
مَا يَقْرَعُ عَلَى كَلِمَاتِنَا (2) | بيير طُرُويْ، ترجمة: جمال خيري – المغرب / فرنسا
قصيدة بقلم بيير طُرُويْ
ترجمة: جمال خيري
لَيْلَى!
هَا ذَا الصَّمْتُ يَرْوِينَا
***********
2- صَمْتُ النِّيلِ
أَيُّ كَوْنٍ
مَصْقُولٍ مُسَوَّى
تَزِلُّ فِيهِ كِتَابَةٌ بِخَطٍّ سَالِفٍ، يَا الذَّاكِرَةُ؟
فَاتِحَةٌ لِهَذَا الصَّمْتِ
حَرَكِيَّةُ النَّهْرِ الْجَلِيَّةُ…
تَمَزُّقُ الْوَقْتِ
صَرْخَةٌ صَمَّاءُ،
حَرْفٌ أَوَّلِيٌّ
مِنْ فَوْرِهِ يُبَدَّدُ فِي النَّارِ
عِوَضَ أَنْ، مُكْتَظًّا، مَطْمُوراً تَحْتَ الْحَجَرِ،
يُسَامِرَ خَلِيَّةَ التَّارِيخِ…
أَيُّ مَدٍّ مُتَوَانِي
يَتَحَرَّكُ
عَلَى ذَبْذَبَةِ الْمَاءِ ذِي،
هَامِساً بِمَا يَتَنَحَّى عَنْهَا،
كَاتِماً مَلاَذَّ فِكْرَةٍ كَاهِنَةٍ؟
يَا الْإِلْحَافُ الْكَرِيمُ
الْمُتَوَجَّسُ بَيْنَ ضِفَافِ
تَعَالِيمِ الْمَوْتِ النَّيِّرَةِ!
أَيُّ فَجْوَةٍ تَكْتَمِلُ
مُصَاغَةً بِتَمَعُّنٍ
مِنْ فَجْوَةِ التَّوَهَانِ نَفْسِهَا؟
كَمْ مَرَّةً طُمِسَتْ مَعَالِمُهَا
فِي الْقَحْطِ الذِّي لاَ سِيمَاءَ لَهُ؟
يَا الصَّمْتُ الْمُرَقَّشُ بِأَسْمَاءٍ جَلِيَّةٍ
مَطْمُورَةٍ تَحْتَ الرَّمْلِ، إِلَى الْيَوْمِ صَمَّاءَ،
مُعْرِبَةٍ
عَمَّا كَانَتْ تَحْتَفِلُ بِهِ خِفْيَةً
إِلَى أَعْمَقِ حَمِيمِيَّةِ يَدَيْنِ مَضْمُومَتَيْنِ
فِي صَلاَةٍ صَوَّانِيَةٍ!
حِكْمَةٌ مُبْهِرَةٌ
هَا مَدَى الصَّحْرَاءِ الْمُجْتَزُّ
يَنْتَظِرُ
الَّذِي فِينَا يَتَأَمَّلُهُ كَتَّانُ النَّهْرِ،
وَيَتَمَطَّى، وَيَلُمُّ
بِبُطْءِ سَذَاجَتِهِ،
كَنَسَّاخٍ أَبَدِيٍّ لِلْبَقَاءِ،
لُغْزَ رَكْضِهِ الْخَانِقَ.
غَلِقٌ
حِبْرُ هَذِهِ الْكِتَابَةِ النَّاضِبَةِ
حَيْثُ يَتَفَشَّى كَثِيرُ الْكَلاَمِ،
مُتَصَادِياً بِوُجُودِ الْإِلَهِ
مُغَيِّراً شَكْلَهُ
تِبَاعاً لِوِفَاقٍ جِدِّ حَمِيمِيٍّ.
قِرَاءَةٌ رَصِينَةٌ وَضَّاحَةٌ
لِبَعْضِ الْمُغَامَرَاتِ الْجَوَّانِيَّةِ.
وَيُغْمَى عَلَى التَّجَلِّي،
مُرْشِدِ الظِّلَالِ الْمُتَوَاتِرَةِ،
شَمْسِ تَأَمُّلٍ
مُتَجَذِّرَةٍ حَسَبَ الْوَقْتِ
تَكْشِفُ لَنَا عَنِ الْمِصْبَاحِ الْأَبَدِيِّ
يَتَعَجَّلُ الْقَبْضَ عَلَى الْبَرْقِ
فِي طَمْيٍ مَبْذُورٍ مُنْذُ الْأَزَلِ.
من ديوان “ما يقرع على كلماتنا”.لبيير طُرُويْ الشاعر الفرنسي الملقب بشاعر الأنوار الأطلسية (1921-2005)، صدر الكتاب عن منشورات فاتا مورغانا 1998
Comments (0)