الرئيسية | فكر ونقد | دور المرأة الأشورية ونضالها عبر التاريخ | فواد الكنجي – العراق

دور المرأة الأشورية ونضالها عبر التاريخ | فواد الكنجي – العراق

 فواد الكنجي

 

من حقنا إن نفتخر بتاريخ حضارتا الأشورية، حضارة وادي الرافدين (العراق الحالي)، لأنه تاريخ مشرق بكل صفحاته، فشرف كل الشرف لمن ينتسب إليه ومن حق أبناء الأمة الأشورية التمسك والافتخار بكل مقوماته والدفاع عنه وحمايته، كونهم جزء منه مهما كانت أوضاعهم الحالية في صفحات هذا التاريخ، فالتمسك بثواب الأمة الأشورية هي كفيلة بان يعيد مجد تاريخهم، لان التاريخ يعيد نفسه، ومن هنا تكمن أهمية التاريخ في توسيع مدارك الإنسان الأخلاقية والتربوية لأنه يساهم في بث روح التوعية القومية في ذات الفرد، وان التاريخ يعزز روح الانتماء للأمة والتي لا احد يستطيع محو وجودهم من صفحات التاريخ، لان التاريخ هو الذي يجعل الإنسان متصلا  بجذوره وأصوله وبأجداده وبكونه هو امتداد لها،  لذلك فان من لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل، ومن هنا علينا إن نمضي قدما منتصبي القامة ومرفوعين الرأس لا ننحني مهما اشتدت المحن وعلينا إن نتذكر دوما بتاريخ أمجاد الأشوريين ونأخذ منهم دروسا وعبر لمواصلة التحدي والنضال، فمن معطيات التاريخ الأشوري ما هو مغني لاستقاء منه دروس وعبر للاستشهاد به وقت المحن ولأي شئن نريده، ولأننا في هذه الأيام نحتفل بعيد العالمي للمرأة في الثامن من آذار كل عام، الذي أقرته جمعيات ونقابات ومنظمات المجتمع المدن والمنظمات والهيئات الحقوقية لدول العالم اجمع، ولأننا جزء من هذا العالم، فإننا  نؤكد و نؤيد ونقر معهم بكل المواثيق والمعاهدات الإنسانية التي شرعت من اجل حرية الإنسان وحقوقه، ومنها ما تم إقراره بحقوق المرأة وحريتها، وبهذا الحق – حق المرأة في الحرية والعدالة لاجتماعية ومكانتها في المجتمع – علينا كأشوريين وكأقدم حضارة وجدت على هذا الكوكب، أن نقدم للعالم اجمع نموذجا رائعا وراقيا لدور ومكانة (المرأة الأشورية) المعاصرة وكما كانت صورة (المرأة الأشورية) في حضارة الأشوريين ودورها في بناء المجتمع وقيادته مشرقا ومعطاءً، بكون الأشوريين من أوائل المجتمعات البشرية التي أعطت مكانة مقدسة للمرأة وأظهرتها بما قدمته من معطيات خلاقة في قيادة المجتمع وتطوره، وبما يواكب ما كان يقدمه أخوها الرجل، إن لم تكن في كثير من مواقع تتقدم عليه، لنلتمس مما ذكره التاريخ وبما أرخه المؤرخين بقراءتهم بما تم تدونه على الرقم الطينية، لتكون خير شاهد على مكانة (المرأة الأشورية) في المجتمع الأشوري آنذاك، فكانت مكانة (المرأة الأشورية) في تلك المجتمعات راقيا وخلاقا بنشاطها وتجددها ولم تكن تظهر بأي صفحة من تلك الصفحات بكونها مخلوق متبلد خامل يقودها الرجل كيفما شاء – ( كما يفعل اليوم رجال منظمات الدول الإسلامية الداعشية وفصائل الإرهاب وأصحاب الفكر ألظلامي بحق المرأة ) – فكانت إلهة (اينانا او عشتار) رمز للمرأة المبدعة بطاقاتها الخلاقة فهي إلهة الحب والتجدد والخصب والمطر والزراعة والصيد والحرب، فهي القوة والجمال والعقل والابتكار وتقدم أفعالها باقتدار ونشاط وحيوية – ( والمرأة العراقية اليوم هي نفسها تلك، ولكن ما جعلها واهنة وناقصة دين وعقل- كما توصف – هو هذا الرجل عبر ثقافة ذكورية فجه أرغمها للخضوع عبر صراعات أيديولوجية سياسية وطبقية، وكانت مما أفرزته هذه الصراعات، هزيمة المرأة وانتكاس دورها التاريخي)- فأين هذه المرأة عن تاريخ أجدادها الأشوريين العظماء، وهي من سليلة الحضارة الأشورية في وادي الرافدين – شاء من شاء وأبى من أبى – و التي أذلها المجتمع بفتاوى نكاح الجهاد وتزويج القاصرات عبر ما يسمى بـ(قانون الأحوال الشخصية الجعفري) الذي اقره البرلمان العراقي في 2017 و الذي أجاز تزويج طفلة القاصرة بعمر 9 سنوات، بل ويبيح الزواج قبل هذا العمر للرضيعة, ولكنه  اشترط بأن يكون هذا الزواج يقتصر على المداعبات الجنسية، أليس هذا الانحطاط في قيم المجتمع و دور المرأة، يعود بسبب عقلية هؤلاء الرجال الرجعيين المتشبثين – جهلا – بقيم الدين التكفيري ولأهانه والاغتصاب والقتل والتميز ضد المرأة، ليتم فرض العبودية على المرأة والعمل في البيت ليتم  سلب إنسانيتها وكرامتها، فأين هذه المرأة من (عشتار) الأشورية، وهي من سلالتها……!، فان كان السبب يعود إلى الرجل بتعميم السلطة الذكورية في المجتمع،  فالعتب الأكبر يقع على المرأة ذاتها، كونها استسلمت ورضخت للأمر الواقع لتبقى أسيرة الحجاب والبرقع بينما أختها (عشتار) كانت تتوهج بالقوة والجبروت وتلألأ نجمة في الصباح بوجهها الوضاء المشرق يراه الجميع، وبها كانت ترتبط تبدل مواسم الطبيعة بتعاقب الفصول من اجل حفظ الحياة بتنوع النباتات على الأرض، لكل موسم نباتاته وحصاده، وهي أيضا كانت إلهة الحب والخصب، لخصب الأرض والإنسان وفي نفس الوقت كانت إلهة القوة والحرب فتوصف بشجاعتها وقوتها في مواجهة الأعداء، فهذه هي صورة (المرأة الأشورية) في التاريخ، التاريخ الذي نستلهم منه كل مفردات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وعلى كل مستويات. لتأتي من بعد (عشتار) الأميرة (انخيدوانا ) وهي من سلالة الأشوريين من عصر الأشوري القديم ابنة الملك (سرجون الاكدي) التي تميزت بشخصيتها القوية واستطاعت إدارة شؤون البلاد بإدارة حكيمة وقد عرف عنها بكونها كانت تكتب الشعر، وقد كتبت الكثير من القصائد مما اعتبرت بكونها أول شاعرة في التاريخ ويعتبروها الكثير من المؤرخين بكونها أول ناشطة نسويه في العالم، بكونها كانت تدير شؤون البلاد الاجتماعية، ولشخصيتها القوية تركت بصماتها في تاريخ الحضارة وقد لقبوها بـ( شكسبير الأدب السومري). ومن ثم يذكر لنا التاريخ سجل أخر حافل بتاريخ (المرأة الأشورية) ودورها الكبير في تاريخ حضارة وادي الرافدين الحافل بالمنجزات الذي قدمته الملكة الأشورية (شميران – سمير اميس) لتاريخ، لتكون أول ملكة على الإمبراطورية الأشورية، وهي من قادت الجيوش في كل اتجاهات الأرض شمالا وشرقا وجنوبا وغربا في بلاد آسيا الشاسعة الواسعة لتلقب (ملكة الجهات الأربع) كما كان يلقب ملوك الأشوريين بـ(ملوك الجهاد الأربع)،  وقد وصلت فتوحاتها حتى تخوم أرمينيا شمالا في وادي جبال ( ارارات )،  وهي من وحدت بلاد بابل وأشور، فكانت الملكة (شميران) رمز القوة وإرادة الحياة وعنوان العمران والبناء، فذاع صيتها في الشرق والغرب فبإضافة كونها رمز القوة والشجاعة كانت أيضا رمز الجمال والشهرة والشجاعة الفائقة.

وهكذا احتلت (المرأة الأشورية) مكانة تليق بمكانتها بكونها نصف المجتمع لتؤدي دورها بما يتناسب مع طموحاتها كإنسانة لا تقل شئنا ومكانة عن الرجل، ليكون لدورها الشجاع في مواجهة إحداث مجتمعها بوعي، ما لها وما عليها، وليكون أيضا دورها في قيادة المجتمع آت من وعيها بحريتها الحقيقية وتحملها للمسؤولية وليس بالمعنى الساذج للحرية في الشكل فحسب. فنموذج (المرأة الأشورية) في تاريخ حضارة الرافدين هو نموذج جاء موازيا لدورها كإنسانة فاعلة وكفاعل اجتماعي مؤثر، لان (المرأة الأشورية) احترمت حريتها بوعي وممارسة وعلى كافة المستويات بما كان موازيا مع منظومة الثقافة في المجتمع الأشوري، وهذا الدور لم يحصر عطائه في أزمنة التاريخ الأشوري القديم بل واكب حتى في عصورنا الحديثة والمعاصرة رغم ما أحاط بالوضع القائم من معطيات دولية وتدخلات خارجية بتعسكر وتسليخ خطير وغير متكافئ مع قدرات مجتمعنا الأشوري،  ومع ذلك و في كثير من محطات التاريخ الحديث و المعاصر  برز دور (المرأة الأشورية) وقد سجلن حضورهن بشكل مميز ومؤثر في إحداث التي كانت تجري هنا وهناك، ومنهن ما نذكره هنا السياسية المحنكة المناضلة (سرما خانم) نموذجا، عرفت بدهائها السياسي والإداري والتي أدارت المفاوضات بين الأشوريين من جهة وبين (الحكومة الملكية العراقية) و (بريطانيا) من جهة أخرى قبل وبعد عام 1933، ولعبت دورا مهما ومحوريا في السياسية وإدارة الملفات الإقليمية بحنكة فائقة، وفي ستينات من القرن الماضي برزت البطلة الأشورية ذات تطلعات يسارية المناضلة (ماركريت جورج ) والتي حملت السلاح بوجه الحكومة العراقية التي كانت تقمع طلعات الأشوريين في حق تقرير المصير، بشجاعة وقوة لا مثيل لها، وشهد على بطولاتها أعدائها قبل أصدقائها، وبرهنت شجاعتها في أدارت المعارك وقيادة فصائل المسلحة آنذاك وليس من اجل الحرية لأبناء قومها الأشوريين فحسب بل المطالبة بالحرية والمساواة وإعلان حقوق المرأة في العراق بصورة عامة .

وقد تحملت (المرأة الأشورية)  ضعف ما تحمله الرجل من اضطهاد وتعسف ومشقة الحياة في ظل الحروب الإبادة والتهجير ألقسري قبل وبعد الإحداث الدموية والمجازر الرهيبة التي وقعت بحق ألأشوريي العراق وتركيا وإيران وسوريا في مذابح عام 1915 و 1918 وعام 1933 الجائرة، وإحداث الدموية التي عصفت بالعراق والمنطقة ما بعد 2003 والى يومنا هذا، فكانت هي الأم والأخت والزوجة والمقاتلة و هي الفلاحة والعاملة والمربية والمنتجة، وأحيانا كثيرة كانت هي المعيلة لأفراد الأسرة بعد استشهاد زوجها في جبهات القتال، وعبر النزوح والتشرد والفاقة والعوز وتحت ظروف بيئية قاسية كانت ترعى أطفالها وتربيهم وتعلمهم اللغة إلام (الأشورية) وأصول الثقافة القومية لامتها، وفي آن ذاته كانت تحميهم من هول المعارك والتهجير والاستهداف والطغيان الحاصل بحق الأشوريين.

هكذا كانت وما زالت (المرأة الأشورية)  تحتل المكانة التي تستحقها و تؤدي دورا تربويا وتوعويا واقتصاديا وعلى جميع الأصعدة، فالي جانب كونها أم و أخت و زوجة و ربة بيت فهي ساهمت مع الرجل في البناء والدفاع عن الأرض والإنسان والحفاظ على هوية أمتها الأشورية، وفي هذا العصر الذي نعيش فيه وبكل العواصف التي ضربت وتضرب امتنا من القتل والاستهداف على الهوية والتهجير ألقسري، نرى صوتها يرتفع عبر المنابر السياسية والمحافل الدولية مناديا شعوب العالم مناصفة قضية أمتها الأشورية والتي تتعرض لحملات الإبادة والتهجير والاستهداف، وقد اخترنا من تلك الأصوات النسائية الأشورية  كنماذج لصورة (المرأة الأشورية) المناضلة والتي سيبقى تاريخنا المعاصر يؤرخ أسمائهن بماء من الذهب بكل اعتزاز وافتخار ولا يسعنا هنا إلا إن نذكر (جاكلين زومايا) و( روزي مالك يونان) والدكتورة (منى يوخنا ياقو) على سبيل المثال وليس الحصر، وهناك الكثير من ناشطات في حقوق الإنسان والإعلام و الشاعرات ومبدعات، يصعب حصر أسمائهن في أسطر قليلة هنا، وهن من سخرن أقلامهن وأنشطتهن من اجل إيصال رسالة أبناء الأمة الأشورية وما يتعرضون من استهداف ممنهج ومقصود لإخلاء العراق والمنطقة من وجودهم، وهؤلاء النسوة الأشوريات لهن مواقف مشرفة على كل أصعدة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للأشوريين، المشتتين في كل بقاع المعمورة، فهن يعملن كل ما بوسعهن من اجل إيصال رسالة المجتمع الأشوري الذي يعاني الأمرين، أمر التهميش والإقصاء وأمر التهجير والاستهداف، في خضم ما ألت إليه أوضاع المنطقة من تنامي سيطرة الأحزاب الدينية المتطرفة على السلطة ونظام الدولة ومن سيطرة التنظيمات الإرهابية لدولة الإسلام ( داعش ) على مساحات واسعة من مدن وقصبات وقرى و أراضي الأشورية في العراق وسوريا.

 ومع كل ما حاط بمجتمع الأشوري في الشرق فان (المرأة الأشورية) لم ترضخ للأمر الواقع وما استسلمت  لليأس فراحت تحمل السلاح لمقاتلة العصابات الإرهابية ضد تنظيمات (داعش) وأذيالهم مع أخيها الرجل لدفاع عن قراهم وأراضيهم في سوريا والعراق، فتم تشكيل (وحدات حماية المرأة السريانية الأشورية)، وهي قوة تتكون من عشرات المقاتلات اللواتي حملن السلاح ضد (داعش) في مدينة (الحكسة) السورية، وعلى نحو ذلك تم في كثير من مواقع في قصبات سهل (نينوى) لتحرير مناطقهم من عصابات الدواعش، وهكذا تؤرخ (المرأة الأشورية) تاريخها بماء من الذهب ومازال دورها قائم ومتواصل بنفس الروحية وبنفس النضال .

نعم إن (المرأة الأشورية) حققت حضورها وسط مخاطر طريق النضال والتحدي، والكثير منهن من دفن طموحاتهن و أحلامهن باستشهادهن من اجل مصلحة شعبها الأشوري العليا في حق تقرر المصير وبأمانيهم بالحرية، ومن هنا فان (المرأة الأشورية) تحملت مسؤولية لا تقل عما تحمله أخوها الرجل في الحفاظ عن تاريخهم لكي لا يصبحن خارج التاريخ فشاركن وانخرطن في كل أنشطة الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فعبروا عن إرادتهم بالخلق والتغير والبناء مجتمعاتهن بما يلبي طموحاتهن، و هذا الحراك النسوي الأشوري سجل في تاريخها كقوة تنموية في مجال السياسي والاجتماعي والثقافي وحتى الاقتصادي ليتقاسمن الأدوار التاريخية بينهن وبين الرجال، ليتم تعزيز مفهوم الموازنة والشراكة في الحياة، ومن خلال هذا الفهم المشترك بين الرجل والمرأة، أخذت (المرأة الأشورية) حقوقها ولم تنتظر لمن يمنحها، لان لحضورها في كل ميادين الحياة كانت كفيلة بان ترسخ حضورها المشرف لتأخذ حقوقها بفعل ما أنجزته وقدمته لمجتمعها في كل قضايا السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتحررية ومطالبتهم بالاستقلال والحرية، ولم تنتظر لمن يعطي لها هذه الحقوق لان حضورها المتواصل في المجتمع الأشوري كان كفيل إن ينظر المجتمع إليها باحترام كامل، فالظروف التي مر بها الأشوريين سياسيا وامنيا وخلال حقبة طويلة من أحداث وصراعات دموية جسيمة من اجل حق تقرير المصير وما ترتب عنه من المقامة والتصدي والنضال وانضمام كامل المجتمع الأشوري إلى صفوف المقاومة والانخراط في كل فعاليات لصد العدوان على تجمعاتهم هنا وهناك، بعد أن تم تصعيد سياسي  خطير ضدهم من قبل نظام الدولة والمحيط المحلي والإقليمي وحتى الدولي الذي طال كل شرائح المجتمع الأشوري دون تميز بين الرجل والمرأة وبين الطفل والعاجز أو العمر ما جعل من واقع (المرأة الأشورية) واقعا متميزا ليس على مستوى القومي الأشوري بل على مستوى المحلي والإقليمي والدولي،  فانخرطت (المرأة الأشورية) في النضال الشعبي الأشوري الذي هو نضال تاريخيا بنسب وأشكال مختلفة بكونها كأخيها الرجل تأثرت بسياسات أمر الواقع من قبل الأعداء وأساليبهم القمعية المختلفة التي تأثر بها كافة أبناء الشعب الأشوري وعرقلة مسيرة بنائهم ونهضتهم، ولكن مع هذا الضغط والاستهداف الممنهج لم تهزم معنوية الشعب الأشوري وضل صامدا ومقاوما رغم إمكانياتهم المحدودة والعزلة التي فرضت عليهم، ومع ذلك لم  يؤثر هذا الواقع على مكانة (المرأة الأشورية) في مجتمعها من حيث ما أنيط لها من الأدوار غير تقليدية، و إن كانت ملتزمة كل الالتزام  من حيث القيم والعادات والموروث الاجتماعي والثقافي للأمة الأشورية، فلقد استطاعت (المرأة الأشورية) أن تشكل رمزا من رموز النضال في العالم، واستطاعت أن تلفت أنظار إليها عبر التضحيات التي قدمتها، مما جعلها إن تتبوأ مكانة مجتمعية وسياسية هامة ليس في مجتمعنا الأشوري فحسب بل في العالم، بما شكل أنشطتهن نموذجا ايجابيا للمناضلات الساعيات إلى ترسيخ حقوق المرأة بصورة عامة كحقوق إنسان غير قابلة للتجزئة أو المساومة،  فالمتابع  لتاريخ نضال الشعب الأشوري في التاريخ القديم والحديث والمعاصر ومعاركهم ودخوله في تحالفات دولية إثناء الحرب العالمية الأولى وخوض معارك في أكثر من جبهة في تركيا وإيران والعراق، فأن مقاومة الأشوريين الفعلية كجبهة للمقاومة، سواء على مستوى الإعداد او التحضير او على مستوى المواجهة و الاستشهاد، استندت كل خططهم في سياق تطورها من الفكرة إلى التنظيم إلى الحركة الثورية كما حدث عام 1933، وعلى مستوى الجماهير الشعبية في خضم تلك الإحداث والتي قامت (المرأة الأشورية) بالمشاركة مع الرجل، زوجا كان أو أبا أو أخا، و بعضهن خضن مقاومة عنيفة بجانب رجالهن في ذات الوقت و منهن من لبست الزى العسكري كما فعلت المقاتلة الأشورية الشهيدة (ماركريت  جورج)، و تدربت على المقاومة المسلحة، ومع تصاعد الإحداث و استمرارها ووحشية الأعداء استشهدن مئات ألاف من النسوة الأشوريات المناضلات في تركيا وإيران والعراق وسوريا، فمنهن من قاد حركات النضال ومنهن من انضممن للجبهات القتال ومنهن من ناضلن مع أزواجهن جنبا إلى جنب, ومنهن من خضن حملات إعلامية وشاركن في مؤتمرات دولية مطالبين بحقوق شعبهم الأشوري،  لنستخلص من خلال تجاربهن النضالية على مدى التاريخ الأشوري القديم والحديث والمعاصر حجم تعدد الرموز النسائية الأشورية ولم ينقطع مدهن النضالي والثوري على مر التاريخ،  فمازلن يناضلن ويقاومن ويضحين بأنفسهن من أجل قضية أمتهم الأشورية ومن اجل قضية (المرأة الأشورية)، في وقت الذي لم تنفصل قضيتهن و نضالهن عن قضية ونضال أمتهم الأشورية على مر التاريخ .

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.