الرئيسية | بالأبيض و الأسود | كأن الحياة اليومية غزوة بدر

كأن الحياة اليومية غزوة بدر

محمد مقصيدي

وأنا أتصفح أخبار المغرب، كل يوم تطالعني جريمة قتل أو أكثر، لدرجة أصبحت معها لا تؤلمني أعداد القتلى بل بشاعة طريقة القتل. لقد أصبح المجتمع  معتادا ومستأنسا بجرائم سفك الأرواح، خاصة بالسيوف وكأننا نعيش بشكل يومي غزوة بدر. لقد أضحت حدثا طبيعيا جدا  كشرب القهوة في الصباح، بل كأنها أصبحت عادة لا بد منها : رجل يقتل زوجته، امرأة تقتل رضيعتها، تلميذ يقتل صديقه، مخمور يجز رأس أحد المارة…

الغريب، أن هذا العنف الوحشي أصبح مدعاة للمباهاة، ونمط حياة، وسلوكا اجتماعيا. فلو أصدرت مؤسسة الأمن المغربية قائمة سنوية بعدد الذين يسقطون كل سنة بالسلاح الأبيض، لاستيقظنا على أرقام مرعبة. يخيل إلي من هول تلك الأرقام أن عدد قتلانا أكبر بكثير من دول معروفة بالحروب والتوترات والعصابات…

هل نحن أمام فشل مؤسساتي؟ كيف أصبحنا أمام أجيال كل ما تحلم به هو حمل السيف والتلويح به في الشارع؟ لقد سبق ورأينا جهارا على وسائل التواصل الاجتماعي، بالصوت والصورة، مراهقين يتفاخرون بحجم سيوفهم ويراقصونها أمام الملأ، ورأينا السكاكين والأسلحة البيضاء تتلألأ في أيادي تلميذات وكأنها أدوات زينة، ورأينا سكارى يصرخون في الشارع العام قاطعين طريق المارة بسيوف طويلة، ورأينا سرقات في واضحة النهار بالأسلحة البيضاء سواء، وكأننا في القرون الوسطى أو في إحدى الغزوات.

لماذا أصبح المواطن لا يشعر بالأمان وهو يجوب شوارع المدن ؟

وأنا أكتب هذا الكلام، أتذكر أنني لا أجرؤ، أنا أيضا، على التجول نهارا في أحياء بعض المدن، فما بالك في ظلمة الليل، بل لا أتجرأ أيضا على الإجابة على هاتفي الخاص في واضحة النهار، في بعض المناطق، مخافة أن أتعرض للأذى، لأنني متأكد أنني سأتعرض لسرقة أو لكارثة أفظع. هذا الأمر ليس فوبيا من هول ما نراه وما نسمعه كل يوم، بل لقد سبق وتعرضت شخصيا لسرقة هاتفي مباشرة وبالقوة نهارا وأمام مرآى الناس.

كلما تقدمت العقود والسنوات ازداد عدم الشعور بالأمن، وخاصة في بعض المدن الكبرى التي أصبحت بعض أحياءها رمزا للجريمة والعنف. هل هو فشل لسياسات الحكومة؟ هل هو خلل في توفير الأمن للمواطن؟ هل لا يدخل الأمن العام في مسؤوليات رئيس الحكومة وأولوياته؟ هل أصبحت الجريمة ثقافة ؟ ثم ما أسباب كل هذا العنف ؟ هل الاقتصاد ؟ التربية ؟ الإعلام ؟

غريب جدا أن من بين كل ما أصبحنا نحلم به، أن نستيقظ ذات يوم، ولا نقرأ جريمة قتل.

 

تعليق واحد

  1. الصديق قرباش

    تحياتي إليك أخي وصديقي القديم..نحن في لارمود نتعايش مع كل شيء مما قلته، ولكن نعلم أن أولاءك الشباب هم ابناؤنا وما وصلوا إليه ما هو إلا تحصيل حاصل …

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.