الرئيسية | منبر الموجة | لماذا لا تريد أن تكون أنت؟ | محمود محمد
محمود محمد

لماذا لا تريد أن تكون أنت؟ | محمود محمد

محمود محمد

 

أحتاج أن أسكر سكرة عظيمة قبل أن أكتب لكنني أجلس الآن مع فنجان قهوة.

ليس كل من يدافع عن حق الآخرين بشرب الخمور هو خمورجي وليس كل من دفاع عن حريات الفكر الغربي هو غربي ، من يتصور إن هذا الدفاع خروج عن التراث العربي يجب عليه بالنتيجة أن يحرق دواوين شعر تتغزل بالخمر وقصص مجن وجنس وغلمان وجواري-هل رأى الحب سكارى ، سكارى مثلنا؟ سكارى هذه تستخدم أيضا للدلالة على حالة من الهيام.

التراث العربي ليس بالجفاف الذي يصفه البعض وفي المطالبة بالحقوق البسيطة كأن تشتري قنينة عرق فأنت تحافظ أيضا على تراث مصري وعربي واسع، وليس من حقك أن تقتل بائع خمر لتحافظ علي القيم أو التراث، نحن أصبحنا متطرفين تراثيا.

هل تعرفون عدد الناس الذين يتشاركون قصة النبي محمد وجاره اليهودي؟ إنه عدد كبير والمثير إن ليس لأحد منهم جارا يهوديا بل نحن وصلنا إلى مرحلة لا يعيش فيها ابن من تزوج أهله على مذهب معين قرب من تزوجوا على مذهب آخر، ليس هناك ضرراً كبيراً في أن نقرأ أبي نواس وأن نبحث عمّن كتب شارب الخمر يصحو بعد سكر وشارب الحب طول العمر سكران.

إن الكتاب والمفكرين العرب والمصريين بشكل خاص في صراع دامي وكأن الجميع متهم. هناك من يتضايق أن لم تناصر المعركة وهناك من يتضايق أن ناصرت حرية معينة وهناك من يتضايق إذا تكلمت مع رجل دين وهناك من يتضايق إن لم تتكلم وهناك من يتضايق أن أنت قلت إن حوار السلام أساسي، ما هي هذه الحاجة الدامية للاتفاق؟

كل إنسان يعبر عن رأيه وعن حاجته وعن تطلعاته فإن أردت أنا حانة إنجليزية لأنني خواجة متفرنس فهذا حقي كما إن من حقك أن تبني كنيسة قرب بيت جدي وكما إن من حقك أن تبني مسجد في بريطانيا أو أمريكا.

الوطن شيء كبير كالسوق وإن كنت أنا نباتياً فهذا لا يعني إن عليّ أن امنع بيع اللحوم وإن كنت ضد أكل الخنزير ليس من حقي أن اقتل من يبيعها، ليس من حقي أن أحرم الآخرين من حقوقهم بحجة التراث أو الدين أو الوطنية، هذا التفكير يعني إن الحرب بيننا لن تنتهي.

من حقك أن يكون لك جاراً مسيحياً ومن حق اليهودي أن يرى إنه ابن شعب الله المختار، ماذا تخسر أنت؟

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.