الرئيسية | شعر | لَوْحَةٌ في مشفى | محمد حربي

لَوْحَةٌ في مشفى | محمد حربي

محمد حربي (مصر):

 

تَأَخَّرَ الرسَّامُ الذي اسْتَأْجَرْتُهُ

لِرَسْمِ حُلْمَيْنِ فَرَّا مِنِّي قبْلَ أنْ أُوَثِّقْهُما

لم أعد أذكر هل كان بيكاسو أم عمر جهان ؟

فَقُلْتُ فَلْأَبْدَأْ زَحْفَ الألْوانِ

على حَوَائِطَ تَتَأَرْجَحُ في مَشْفَى

يَطُوفُ السُّحُبَ لاقْتِناصِ أَعْضَاء

مَرْضَىً مُسافِرينَ في الفَضَاءِ

هَرَبوا ذَاتَ يَوْمٍ منْ ظُلْمَةِ القُبورِ

إلى مَقاهِي الفَتاوَى الضيِّقَةِ

****

وبَدَأْتُ:

أَلْغَيْتُ الشمْسَ فَغَضِبَ الفلاَّحونَ

في أسْفَلِ اللَّوْحَةِ وأذابُوا الألْوانِ ،

وأَضْرَبوا تماماً عنْ الغِناءِ

أَلْغَيْتُ القمَرَ،

فَلَمْ يَعُدْ بِي حاجَة لِضِياءٍ في لَوْحَةٍ لِنافِذَةٍ

فَغَضِبَ العُشَّاقُ الذين اسْتَوْطَنوا ظَلاماً شاحِباً

وتَوَقَّفُوا عنْ هَمْسِ القُبَلِ في النَّوافِذِ

التي تَمْنَعُ مُرورَ الشمسِ لِلْغُرَفِ السريَّةِ

وأداروا الظَّهْرَ للنَّهْرِ، فَأَلْغَيْتُ لَهُم المَوْجَ رُبَّما يَعُودون

****

وحده بول جوجان يعرف سري .جعل الرمل أحمر

ولم يسمه موتا ولم يسمح له بالنزيف

****.

غادَرَني الطمْيُ وحيداً،

لأنَّني لَمْ أَجِدْ لهُ في المَشْفَى سَريراً مُناسباً

وبَقيتُ أُغَنِّي وَحْدِي لِيَرْقُصَ اللَّوْنُ كالحَيَّةِ

تَلْقَفُ الهِضابُ والوِدْيانِ

وتَسْرِقُ لِي شَقَّاً بينَ صخْرَتَيْن يُناسِبُ ما رَسَمْتُ

لَكِنَّني فَشَلْتُ في حَمْلِ الصخورِ وتَثْبيتِها على اللَّوْحَةِ

بما لدي من زهور صناعية

جملتها لي أمي من عزاء قريب وجاءت تزورني

*****

أُصَلِّي لِتَعودَ الشمْسُ

او يعود خوان ميرو من قصر طاغية مخنث

بالوان خادعة .ربما يصلح اللون ما افسدته الأغاني

والطائرات تبهرج السماء حتى الثمالة بالجثث والبالونات

أُصَلِّي لِيَعودَ الفُقَراءُ

او يعود عبد الهادي الجزار ليدل الواني الى

صحيح النسب بين الوجوه والمجاعة

فاجيد رسمهم بِأجْسادِهِم المُفَلْطَحَةِ

وفُئوسِهِم التي تَعْزِفُ الموسيقَى بِإتْقانٍ على صفحة حقول

جردها فان جوخ من ثيابها

ولم يفض بكارة زهرة تيوليب واحدة

تنام في اصيص من خزف على شرفة

*****

أُغَنِّي

لِيَعودَ القَمَرُ عاشِقاً يَسْرِقُ الشمسَ بَعيداً

لِتَطْرَحَ النوافِذُ قُبُلاتٍ هامِسَةٍ

لَكِنَّني فَشَلْتُ في حَمْلِ الفُئُوسِ

أو في تَمْزيقِ نُوتَةِ الشمْسِ العارية في حقول الحصاد

هل قلت بريجل اوذكرت المعمدانية ؟

***

ماذَا فَعَلْتُ

منْ عَلَّمَني ذاك السحْر الأسْوَدُ

لِأُحَرِّرَالكَوْنَ مِنَ الجُغْرافيا

كُلِّها بِضَرْبَةٍ واحِدَةٍ

وأَخْسَرَ الألوانَ

الرسَّامُ الذي جاءَ مُتَأَخِّراً على مَوْعِدِ القِيامَةِ

لم افلح في تذكر ملامح ريشته تماما

قالَ : لا تَخَفْ سَنُعيدُها سِيرَتَها الأولَى

فَبَكَيْتُ لِأَنَّ المَشْفَى رَفَضَ خُروجَ الحائِطِ مَعي

حتى لا يفقد أعْضاءَ مَوْتاهُ

وهم يكملون معي لوحة الخواء

بفخامة الخواتيم

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.