فكر ونقد | “ضد الجميع” الكتاب الذي ينتف لحى الاخرين | عزالدين الماعزي

“ضد الجميع” الكتاب الذي ينتف لحى الاخرين | عزالدين الماعزي

عزالدين الماعزي

سعيد منتسبضد الجميع، كتاب صعب المراس كأزهار الشر، أشبه بنزلة برد يتكفل بالمجاز فينطق بما في الرأس من ألم وصداع يحوله بدهاء الى دهشة.

كتاب يمنع عنك النوم، يفتح شهية الحلم والاستفزاز، يتدفق عتابا، حبا يلوث طحالب الماء بعصافير جذلى تتقافز وتنط كأزهار بودلير تصفع وتلسع لأنه مثل (فأس في خاصرة).

وأنت تقرأ ضد الجميع، تحترس كنحلة، تفكر، ترتجف كأنك تأكل سمكة شائكة على حد تعبير العزيز بوزفور، نص واخز، جارح، عسير، وقح، ساحر، ساخر، لا يكتب لكي ليعبر عن همومه بل يكتب ليفضح بفزاعة شاسعة وليصنع بكلمات قنابل ورصاص وطعنات موجعة.

يعلمنا أن نحجز المقاعد، يحذرنا بالخطر الكامن من الكتب التي تترهل ويعلمنا الحرص على القارورة بدل العطر. الكتاب الذي لا يحتاج إلى تجميل يده بحناء او نقش، يحرسُ الكتب َمن آفة الانتحار لديه الوقت الكافي للمشي ووضع الأرانب في القبعة ورؤوس التعابين بعيدا مع وزن القصائد في حالة استنفار

كتاب يذهب مباشرة لنتف لحى الآخرين، يمارس القوة والتبوريدة على نفسه وضدها بعينين مفتوحتين نافذتين لمكامن العطب وإصبع صارخ موجه يعري الورد يوجه اتهامات يلعن الظلام والفاسدين يرمي البيض في الحقول الملغمة يعطر الازقة والدروب بنيران حارقة لتنقشع غيوم وتمضي بلا هوادة تبحث عن المصير.

يتباهى بأنه الكاتب/ الكتاب المتلصص الذي لا يقهر، يخدش المرآة بجرأة القول وبمعاول الاستفزاز المسلح مرجعيا بالقراءة والمسح الطوبوغرافي، يحولك إلى قارئ اعزل خائف مرتعب..

إنه الكتاب الذي يزدحم باللعنات خارج المقاس وبمقاس توالي الطلقات بلسان ملتهب، يستنجد بأسماء التاريخ والجغرافيا والفلسفة والطب والعلوم ينتشلها من نومها يوزع الكرات ويقذف قنوات الكورنيش بقذائف من كل جهة. يتذكر روايات واحداثا ويسترجع طفولة مدهشة مشتركة لجيل ناقم تعيس مختل بفرح الصغار: حائط الموت، لا فوار،.. بذهول وأناقة الكبار في حالة حرب، يده على القرص..

الكتابة لديه تسلية، مرآة مرور إلى قارعة طريق الأحلام والأعطاب بطريقة القرب من الورد والشوك بعيدا عن الكراهية والأعطاب، هي رغبة الخلود إذن، تزعج أكثر ما تريح وتربح.

كتاب، طرائد نصية، يزعج أكثر ما يستكين إلى الراهن، يزعج القارئ يستفزه يدعه يرقص بالوخز والقبل. وأجمل الكتب هي التي تطعننا وتغمر الحدائق بالألوان ولا تنطق الا عن هوى وتفيض نورا ونيران. كل كتاب يخادع ينصب فخاخا، عينه متلصصة كقط. ماذا يعني أن تحمل حزمة حطب فوق ظهرك ليتدفأ الاخرون؟ ما الذي يجبر الكاتب على المشي حافيا في طريق من الاب ؟ص12

إنها الحرفة، حرفة الادب التي لا تستكين الى ريح أو ربح وتمطر فساتل ورودا وفتائل كبريت معطر.. ويد تلوح من بعيد بحثا عن استعارة. شخصيا، اعتقد أنه كتاب يزعج ويقذف بنا بعيدا.. يعلمنا نصب الفخاخ وتركيب جمل للعصافير وكل الكتب فاتنة في الحلم دوما يتبقى منها بهاء .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.