الرئيسية | منبر الموجة | فلسفة الغيرة | محمد عادل علي – مصر

فلسفة الغيرة | محمد عادل علي – مصر

محمد عادل علي – مصر

ماهى “الغيرة”؟ أهى وسيلة أم غاية؟ وإذا كانت غاية فما هى تلك الغاية؟ وإذا كانت وسيلة فما الغاية التى تسعى إليها؟ وكيف تعمل الغيرة؟ وهل هى كوسيلة ناجحة أم لا؟ أي هل تحقق الغاية المستخدمة لأجلها؟ وهل هى أفضل وسيلة ممكنة لتحقيق تلك الغاية؟ أم أن هناك وسائل أفضل؟ وهل هذه الغاية تستحق أن ننشدها ونسعى إليها؟

سوف نحاول فى هذا المقال الإجابة عن تلك الأسئلة.

1- ماهى “الغيرة”: إن كلمة “الغيرة” مثل الكثير من الكلمات الأخرى، يمكن أن تكون “غامضة” بعض الشيء، ولكننا سنحاول تعريفها إعتماداً على السياق الذى نستخدمها فيه فى حياتنا اليومية، وهكذا يمكن أن نعرفها بأنها: الخوف أو القلق الناشئ عن “الظن” بأن أحد الطرفين فى العلاقة سيترك الطرف الأخر “ليرتبط” بشخص جديد.
2- “الغيرة” غاية أم وسيلة: وهكذا ننتقل إلى النقطة الثانية وهى ما إذا كانت “الغيرة” غاية فى حد ذاتها أم وسيلة، وأعتقد أنه يتضح من النقطة الأولى شيئان، أولهما أن الغاية هى “الإبقاء” على الطرف الآخر، أما “الغيرة” فيمكن أن نعتبرها وسيلة لتحقيق هذه الغاية، وإنها ليست غاية فى حد ذاتها.
3- كيف تعمل “الغيرة”: فى البداية نحتاج إلى أن نعرف كيف “تعمل” الغيرة، لكي نستطيع أن نقدر إذا ما كانت وسيلة ناجحة أم لا، الغيرة تعمل على “مراقبة” الطرف الآخر، والحرص على متابعة تصرفاته وأقواله، ومحاولة إبعاد الطرف الآخر عن أى “فرصة” أو “مناسبة” يمكن أن يتعامل فيها مع الجنس الأخر.
بإيجاز يمكن أن نقول أن الغيرة تعمل على إبقاء الطرف الأخر فى العلاقة “بالقوة” أو “بالعافية” كما نقول.
4- الغيرة كوسيلة ناجحة أم لا: مما وصلنا إليه من النقطة السابقة أن “الغيرة” تعمل على إبقاء الطرف الأخر “بالقوة” فى العلاقة، وهذا ما يجعلها فى رأيىّ وسيلة غير ناجحة، لأن لا يمكن لأحد الطرفين أن يراقب الطرف الآخر طوال الوقت، أي لا يستطيع أن “يمشى ورائه” كما نقول، وحتى إذا أمكن هذا بطريقة ما، فهذا لا يعني إمكانية الحفاظ على إخلاص أو حب الطرف الآخر، لأنه يجب أن يكون إخلاصه وحبه نابعين من داخله، ولا يجدى الإجبار او الإلزام من الخارج، ولا الضغط المعنوى أو حتى المادى، ولهذا فعلينا أن نعى أن العلاقات الإنسانية لا يمكن أن تنشئ أو تستمر “بالعافية”، وإنما بالحب والإخلاص من كلا الطرفين لبعضهما.
5- وسائل أخرى لنفس الغاية: أعتقد أن هناك وسائل أخرى لنفس الغاية، أى الإبقاء على الطرف الأخر وعلى العلاقة، وأهمها فى رأيي هى أن يتحدث الطرفان لبعضهما دون خجل عن ما يزعج أحدهما من أفعال أو أقوال الآخر، وأن تقابل هذه الشكوى من الطرف الأول بالتفهم وعدم الإنزعاج أو الغضب، وأن تسود روح الصداقة بينهما، والصراحة، وتقديم التنازلات، والصبر، وأن يعلما أن مواجهة الإختلافات وتخطى العقبات، إنما يعنى قوة حبهما لبعضهما، ويزيد من قوة ذلك الحب الذى ينتج عنه الإخلاص والوفاء.

وأخيرا، فإننا نصل إلى أن “الغيرة” هى وسيلة لغاية جيدة، ولكن هذه الوسيلة غير ناجحة، وأن هناك وسائل أخرى أفضل، وفى النهاية نود أن نقول أن الحب والإخلاص ينبعان من داخل الشخص نفسه، وأن التأثيرات الخارجية التى تتخذ الإجبار أو الإلزام طريقة لها غير مجدية،ولذلك لا داعى “للغيرة”…

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.