الرئيسية | فكر ونقد | صورة الحداثة والعقلانية في فكر محمد عابد الجابري | د. خالد لحميدي

صورة الحداثة والعقلانية في فكر محمد عابد الجابري | د. خالد لحميدي

د. خالد لحميدي

لا يمكن الحديث عن الدور الريادي الذي اضطلعت به “الانتليجنسيا العربية المعاصرة“، في تطوير وعي الإنسان العربي بذاته، وبالمشاكل والتحديات التي تواجه حاضره ومستقبله، دونما الحديث عن واحدٍ من أهم أعمِدته وأركانه؛ وأقصد الراحل محمد عابد الجابري. كواحدٍ من  الذين طبعوا ساحة الفكر بطابع خاص، بل يمكن القول، ودون مبالغة أن الراحل كان منارة سطع ضوءها على مختلف المجالات، وامتدَ إشعاعها ليْشمل التربية والتعليم والفكر والسياسية وغيرها من الحقول المعرفية. كيف لا والراحل كان صاحب مشروعٍ متكاملٍ ورؤيةٍ واضحةٍ، ابتغى من خلالها تجاوز أزمة الأسس ــ التي ما تزال ترخي بظلالها على زمننا العربي الراكد في وحل التخلف والتبعية ــ من أجل تأسيس جديد للثقافة العربية، وتحقيقاً لطموح الاستقلال التاريخي للذات العربية ــ بتعبير الجابري نفسه.

 ليس من شك أن الراحل، لم يكن أول من بَدأ التفكير في معضلات الخطاب العربي المعاصر، وسُبُلِ الخروج من الأزمات التي تُكبَل مسار تقدمه وتطوره، بل محطةً تكمل ما دشنه جيل الرواد من النهضويين ــ وهو ما يعترف به في غير ما موضع ـ لكن وجه الفرادة في عملِ الجابري، يكمن أساسا في طبيعة تشخيصه لأزمة الثقافة العربية الإسلامية، وتحديدا للعقل الذي أنتج هذه الثقافة. وفي هذا المعرض يقول ” إن ما يهمنا من هذا الخطاب، الحديث والمعاصر، ليس مضمونه الإيديولوجي، ولا محتواه المعرفي بل كل ما يهمنا منه هو كونه يحمل علامات العقل الذي ينتجه، وإذن فما يهمنا هو تشخيص هذه العلامات .. علامات اللاعقل في الخطاب العربي الحديث والمعاصر”[1]. واضح إذن، أن الراحل ومنذ كتابه الخطاب العربي المعاصرــ هذا الكتاب يمكن اعتباره بداية التحول في طريقة التعاطي مع العقل العربي* ــ يضعنا أمام مقدمةٍ نقديةٍ، تقطع الشك باليقين، أننا أمام بداية عهد جديد، وأسلوب مغايرٍ في التعاطي مع المعرفة التراثية، وهو ما سيتأكد بعد توارد مشروعه النقدي تباعا، وبيان ذلك فيما سيأتي من هذه الورقة. لكن قبل ذلك نحب إثارة التساؤل التالي؛ لأن في ضوءه تتحدد الغاية من هذه الصفحات :

هل يمكن الحديث عن دور ووظيفة المثقف خارج مشروع الدولة الوطنية؟

الجواب عن السؤال السابق، يضعنا في صميم المشروع النقدي للراحل الجابري؛ وذلك من عدة أوجه. الأول، أنه مشروع ينحاز إلى العقلانية والحداثة والدفاع عن مكتسباتها[2]. أما الثاني، فكونه يستهدفُ تحقيقَ الاستقلال الذاتي، من خلال وضع الذات العربية أمام مسؤوليتها التاريخية. ثم الوجه الثالث، والأخير، الذي يتحدد، في فحص، ونقد الأداة المنتجة للأفكارــ يقصد العقل.[3]

أولا، في الدفاع عن العقل والعقلانية:

لم يدافع مثقف عن مكتسبات الحداثة والأخذ بأسبابها، كما دافع الجابري، بل إنه جعلها قطب الرحى في مشروعه النقدي. هذا المشروع الذي سيأخذ على عاتقهِ مهمةَ تشخيص أسباب أزمة الأسس التي يرزح الواقع العربي تحت ثقلها. ولعل الانعطافةَ في دفاع الجابري عن الحداثة والعقلانية، تكمن في الميز الحاد الذي وضعه الراحل بين العقل واللاعقل في الثقافة العربية، كمقدمة أساس لتشخيص أسباب الأزمة وسبل تجاوزها. أما زمان بدايتها، فكان عصر التدوين غِبَ نهاية التقعيد، لمختلف النظم المعرفية المكونة للعقل العربي. وهو تقعيد نجم عنه بداية التصادم بين ثلاثة نظم معرفية متصارعة ــ هي البيان، والعرفان، والبرهان ــ أو ما يمكن نعته بصراع التأويلات والخطابات، حول لمن تكون الشوكة والغلبة على احتكار التراث والهيمنة على الحكم والفضاء العام. ليس تحصيلا أن منافحة الجابري عن العقل ممثلا في البرهان، لا تشير فقط إلى بداية التحول في نظرة العقل العربي إلى نفسه وأدواته، ولكن إلى أزمة دولة الخلافة نفسها، وحاجتها الماسة إلى سلطة ثقافية مرجعية، في ظل غياب خطاب سياسي يتمتع بالمشروعية، وقادر على تحقيق الإجماع بين مكونات الدولة. والحالة هاته، تعددت أسباب الحاجة إلى قراءة التراث قراءة نقدية. وهي قراءات لم يكن الشاغل من وراءها، إعادة إحيائه ـ أقصد التراث ـ كي يصير معاصرا لنا، بل بيان عوامل أزمته في الماضي، وتشخيصها، والوقوف على حدوده في الحاضر وتجاوزه. مادام أن الحداثة لا يمكن أن تتحقق من خارج التراث. وفي هذا المعرض يقول الجابري، مبررا دوافع مشروعه الحداثي ” إن التحرر من التراث معناه امتلاكه، ومن ثم تحقيقه وتجاوزه. وهذا ما لا يتأتى لنا إلا إذا قمنا بإعادة بنائه بإعادة ترتيب العلاقة بين أجزائه من جهة، وبينه وبيننا من جهة أخرى، بالشكل الذي يرد إليه في وعينا تاريخيته ويبرر نسبية مفاهيمه ومقولاته[4]. نحن إذن، أمام استراتيجية، تروم إعادة بناء العقل الثقافي العربي داخل وحدة مرجعية، تجد سندها في محاولتها، خلق نوع من التماهي بين مشروع الدولة نموذج المأمون، وبين النخبة المثقفة. وهو مشروع استطاع تحقيق نوعٍ من التوازن بين السلطة والمعرفة، وتجلى في مدرسة بغداد خصوصاً. فإذا كان ممكنا في الماضي انجاز عصر التدوين، وتأسيس الثقافة على مدامك جديدة، وحدت من حولها الكثير من الأطياف والمشارب العقدية والفكرية ــ لا ننكر أنها تمت أحيانا بالعنف والقسر ــ تحت لواء خطةٍ جامعةٍ، وتجلت على الخصوص في مشروع بيت الحكمة العقلاني، فإن ذلك ممكن أيضا في اللحظة المعاصرة، مادام أن نفس الأزواج الحاكمة لطريقة اشتغال العقل العربي، مازلت تفرز نفس العلاقات، التي أدت ـ في الماضي ـ إلى غلبة شوكة النظام العرفاني على البرهاني؛ ونعلم جميعا كلفة السقوط في اللا عقل ـ كما بينها الجابري. وها هي نفس الأزواج اليوم تفرز النموذج السلفي مقابل اللبيرالي؛ كأننا أمام زمان متوقف، لا يبرح مكانه، وصار يشكل عائقا ابيستيمولوجياً، تترتب عنه ـ في عرف الجابري  نتيجتين متعارضتين:

ــ هناك من جهة تداخل بين العصور الثقافية في الفكر العربي.

ـ وهناك من جهة أخرى انفصال بين الزمان والمكان في التاريخ الثقافي العربي.[5]

وهنا يصير سؤال التقدم مشروعا، ومنطقيا من قبيل أن شرط المعرفة التطور والتقدم، لا الرجوع والقهقرى إلى الخلف. نحن إذن، أمام ضرورة منهجية، تقتضي منا أهمية التحلي بموقف تاريخي مسؤول، موقف قِوامُه الطموح، والمصالحة مع شرطنا التاريخي، أو بتعبير الجابري ” تحقيق قطيعة ابيستيمولوجية معه ـ يقصد الزمن الثقافي ـ قطيعة قوامها تدشين زمن ثقافي جديد على اسس جديدة”.[6] ولا يخفى أن الشرط السابق، هو سبيل العقل العربي إلى التاريخ والعالمية، وإلى تحقيق استقلاله الذاتي، وضمانة تفاعله الحضاري من جديد.

فما السبيل إلى تحقيق شرط الاستقلال الذاتي؟

 ثانيا، في المثقف والفردانية.

لا شك أن من أسباب الأخذ بالحداثة، توفر شرط الوعي بالذات؛ بحيث يعتبرا كل حديث عن خطاب الحداثة والعقلانية دون قاعدة الفرد والفردانية، مجرد حديث يفتقر إلى أسباب نزوله ومقدماته المنطقية. ووعياً بالمعطى السابق، سعى الراحل إلى إعادة تعريف مفهوم الحداثة بما يتماشى والمقدمات التي برر من خلالها مشروعه النقدي، وذلك من خلال اعتباره الحداثة ليست وصفة جاهزة ، أو شأنا خاصا بالحضارة الغربية، وبتعبير المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز الحداثة حداثات* ــ في معرض حديثه عن توصيف الجابري لمفهوم الحداثة. فإذا كان الحداثة صورة والفرد مادتها، وكاهلها الذي يحمل عليه، فإن شرط العقلانية والحداثة تحقيق الاستقلال الذاتي. وأمام هذه الواقعة؛ أقصد واقع الافتقاد إلى شرط الاستقلال التام، ينطلق الجابري محللا، و موضحا أسباب استلاب المنظومة المعرفية العربية في سببين اثنين:

أولهما، أن الوعي الحاد بالافتقاد يكرس تبعية النمودج، من جهة.

وثانيهما،أن هيمنة النموذج تكرس آلية القياس وتجعل الذات عاجزة عن تحقيق استقلالها التاريخي، من جهة أخرى.[7]

ولاشك أن الجواب عن سؤال الاستقلال التاريخي، كما وضعه الجابري، يضعنا أمام ثنائية أخرى لا ثقل أهمية عن ثنائية النموذج الغربي، والنموذج العربي الإسلامي. ألا وهي ثنائية الأنا والآخر. أما الحل الذي يقترحه، فهو ضرورة التحرر من النموذجين معا، ويقصد التحرر من سلطتهما المرجعة. فما طبيعة هذا التحرر؟

إنه بلا شك، تحرر من وجهين. الأول، هو أخذ مسافة من الحداثة الغربية، والنظر إليها في تاريخيتها ونسبية مقولاتها ومفاهيمها. أما الثاني، فتحرر من التراث بالنظر إليه في تاريخيته ونسبيته لا مطلقيته. ما دام أن الرهان هو النقد؛ ويقصد به ” رفع الضباب عن رؤية الماضي كي تتضح رؤية الحاضر والمستقبل”. وترجمة لهذه الرؤية، سيعمل في كتابه ” المثقفون في الحضارة العربية ” على البحث عن مسوغات منهجية، تسند توصيفه السابق للحداثة. ولعل المثال السَاطعُ على ذلك، هو حفرهُ في الخطاب الفكري العربي الكلاسيكي، عن إمكانية لتوفر مفهوم المثقف ووظيفته. كالعادة ومن خلال مقدمةٍ تحليليةٍ، عن أهمية التبيئة للمفاهيم، بما يتماشى والسياق الحضاري والتاريخي لكل ثقافة على حدة. يعترف الجابري، بدايةً أن لا وجود لمفهوم المثقف في الحضارة العربية. وبناء عليه، يبقى الحل هو تبيئته ليكون له أساس ومرجع. فما المقصود بالتبيئة؟

” تعني ـ التبيئة ـ ربط المفهوم بالحقل المنقول إليه ربطاً عضوياً، وذلك ببناء مرجعية له فيه تمنحه المشروعية والسلطة، سلطة المفهوم في آن واحد. وعملية بناء المرجعية للمفهوم تتطلب بطبيعة الحال الإطلاع على مرجعيته الأصلية…”[8]. وانطلاقاً من المعنى السابق لوظيفة التبيئة، يجد الجابري جذور الفردية و” والمثقف” من داخل الحضارة العربية. وذلك من طريقين. الأول، أن ظاهرة المثقفين في أروبا المسيحية، ارتبطت بثلاثة معطيات هي :

1 ـ معطى حضاري ومفاده ظهور المدن في أروبا نتيجة الاتصال بالعرب.

2  ـ معطى ثقافي ويتمثل في عملية الترجمة.

3 ـ معطى مهيئ ظهور فئة تمتهن العمل الفكري.

أما الطريق الثاني، فهو توسط ـ بتعبير الجابري ـ المنهج الارتدادي، كرؤيةٍ للحديث عن المثقفين في الحضارة الإسلامية. ومفادهُ أن المثقفين ليسوا طبقةً، بل هم أفرادٌ يتحددون بوعيهم الفردي، تماماً كما تتحدد الطبقةُ بالوعي الطبقي[9]. ونتيجةً لذلك، يكون المثقف كائناً فرداً، تتمثل فرديتهُ، في كونه كفرد، له وعيٌ خاصٌ، ورأيٌ خاص، وربما رؤيةٌ للعالم خاصة.[10]

بيد أن الحديث عن المثقف، لا يستقيم إلا بالعلاقة مع الفرد. فكيف يتحدد الفرد في الحضارة العربية الإسلامية؟

الجواب عن السؤال السالف، يحيلنا مباشرة إلى شبكة العلاقات التي كانت تحدد حياة الفرد داخل الثقافة الإسلامية، وهي كما حددها الجابري في كتابه، خمسةُ أزواجٍ الراعي/الرعية، و الخاصة/العامة، والعطاء / الخراج، و الغنيمة/القبيلة، ثم البدو/الحضر. ولا يخفى أن الفرد تبعا للتحديد السابق، ليس كائناً سلبياً، بل يؤثر ويتأثر بمحيطه الاجتماعي. ومقابل ذلك، تعمل نفس الأزواج السابقة، على تشكل دور ووظيفة المثقف، كصاحب رأي، ومسافة نقدية من الأزواج التي تشكل وعيه. وللتدليل على ذلك يسوق الجابري مثال المثقف المتكلم، ونسمع لقوله في هذا المعرض ” فقام جيل من المثقفين << الجدد>> هو جيل المتكلمين الفلاسفة، والفلاسفة المتكلمين، ليحل محل الجيل القديم أصحاب الرأي والمقالات. لقد ظهر الجيل الأول نتيجة انفصال العقيدة عن القبيلة، وظهر الجيل الثاني نتيجة اصطدام العقيدة الدينية الإسلامية مع العقيدة العقلية”[11]. لا تزيد، في القول إن شرط الاستقلال التاريخي، يتحقق من داخل التراث لا من خارجه. وكذلك المشروع النقدي للجابري؛ فهو كمشروع نقدي لا يمارس النقد من أجل النقد، بل يروم التحرر والاستقلال التاريخي التام.[12]

 ثالثا، في نقد العقل العربي.

كانت الغاية من الحديث عن الحداثة والعقلانية، والمثقف والفردانية؛ هي اعتبارها مقدماتٍ تشخيصيةٍ، هدفنا من خلالها إلى إبراز بعض معالم المشروع النقدي للجابري. هذا المشروع الذي يتحرك داخل فلك العقل العربي، باعتباره الأداة المنتجة لخطاب الثقافة العربية الإسلامية. فإذا كان الحديث قد انصرف في السابق إلى مختلف العوامل الخارجية المحيطة بالثقافة والعقل العربي، فإنه في هذا المستوى، سيتوجه إلى العقل نفسه، كموضوعٍ للدراسة والتحليل. فماذا يقصد الجابري بالعقل العربي؟[13]

كما هو معلوم، تجد كل دراسة لآليات ونظم اشتغال العقل البشري، مقدماتها في الفلسفة النقدية، نموذج الفيلسوف الألماني إمانول كانتْ, وكما لا يخفى، يرتد سؤال النقد الكانطي إلى الداخل؛ أي إلى الذات الإنسانية كذات واعية بنفسها. وانطلاقا من هذا الوعي، يحدد الجابري ثلاثة محاور، كاستراتيجية من أجل تجاوز، معيقات التطور والتقدم من أمام العقل العربي. وذلك بطبيعة الحال تحقيقا للتأصيل الثقافي لقيم الحداثة في الفكر العربي المعاصر.

فإذا كنا تحدثنا في محور الحداثة والعقلانية، عن أهمية التميز بين العقل واللاعقل في الثقافة العربية الإسلامية، وتحدثنا في محور الاستقلال التاريخي، عن التحرر كشرط أساسي لأخذ مسافة نقدية، من النموذج الغربي، والنموذج العربي الإسلامي، في نسبيتهما التاريخية، ونسبية مفاهيمهما ومقولتهما. يبقى أن نتحدث في المحور الثالث عن النقد الابيستيمولوجي للتراث. هذا النقد الذي يبرره وجود تيارات وخطابات متصارعة، يجملها الجابري في ثلاثة هي:

  • ـ تيار سلفي مشدود إلى التراث.

  • ـ تيار ليبرالي مشدود إلى الفكر الأروبي وحده.

  • ـ وتيار يحاول الجمع بين الفكر الأروبي والتراث.

تشير نماذج الخطاب أعلاه إلى الأزمة التي يتخبط فيها العقل العربي المعاصر. هذا العقل الذي كلما وجد نفسه محاصرا بعجزه عن تفسير الواقع ومشكلاته الآنية، إلا ولجأ إلى استخدام نموذج السلف وآلية القياس الفقهي. وأمام هذا المعطى الذي، يحيلنا إلى العطب القديم في الثقافية العربية الإسلامية؛ كان لا بد أن ينصرف النقد بداية إلى شبكة الآثار التي أنتجت العقل العربي، قصد الوقوف على عوامل ونواقص الخلل فيها، وتحقيقاً لعصر تدوين جديد نتصالح فيه مع ذواتنا وعصرنا، ونحقق فيه قطيعة واعية مع ترثنا، بعيدا عن سلطة السلف وسلطة القياس. وفي هذا الصدد، يقول الجابري ” إن تغيير بنية العقل وتأسيس أخرى لا يتم إلا بالممارسة، ممارسة العقلانية في شؤون الفكر والحياة وفي مقدمة ذلك كله ممارسة العقلانية النقدية على التراث الذي يحتفظ بتلك السلطات على شكل بنية لا شعورية.”[14]

رابعا، خاتمة.

قد نتفق، ونختلف مع المشروع النقدي للراحل محمد عابد الجابري. لكن الأكيد أنه قدم خدمات مهمة للأجيال الحالية والقادمة؛ بحيث لا يمكننا إلا الإعجاب والتقدير لقدرته الفذة على فتح عوالم كانت إلى عهد قريب منالا بعيدا. وها نحن اليوم وبعيد مرور ستة سنوات على وفاة فقيد الثقافة العربية، ندرك أهمية قراءة المشروع النقدي للجابري، والانفتاح على أفكاره ودعوته إلى الحداثة والأخذ بقوة على أسباب العقلانية، كما ظل ينادي قيد حياته. إن أهمية الجابري اليوم، تكمن في تقديمه لنموذج المثقف الذي لا يهادن، والحاضرُ دوماُ في قضايا أمته حياً وميتاً.

 محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية، ط 4 بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، 1992 ص 13                  [1]

 نفس فكرة المفكر المغربي والأستاذ عبد الإله بلقزيز. لكن السؤال الذي يظل مطروحا هو لماذا لم يتم التفكير في تضمين الكتاب كمقدمة للمشروع    *

 محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي، نقد العقل العربي؛ بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ط 9 يناير 2009 . ص 7                       [2]

 المصدر نفسه، ص 12          [3]

 الجابري، الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية، ص 206                 [4]

  الجابري، تكوين العقل العربي، نقد العقل العربي؛ ص 51               [5]

 المصدر نفسه، ص 52         [6]

 أنظر كتاب، نقد التراث، عبدالإله بلقزيز، ص 313 .                                                                                                          *

 الجابري، الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية، ص 204                                                                                         [7]

 محمد عابد الجابري، المثقفون في الحضارة العربية، محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد؛ بيروت ط 2 ،2000 ص 13                                    [8]

 المصدر نفسه، ص 33 [9]

 المصدر نفسه، ص 34   [10]

 المصدر نفسه ص 38    [11]

 الجابري، تكوين العقل العربي، ص 7     [12]

 ” إن العقل العربي الذي سنقوم بتحليله، تحليلا نقديا، ليس مقولة فارغة ولا مفهوما ميتافيزيقيا ولا شعارا ايديولوجيا للمدح أو الذم، وإنما نقصد به جملة المفاهيم والفعاليات الذهنية التي تحكم بهذه الدرجة أو تلك من القوة أو الصرامة، رؤية الإنسان العربي إلى الأشياء وطريقة تعامله معها في مجال اكتسابه المعرفة، مجال انتاجها وإعادة انتاجها” . محمد عابد الجابري، نقد العقل العربي، ص 70   [13]

  الجابري، بنية العقل العربي: دراسة تحليلية لنظم المعرفة في الثقافي العربية، نقد العقل العربي 2 بيروت مركز دراسات الوحدة العربية، ط 8 2007 ص 568  [14]

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.