الرئيسية | شعر | شرخ منقوش على الحافة | منى الصفار

شرخ منقوش على الحافة | منى الصفار

منى الصفار (البحرين):

 

 

وأنا أغلق الصفحات برفق

برفق شديد

خشية أن يتساقط الحطام

وأنا أضع بطمأنينة آخر قطعة احتفظت بها للذكرى

من قلبي

من حيث نختزل الكلام دائماً، أو نضع وردة في القميص، من حيث نبتدئ، مقاعدُ دائماً، تحتفظ بالجزء الذي لا يروى من الحكاية، بيت الممكن و الرغبة وهذا الضجيج.

ولو أننا نقف الآن بأذرع ممتدة، مستعدة للوقوع عن الهاوية بصيغة مشفرة تسمى”حباً” لقلب كقطعة قطن. وحيدة وممتلئة. بعينين غائمتين دائماً، بقلب معقوف يتفنن كثيراً في غرس حربته في نفسه. بصمت طويلٍ كأغنية مشروخة وهذا العالم واقفٌ خلف النافذة بترقب ينتظر الفتاة المكسوة بطينها، الكلمة الرتيبة يتردد صداها، مكتفياً وبشكل مقيت بموت مؤجل، وبخيبة أخرى في مجموعة نادرة من الخيبات.

تمعن جيداً، في الشرخ المنقوش على الحافة. في القيظ الذي يخرج من شاماتها، في العمر المهدر في بكائها، في اللون القاتم بأطراف أصابعها.

بإمكانك الآن جمع كل هذه الخيبات، بإمكانك حقاً -وأعني حقاً- أن تأخذها جميعاً يا الله. أن تتجاهل النظر في أمرها، أن تتوقف عن استعمالي. عن وضعي على حافة الخليقة. عن تجريدي من قلبي عند كل حجر عثرة يقف في الطريق.

لك الآن أن تتوقف عن تمزيق أجزائي المعطوبة سلفاً، الفراغات الممتلئة بالصور المهترئة في رأسي. أن تضعني عند البوابة المقفلة، بحجة لقيط. عند السهل المفتوح، بحجة بيدر. أنا التي اكتمال ناقص في العدم. أنا التي حديث متشعب يلاك في لحظة اليأس، أنا التي معطوبة للحد الذي يمنح الآخرين ثقوباً واسعة لعبور قلبي. أنا المتهكمة على ما يجري دون الخوض فيه. أبتسم كلعبة في ملهى، أتناثر ككأس نبيذ وقع خطأً على الأرض.

 تأمل هذا الحنين المتبلد أمامي، هذا المتوثب لتوبيخي، وحيدة كما تركتني دائما، مأخوذة بالضياع كما تشتهي، مولعة بالخيبة التي تضعها أمامي كفخ مفتوح، معتمة كآخر شمعة في المقهى لا يلتفت أحد لإطفائها، لا تستثير أحدا للنظر إليها لا يشعل بها العابرون سجائرهم، لا يغفو في حجرها إلا وهمها الوحيد، وتنام مطمئنة، مطمئنة بما يكفي، أن هذه :الخيبة الأولى، أن تلك .. لن تكون الخيبة الأخيرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.