الرئيسية | شعر | عبد الله زريقة | مقاطع من قصيدة “ضياع إبرة الوقت”

عبد الله زريقة | مقاطع من قصيدة “ضياع إبرة الوقت”

عبد الله زريقة

1

سِرْ ياهْيَا سرْ. الإبرة التي يخيطُ بها الوقتُ ثوبَ الأيّام ضاعت. والمطر لا يمحو أيّ شيءٍ حينَ يسقطُ. ستضحكُ بالسّنّ التي وجدّتها في التّرابِ. وحين تبّكي ستتدلّى عيّناكَ حيثُ تسقطُ دُموعكَ. سترى البحّر كلّه أصغر من أيّ حُزّن فيكَ. تريدُ أنّ تصرخَ ولا يخرجُ منكَ صوتٌ. وحتّى إنّ مِتّ سيسرح النّسيان في جسدكَ بدلَ الدّودِ.

2

واه واه. عدْ. فالوجهُ الذي تحرجُ بهِ في الصباحِ لا تَعودُ به في المساءِ. وغِطاءُ السّريرِ الذي تركتَ سيصبحُ كفْناً لكَ بعد قليلٍ. والوقتُ يسيل من أنبوبِ ماءٍ صدئ ووحيدٍ. وليس لكَ إل أن تكتب مُغمض العينين حتَّى يمتصَّ الحبر الذي فيك كلّ هذه الظُّلمةِ. أو أنْ تدخلَ إلى هذه المقبرةِ التي في رأسكَ. وتُغلقَ أذُنيكَ حتى لا تسمعَ غطيطَ الموتى يملاُ الغرفةَ الرّطبة التي بقيتْ بعدَ هذا الزّلزالِ

                                                     عد أواهْ عدْ إليكَ

3

وقلْ لي قلْ لي. إلى أين تروحُ ورأسكَ نافورةٌ صدئةٌ. من يُقاسمكَ مرارةَ وقتِ الغروبِ. وأعمدةُ الكهرباءِ هي الوحيدةُ الواقفةُ الآنَ. لنْ تُزيلَ عنكَ مُضغةُ خبزٍ هذا الجُوعَ. ولا الشِّعرُ يبدّدُ هذهِ الظلمات التي تحتسي ماَ عينيْكَ. واتركْ آخر دمعة لتُذرفها غداً حين يجفّ كلّ ما فيكَ. ماذا فعلتَ حتّى وصلتَ إلى جهنّم نفسكَ. لا تمشط شَعرَكَ حتّى لا تترك للموتِ ما تَعْبَثُ بهِ. ولا تقلْ شيئا آخر يفترسُهُ الصّمتُ بعد أن تروحَ

4

يَا كَالعربةِ يجرّني حمارُ رأسي والرّيح من حوْلي تنهقُ والكلماتُ في الأرض تبنٌ حتّى أخافُ أن ينحنيَ رأسي فيقضمها

                                          ألهُو بالشّياطينِ

الصّغيرة التي تتراقصُ في سِرْكِ السَّرابِ

 

من ديوان “سلالم الميتافيزيقا (2000)” (ص79- ص82)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.