الرئيسية | سرديات | الموتى يعودون | عبد الهادي الفحيلي

الموتى يعودون | عبد الهادي الفحيلي

عبد الهادي الفحيلي

عندما عادت أمها تلك الليلة، سحبَتْها من قدميها وجرتها خارج الغرفة الوحيدة في السطح. كانت جدتي تقول إن الأموات عندما يعودون يأخذون معهم أقرب الناس إليهم، جدك يزورني كل ليلة ويطمئنني أنه سيأتي ليأخذني معه قريبا…

لعنْتُ أمها تلك الليلة. كانت ابنتها تغمرني بلحمها وصهيلها؛ لو تأخذ ابنها الذي كان يعترض سبيلي ويأمرني متوعدا بسيفه أن أبتعد عن أخته. كنت أقول له في خاطري إنها هي من يجب أن تبتعد. أقول وأقول. كان السيف وكان قلبي يرفرف، وكانت هي تقول لي إنه مخنث… تقول…

اختفت. بكتها بعضهن. بكيتُها. في الحقيقة لم أبك عليها حزنا. كأن شيئا صار مألوفا ثم غاب. لكن أخاها استمر يتوعدني بسيفه وعينيه المقلوبتين وشفتيه المتدليتين. لم أعد أقول له في خاطري إنها… ولم تعد هي تقول لي إنه… وعندما سألت جدتي عن أمها الميتة قالت لي إن زوجها عاد مرة بعدما شبع موتا، وجرها من قدميها وهي تحت رجل كان يدخل بيتها بعد منتصف الليل، وأخذها معه ولم تعد منذ تلك اللحظة… هي لم تكن تحتي، أنا من كنت فوقها.

جاء أخوها بعد أسبوعين وهددني. رفع سيفه كأنما سيهوي به على عنقي. سقط قلبي بين مصاريني. كأن وجهي انخطف. فجأة انقضّتْ عليه. رأيتها آتية من السماء مثل صاروخ. أخذَتْ منه السيف ولكزَتْه به في جنبه حتى صرخ. هدّدَتْه إن لم يتركني وشأني. صرخَتْ في وجهه: “كن رجلا أولا”…

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.