الرئيسية | ترجمة | غريل ماركوز : بوب دايلن، هو صوت قبل كل شيء

غريل ماركوز : بوب دايلن، هو صوت قبل كل شيء

ترجمة : سعيد بوخليط

 

في الوقت الذي تستعاد فيه ثانية أغاني بوب ديلن، أطلقت شركة ”كولومبيا”حملة تحت شعار ”ل اشخص يغني ديلن مثل ديلن “.وقد نضيف كذلك، بأنه ل اشخص كتب عن ديلن مثلما صنع ”غريل ماركيوز”(هو رئيس تحرير سابق لمجلة ”رولينغ ستون”وهو بكل تأكيد مؤرخ الروك الأكثر شهرة.عمله المعنون ب”Mystery train ”(1975) ،يشكل أول محاولة جادة لفهم هذه الموسيقى )،وهو ناقد ومؤرخ موسيقى الروك الذي خصص ل ديلن ثلاث مؤلفات. من خلال هذا الحوار،يستحضر الكيفية التي عايش بها ديلن كلماته،ثم موقعه ضمن سياق الموسيقى الشعبية الأمريكية،وكذا حيثيات أغنيته المعنونة ب”like a rolling stone“،وكذا طبيعة مزاجه الفكاهي

 

1-س-من هو بوب ديلن؟بعد مرور ما يزيد على أربعين عاما من الكتابة،هل تشكلت لديكم  حاليا فكرة أكثر وضوحا؟

ج-نقول مرارا،مع بداية مساره،بأن أكبر موهبة ديلن تمثلت في إشاعة الغموض داخل العقول.بعد ذلك،يحكى أنه كان مبدعا للوجوه المستعارة،أو حربائيا، مما يدفعنا إلى القول أنه افتقد كليا لهوية معينة. يرتكز المنحى الأخير على ذمه بقدر كونه منتحلا .أحيانا يتم الاحتفال به باعتباره أستاذا للاستشهاد، وفنانا للإلصاق على طريقة الرسام والشاعر الألماني كورت شويترز،بل والتر بنيامين،حيث الطموح الكبير غير المتحقق يكمن في إنتاج عمل فلسفي ضخم وأصيل،يتأسس كليا على الاستشهاد.يبدو لي باعتباري فنانا- ثم لايهم في نهاية المطاف،إن كان ضمن حقبته أو حياته الخاصة-أن بوب ديلن هو صوت قبل كل شيء.مايهم في منجزه طريقة تناوله الكلمات،والتفكير فيها،وتحويلها ثم جعلها ترنّ حينما يغنيها. يحقق هذا بحس الإبداع والتحدي،وبجرأة ودعابة تلغي كل الاستفسارات حول قدرات حباله الصوتية.أو التي ترتكز على معرفة أنه الأول صاحب تعابير وظفها هو نفسه.  

2-س-إذن اعتُبر الكاتب الأكثر تأثيرا في تاريخ الروك؟

ج-يمكننا دائما النظر إليه كما نريد لكني وجدت باستمرار من السخافة الإعلان عن أهمية أحد ما انطلاقا من تأثيره على أشخاص يقلون عنه أهمية.بلا ريب، ديلن هو أكتر الكتّاب الذين تم تقليدهم  في تاريخ الموسيقى الشعبية المعاصرة،ثم ماذا بعد؟وما تعنيه كلمة ”مؤثر”؟التأثير على مؤلفين آخرين،ومغنيين وموسيقيين،أو فقط مؤثر على طريقة حياة من يسمعون موسيقاه ؟

3 –س-لقد استحضرنا تحولاته وموارباته .لكن مختارات كتاباتكم أظهرت على العكس لدى ديلن ثباتا؟

ج-تنم موسيقاه في الواقع عن ثبات : إنه البحث عن صوت أمريكي قادر على تحريك الفكر الديمقراطي لدى الأفراد.   

4-س-سيخيب أمل المتفرجين بطريقة غنائه وأسلوب تفكيكه لأغانيه خلال الحفلة الموسيقية.تظنون على العكس بأنها وسيلته الوحيدة لجعلها حية.هو يقصد المستقبل ناظرا إلى الخلف؟

ج-لا أعتقد أن الأمر يتعلق بخيبة ظن عندما يغير ديلن أغانيه مؤولا إياها بكيفيات مختلفة. لم تستهويني قط مثلا أغنيته : ”Blowin in the Wind” ،كما تضمنها ألبومه : “The Freewheelin”.لكني استمعت ل بوب ديلن وهو يؤديها …حسب أشكال مختلفة :عذوبة، تأمل، عنف، تردد،دقة، إهمال.سياق اقتضى مني إعادة النظر في هذه الأغنية التي ظننت أني لم أحبها.   

5-س-في مختاراتكم،نصادف هذه الجملة التالية : “جراء ما حدث أواسط سنوات الستينات فقد ارتبط مصيرنا بمصير ديلن،أن يروق له هذا،ولنا أم لا”ماذا تتوخون بالضبط قوله؟وهل ذات الحالة تستمر غاية اليوم؟

ج-حينما كتبت هذا سنة 1970،كان من الممكن وقتها التكلم عن جمهور للموسيقى الشعبية يشكل جماعة ،مفترضين أن هذا ال ”نحن”كانت معروفة،وممكن معرفتها وقابلة لتعيين هويتها، تتماهى بذاتها مثلما هي.هذا ليس أبدا صحيحا منذ مدة بعيدة.مع ذلك،بقيت أشرطته الغنائية متفردة جدا وقوية يتعذر تجاوز نوعها،بحيث أواصل التفكير أن ما كتبته يعتبر حقيقيا دائما من بعض النواحي.قدر كون مصيرنا- صيغة الجمع تحيل على مجموع الأمريكيين ومواطني الديمقراطيات الغربية مثلما إلى سكان الأرض- يرتبط دائما على نحو ما،ببعض إقرارات أو كتابات أبرهام لينكولن.   

6-س-حينما انطلقت الأسطورة الحية لبوب ديلن؟هل كنتم مدركا لأهمية هذه الشخصية خلال ذات اللحظة أو تبين لكم هذا فيما بعد؟

ج-بالنسبة لكثير من الأفراد أصحاب منظورات مختلفة،فقد جسّد ديلن وجها أسطوريا نحو سنة 1964 .شخص نسجت حوله حكايات،يمكن لبعضها أحيانا أن تتجلى بشكل دقيق.لقد أعلن المغني بوبي دارين ذات يوم :”أريد أن أصبح أسطورة في سن الخامسة والعشرين”.لكنه لم يصل إلى غايته،بينما تمكن ديلن من ذلك.   

7-لقد ترعرعتم  في مدينة بيركيلي.فما هي نظرة أهل كاليفورنيا لظاهرة مشهد فولكلور نيويورك؟

ج-إنها ظاهرة نيويوركية فقط من وجهة نظر أهل نيويورك.إذا استفسرتم سنة 1960أشخاصا من كامبريدج،فسيقولون لك بأنهم كانوا محور الكون.وسيكون لديكم نفس الجواب في بيركيلي خلال الحقبة ذاتها.فيما يخصني،لم أعر اهتماما للموسيقى الفولكلورية سنة 1960حتى ولو كانت مذهلة،وتحولت  إلى متابعة موسيقى “top 40″عبر الراديو.

8-س-يبدو في نهاية المطاف أن ديلن أقل ارتباطا بالمشهد قياسا بالموسيقى الفولكلورية.فماذا يمثل الفولكلور الموسيقي بالنسبة للأمريكيين؟

ج-في مذكراته،أظهر ديلن بطريقة واضحة ومتشعبة بأنه كان منخرطا عميقا في مشهد الفولكلور .لقد أخبرنا عن هوية،ثم زمان وكيفية تبلور ذلك. انجذب  بعمق أكثر إلى موسيقى الفولكلور.بالنسبة لأغلب الأمريكيين،يعني الفولكلور الموسيقي على الأرجح، تلك المقطوعات التي يجبرونك على أن تغنيها في المدرسة الابتدائية.أو أغاني رعاة البقر،أو أخرى طفولية مثل : Foggy Went a Courtin،التي سجلها إلفيس بريسلي.لا تعني الموسيقى الفولكلورية الشيء  الكبير بالنسبة إليهم.إلى غاية أن يضعوا أياديهم على ما يصدمهم ثم يشعرون باهتزاز الأرض تحت أقدامهم.سنسمع إذن لحظتها “لكن ماهذا؟”ثم سيشرعون في الاهتمام بذلك.   

9-س-ماذا اعتقدتم بخصوص مذكرات ديلن؟

ج-تمنيت لو استفسرته عن مسألة واحدة بالنسبة لكتابي، يتعلق الأمر بأغنيته ” like a Rolling Stone ” : فيخبرني عن  مرحلة تسجيلها.مدير أعماله “جيف روزين”،أجابني بأن بوب لم يعد يتذكر قط هذه الحقبة.لكن حينما تصفحت مذكراته،لاحظت على العكس أن  الرجل يمتلك ذاكرة مدهشة !لقد انذهلت :هي مذكرات بسيطة، أدبية جدا،خالية من الصور. لقد انبسطت وأنا أكتشف عدم الإشارة قط إلى الأغنية، ولا في فيلم:” No Direction Home”ل مارتن سكور سيزي(فيلم وثائقي عن ديلن) .لكنه سيستحضرها من خلال حوار مع مجلة ”لوس أنجلس” :يحكي بأنه قد أتاه شبحا وهمس له بالأغنية.مايصفه، هو بالضبط مسار الإبداع.

10-س-كتبتم مؤلفا كاملا حول تلك الأغنية. من أي جانب كانت جديدة وثورية؟

ج-كان الصوت هائلا،يستدعي كل انتباه المستمع.استغرقت الأغنية ست دقائق.حاولت أن أشرح سبب اختلاف صوت هذه الأغنية عن كل ما سمعناه سابقا،ويفصلها عن الباقي،الرسالة ثم الكلمات.تظهر قراءة حرفية أنها تتعلق بهجوم شخصي عنيف جدا ضد فتاة.يمكنهم أن يكرروا إلي بأن الأمر يتعلق ب الممثلة ”إدي  سيدغويك”إحدى ربات الفن لأستوديو”أندري وورول”. ثم إذن؟لم أفهم قط أغنية”like a Rolling Stone ”بهذه الكيفية.إن أغنية هي سلسلة متوالية من الصور مع محتوى عاطفي.هذه الأخيرة تمثل لحظة تحرر كبيرة،يصبح كل شيء ممكنا بأن يترك أوهامه خلفه.  

11-س-لقد كتبتم بأن هذه الأغنية ” تعتبر مصادفة؟

ج-نعم لم يتم تحضير أي شيء .بل الأغنية نتيجة مزيج فظ للإيقاع والميل إلى الدعابة ثم التفخيم.لقد سمعت دائما القول بأن هذه الأغنية كانت حادثة،وشيئا لايمكن بتاتا توقعه أو تكراره. عرفت ستة عشر اقتباس .فحينما نسمع إلى شريط التسجيل نلاحظ إخفاقا.ديلن وموسيقييه عجزوا عن بلوغ لازمة الأغنية. خلال  هذه اللحظة، قال لهم :”لا أعرف ما سيحدث فيما بعد”.وبكيفية مجازفة ،سيتقدمون نحو المجهول،فالكلمات :

“How does it feel/ to be on your own/ with no direction home/ like a complete unknown”

تصف تماما ما تثيره الأغنية من شعور بعدم الاستقرار.  

12-س-سنة 1967، صدر الشريط الغنائي :  The basement Tapes بحيث وضعتم ملاحظات على غلافه حينما صار خاضعا رسميا للتسويق سنة 1975،من أي جانب تشكل نصوصه أهم معلمة للموسيقى الأمريكية؟

ج-لقد كتبت أيضا مُؤَلفا كاملا :الجمهورية اللامرئية.حينما انتهيت منه،أحسست بأني بدأت الإجابة عن سؤالكم.ديلن تمثّل نفس الإحساس.لقد التقيته حينما انتهى من قراءة الكتاب.استفسرني عن المشروع المقبل الذي سأشتغل عليه.أجبته ليس لدي بعد موضوعا ثم استطرد :(( لماذا لا تكتب جزءا ثانيا؟لقد اكتفيتَ بالوقوف عند السطح))فموسيقى ألبوم”Basement Tapes “ثرية جدا تتجاوز الإدراك.يمكنكم الرجوع إلى الفصل المعنون ب “Riddle”المتعلق بالممثل ريتشارد جير،في فيلم ”أنا لست هناك ”’للمخرج”تود هينز”(التأليف الموسيقي لبوب ديلن) كي تقتنعون بذلك. في الجمهورية اللامرئية،عدت إلى  الوجوه السياسية التي استهوتني سابقا دون أن أفهمها حقا.حينما استمعت إلى قطع :”basements tapes”،سمعت أشخاصا من حقب مختلفة يتكلمون نفس اللغة، وينعشون ذات الآمال.بدا لي أن لينكولن بإمكانه الاستماع إليها،بحيث يمكنه تأدية الأغاني على قارب يعبر نهر المسيسيبي.  

13-هل توخيتم مع الجمهورية اللامرئية،تعويض غياب ديلن عن صفحات كتابكم الأول : ” Mystery Train”؟

ج-إنه بشكل أقل تتمة وليس استعادة ل”Mystery train”.فقط الأسماء المشار إليها في هذا الكتاب مثل ”دوك بوجز”(هذا العامل المنجمي والمغني والعزف على آلة البانجو(1898-1971)يشكل نقطة الالتقاء بين فولكلور جبال الأبالاش ثم البلوز )صاروا الشخصيات الرئيسة لصفحات ”الجمهورية اللامرئية”.هاجس هذا الكتاب ليس بوب ديلن بل سؤال :ماذا يوجد في موسيقى دوك بوجز؟

14-س-انتقادكم سنة 1970للشريط الغنائي ”self portrait ”،ظل مشهورا بجملته الأولى :”ماذا تعني هذه الرداءة”؟فأنتم ناقد الروك الوحيد الوارد اسمه ضمن صفحات مذكرات ديلن،بحيث بدا كأنه لم يستسغ ذلك؟

ج-لن أصير بطريقة أو أخرى على نهج، أن الانكباب على عمل كاتب ما، ينبغي أن يمثل إرضاء له، لأنه حينئذ ينتهي الأمر حتى قبل انطلاقه! مثلا بالنسبة لكتابي :  ” lipstick traces “،توجب علي نسيان بأن ”غي أرنست دوبور”(شاعر وكاتب سينمائي)يمكنه قراءتي.أما بخصوص عملي ”الجمهورية اللامرئية”فقد طلبت مني زوجتي عدم التكلم خاصة عن بوب ديلن.أيضا الجملة الأولى للنقد الذي تضمنه كتابي :” self portrait”لم تؤول على نحو جيد :”ما هذه الرداءة؟”ردة فعل عامة تتوافق و سماع هذا الشريط.ثم أقول مع ذلك كم أحب الأغنية الأولى المعنونة ب :”All the Tired Horses “.بالتالي،أقر بأن هذه ”الرداءة” ستعرف تقديرا كليا.   

15-س-على أية حال هل حدث أن خيب ديلن ظنكم؟

ج-حينما صار مسيحيا ”الولادة الجديدة”،فكرت بأنه لايتمتع بكل قواه العقلية.ذهبت للاستماع إليه في سان فرانسيسكو،كان فظيعا.تواجد فريق من الانجليين عند المدخل،وموسيقيا اقتضى الأمر عدم المتابعة بشكل جيد.لكن بعد العرض،عاودنا الإصغاء من  جديد لهذه الموسيقى في المسرح :ديلن يعزف وحيدا على البيانو،مؤديا قطعة ”pressing On ”، أغنية تنتسب لشريطه الديني : “Saved “.كان شيئا رائعا.لا أقول هذا لأنني يهودي ولا يمكنني بالتالي الاتفاق مع مسيحيته،لكنه استلهم حقيقة من خلال تحوله هذا لايمكنني معرفتها.

16-س-هناك محاولة لرد الاعتبار لحقبته المسيحية. أهي فكرة جيدة؟

ج-ليس فكرة.يكمن السؤال ببساطة في معرفة ما تريدون سماعه وما يمكنكم سماعه في هذه الموسيقى.شخصيا،أستمع إلى شخص يسمح لشخصيات أخرى كي تفكر مكانه.  

17-س-ظهر ديلن في السنوات الأخيرة في إشهارات كثيرة.هل يحتاج إلى المال أم يتوخى استمالة الجمهور؟

ج-أشك في أن الأمر يتعلق بحاجيات مالية.لكن كل فنان يرغب كي تكون موسيقاه متداولة.وإعطاء ترخيص حتى يتم استثمار موسيقاه في وصلات إشهارية أو توظيف الإشهار بشكل جلي مثلما فعل ديلن مع : “victoria’ s secret ” تمكن كذلك من فحص إذا كان بوسع أغنية البقاء في إطار إعادة التشكيل النصية الجذرية أو هذا البغاء.بمفاهيم أخرى،أظنه يتسلى.ليس بتأدية تلك الأغاني في هذه الحالة بعينها،ولكن باللعب معها.  

18-س-آخر مفاجأة له أسطوانة أغاني عيد الميلاد.كيف يمكننا النظر إليها ؟هل تمثل عملا معتبرا أو فقط إعادة إبداع ثانية؟

ج-لم أستمع إلى الشريط بعد، بل فقط مقتطفات عبر الراديو.كما فعل ديلن،أنشدت أغاني نويل عندما كنت صبيا.لكن ليس لهذا أرغب في اقتناء الأسطوانة.  

19-س-من خلال تقديم مختاراتكم،اعترفتم بأن انطباعاتكم كانت أحيانا خاطئة. فما هي الهفوات التي تتأسفون عليها؟

ج-لا أتأسف عليها حقا، حتى عندما كتبت بأنه كان يستحسن ألا يقوم  بجولته الموسيقية سنة 1974لقد حاولت أن أناقش،قدر ما تلزمني من النزاهة، الموسيقى وكذا الفترة التاريخية.لو شعرت بأن النصوص التي أقول عنها اليوم بأني أخطأت بخصوصها كانت كاذبة،فلم أكن لأضمها للكتاب.الوحيدة التي تغافلت عنها كانت مسهبة أوعديمة الجدوى أو غير جديرة.

20-س-ماهي بحسبكم أسطواناته التي تحظى بتقدير كبير ؟أو تلك المفتقدة لقيمة ما؟  

ج-ألبوم ” Modern Times”(2006)يحظى بتثمين كبير، باستثناء مقطوعة”Ain’ t talkin ” .عمليا كل أسطوانات سنوات الثمانينات،كانت كذلك على نحو مضحك.احتُفل بكل واحدة منها في مجلتي رولينغ ستون ونيويورك تايمز،وفق أسلوب : ”هيا إنه قالبه الحقيقي !ليس كما الشأن مع ألبومه السابق،حيث كتبنا أصلا بأنه كان قالبه الحقيقي “أما شريط”Good as i been to you  “وكذا”World Gone Wrong “بين سنتي 1992و1993فلم يعرفا إشادة حقيقية،لأنه حتى اليوم لم يستمع إليهما سوى أقلية ،معتبرين بأنهما لم يكونا سوى باقات أزهار استعادت ثانية الفولكلور وموسيقى البلوز.  

21-س-تدرّس الجامعات الأمريكية، تلك الأغاني.هل الأمر مقنع؟

ج-أفترض بأن هذا يعود إلى الأستاذ.أقول بأنه من المقنع جدا تقديم بعض أغانيه في إطار سياق تاريخي وثقافي وفني يحدده المدرّس،ثم يتركها فيما بعد تفعل فعلها،أو بالأحرى دراستها في ذاتها بهدف إعطاء أمثلة عن منهجية الكتابة والإحالة على كتّاب آخرين أو صيغ أخرى.  

22-س-مارأيكم بخصوص ترشيح ديلن لجائزة نوبل؟

ج-خلال كل سنة – لاأعرف كيف يتم الإجراء- يصدر أحدهم بلاغا صحافيا كي يقول بأنه “رشح بوب ديلن لجائزة نوبل”مع قدر من الشرعية تعود إلي ولكم .هذه الإخفاقات المتكررة مثيرة للسخرية. تخول جائزة نوبل، ضمن أشياء أخرى، إقرار اعتراف عالمي بكتّاب،لم يحظوا به، وهو ما لا ينطبق على ديلن.ثم  نجهل تماما السؤال الحقيقي :جائزة نوبل بخصوص ماذا؟ الأدب ؟ثم بعد ذلك؟السلام؟مثل عدد من أغاني العشرين سنة الأخيرة،تمحور موضوعها على الثأر والقتل،إذن مسوغ الأدب أو السلام يبقى متهافتا.أما بخصوص الاقتصاد؟ربما هو احتمال قائم.فلا أحد يعرف قيمة ثروة ديلن وعلى امتداد سنوات،بحيث بقي في طليعة الأشخاص الذين  يحصلون على أعلى الأجور مثل “والتر يتنيكوف”حينما أشرف على إدارة شركة”كولومبيا بيكتشرز ”و”دافيد جيفن”مؤسس شركة التسجيلات” Asylum Records” .أما عن نوبل للفيزياء؟بالنسبة لبعض التغيرات الإيقاعية من خلال نسخة أغنية”Tell me,Momma”(1966)فالأمر يستحق. أما إذا منحنا ديلن  نوبل للأدب، فسيكون إقرارا بأن كلماته تشكل قصيدة كبرى.والحال أنها كلمات أغاني،لا توجد قط خارج الموسيقى. بعد ذلك،ينبغي القول بأن قسما من الموسيقى الشعبية اعترف به باعتباره فنا،بينما يلقى ماتبقى جانبا.    

23-س- هذا بالضبط ما يعتقده سلمان رشدي؟

ج-نعم،وأدرج  فرقة الروك الايرلندية”يوتو”(u2) ! لم أرغب في انتقاد الفنان بونوbono ،لكن من يعتبرون بأن هذه الفرقة تمثل الروك أندرول عليهم الاتصاف بالطرش .المجموعة الغنائية النسائية :”The chantels ”ربما متفوقة بشكل لانهائي على ديلن.فالسؤال المتعلق بمعرفة إذا كان الروك أندرول  فنا لايهمني أبدا.هي بداهة بالنسبة إلي.يزعجني التسامح المتعجرف لحراس الثقافة،هذه الفكرة التي تتعهدها المدرسة ووسائل الإعلام ثم كتّاب مثل “جون أبدايك”،بأن هناك ثقافة جادة بالنسبة للأشخاص الجادين ثم ثقافة تافهة بالنسبة للتافهين.لقد تفاجأت دائما وأنا ألاحظ إلى أي حد قد يشعر الأشخاص بالحياء لكونهم يحبون.مفهوم المتعة الآثم، يعتبر مفهوما قمعيا.  

24-س-بعد كتابة دراسة حول ألبوم لديلن، ثم أغنية،هل يمكنكم القيام بذلك حول لازمة بل وجملة؟ ماهما؟

ج-أحب أن أكون قادرا، وأتمنى أن أكتب عملا بأكمله حول هذا المقطع الغنائي للفنان ”ذا باند” : . we can talkالتي ألفها ريشار مانويل المغني وعازف البيانو :  

There s no need to slave/the whip is in the grave.

مثل دائما، يتجه رهاني، بالنسبة إلى معرفة كيفية غناء وأداء كلمة وسطر وجملة،ثم كيفية اختراقها لجسدك.بخصوص ديلن،ربما هذه الجملة : أحد ما ضربني من الخلف(أغنية”Ain’ t Talkin “)يمكن أن تلهمني. أو طريقته العجيبة لتلفظ ”دولاكروا” في أغنيته :  Tangled up in blue

 

*هامش:

Le monde : Hors-série ;Bob Daylan2016 ;pp 63-69

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.