الرئيسية | سرديات | شعر أبيض في ضفيرة | ريمه  راعي-  سوريا
????????????????????????????????????

شعر أبيض في ضفيرة | ريمه  راعي-  سوريا

ريمه  راعي – سوريا

في ذلك الصباح كانت الشمس قد استيقظت في ميعادها، وكانت تسدل بهدوء جديلتها الذهبية خارج النافذة لتضيء العالم

لكنها لمحت فجأة شعراً أبيض في جديلتها، فشهقت بفزع.

وأمام مرآتها اكتشفت أنها لم تسرح شعرها منذ دهور، لم تضع أحمر شفاه، ولم تضحك!

تملكتها رغبة حارقة بالبكاء، لكنها خشيت أن تزداد الخطوط الدقيقة حول عينيها

فاختارت الرقص.

فكت ضفيرتها الطويلة، وخلعت حذاءها الضيق، وراحت تتمايل كغجرية ولدت للتو.

اجتمعت حولها العصافير، وأخذت تغني وتصفّق بأجنحتها.

والغيوم تعانقت، وراحت ترقص بفرح.

 بشر غاضبون أخذوا يصيحون، ويأمرون الشمس والعصافير والغيوم بالتوقف.

لكنّ الشمس لم تتوقف، وظلت ترقص، وقررت أنّها لن تنام باكراً لتصحو باكراً كامرأة هرمة

 بل ستسهر حتى تتعب، ثم تغفو كطفل وديع لا يتقن سوى الأحلام.

اضطربت الأرض لأنّ الشمس فقدت عقلها، والعصافير لا تنام، والغيوم ترقص بجنون

والسماء أصبحت سيركاً صاخباً، ولم يعد يعرف البشر متى يستيقظون، ولا متى عليهم أن يناموا!

 طائرات كبيرة، ملأت السماء، وخرج منها رجال متجهمون، قيّدوا أقدام العصافير والغيوم بالسلاسل

 وحين ألقوا القبض على الشمس، ضفروا خصلات شعرها المبعثر، وأحاطوا قدميها بسلسلة كبيرة من حديد

 لكنهم تركوا يديها طليقتين لتوقظهم في الصباح، وعادوا من مهمتهم مبتهجين

و حسبوا أنّ الشمس لن تفك ضفيرتها ثانية، لن ترقص، ولن تحرض الغيوم والعصافير على الشغب.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.