الرئيسية | بورتريه | رضوي عاشور و الرحلة الغامضة من القاهرة إلي غرناطة | محمود محمد

رضوي عاشور و الرحلة الغامضة من القاهرة إلي غرناطة | محمود محمد

محمود محمد

 

هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا, كانت تلك الكلمات التي اختتمت بها الكاتبة الراحلة رضوي عاشور لتتوج مسيرة حياة زاخرة بكتابات أدبية وجمهور عاشق لضحكتها.

ولدت رضوى عاشور في 26 مايو 1946  في القاهرة بعد عام واحد من الحرب العالمية الثانية، وقبل عامين من هزيمة العرب في 1948، كما تذكر رضوى، ولدت في المنيل حيث تطل على كوبري عباس الذي فتحته قوات الأمن على الطلبة في انتفاضتهم في فترة ولادتها ودرست الأدب الإنجليزي ، تراوحت أعمالها النقدية بالتحرر الوطني والإنساني، إضافة للروايات التاريخية , وحصلت على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة القاهرة عام 1972، ونالت الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة عام 1975 وعملت بالتدريس في كلية الآداب بجامعة عين شمس ، كما عملت أستاذا زائرا في جامعات عربية وأوروبية.

ما يلبث أن يجتمعا الشتيتين فتفرقهما الظروف أعلن والد رضوي رفضه لزواجها من الشاعر الشاب الفلسطيني مريد البرغوثي لتسقط كلمة لا أرضاً بعد أول مقابلة له مع مريد ومدي الحب الذي ظهر في عينيه لرضوي، تزوجت رضوي من الفلسطيني مريد ، فجاءت بعثتها للولايات المتحدة الأمريكية لتفرقهما لبضع سنوات ليجتمعا بعدها ثم يفترقا ، مرة أخري في فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات بسبب اعتراضه على زيارة السادات إلى إسرائيل، وظل ممنوعًا من دخول مصر لمدة 17 عاماً وهو ما أحدث تشتتًا كبيرًا لأسرتها.

كانت تتعجب كثيرًا من كلمة وسؤال لماذا؟ فهي تكتب لأنها تحب الكتابة، ولأن الكتابة تمنحها أفقًا لا يمنحهُ لها الواقع الذي يشعرها بالوحشة، هذه الوحشة تزيدها صمتًا والصمت يزيدها وحشة، ولأن الكتابة بوح فالبوح يفتح بابها فتذهب للآخرين، هكذا تقول رضوى، ولهذا تكتب. ولأنَّ الروايات تخرج “كالعفاريت” كما كانت تقول فرواياتها تأتي بدون تخطيط مسبق، وهي تحكي عن رواية الطنطورية قالت إنها كتبت الطنطورية عندما جاءتها فقط الكلمات الأولى من الرواية “عندما جاءتني الجملة الأولى من الرواية بإيقاع معين، جرت وراءها الرواية كلها، وعلمت أنني سأكمل الرواية من الجمل الأولى”. الرواية الكبيرة التي تعتبر سفرًا عن تاريخ فلسطين كتبت في عشرة أشهر فقط! بدت رضوى متعجبة جدًا وحينها فهمت أنَّ الرواية كانت تتشكل داخلها طوال عمرها “كانت الرواية تكتب بداخلي، طوال عمري”.

بين سطور رواياتها تحي عمراً قد مضي وترسم خطوط مستقبل قادم ، وترجمت أعمال رضوي إلى لغات، منها الإنجليزية والإيطالية والإسبانية , كما نالت جوائز أدبية، منها جائزة أفضل كتاب عام 1994 عن الجزء الأول من «ثلاثية غرناطة» على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، والجائزة الأولى من المعرض الأول لكتاب المرأة العربية عن «ثلاثية غرناطة» أيضاً، وجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان، وجائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي في إيطاليا، وجائزة بسكارا بروزو عن الترجمة الإيطالية لرواية أطياف في إيطاليا، وجائزة سلطان العويس للرواية.

ومع بداية الألفية الثالثة، عادت عاشور إلى مجال النقد الأدبي وأصدرت أعمالاً تناولت النقد التطبيقي، وساهمت في موسوعة الكاتبة العربية (2004)، وأشرفت على ترجمة الجزء التاسع من موسوعة كامبريدج في النقد الأدبي (2005).

شغلت بين 1990 و1993 موقع رئيسة قسم اللغة الإنكليزية وآدابها في كلية الآداب في جامعة عين شمس، وبعدها بقيت في مزاولة وظيفة التدريس الجامعي والإشراف على البحوث والأطروحات المرتبطة بدرجتــَي الدكــتوراه والماجستير.

ومن ابداعها ثلاثية غرناطة،أطياف، سراج،تقارير السيدة راء، حَجَر دافئ، فرج ، الطنطورية ختاماً بأثقل من رضوي .

ورحلت رضوي في 30 نوفمبر 2014م .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.