الرئيسية | سرديات | الفاتورة : ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

الفاتورة : ألف قصة وقصة عن مغرب لا ينتهي | حنان الدرقاوي

حنان الدرقاوي

 

حين دخلت فطيمة إلى غرفتها وجدت زوجها الرابع نائما في عز الظهر, كانت عائدة من عملها كمنظفة منازل عند أسرة غنية في مدينة آلبي جنوب غرب فرنسا. تزوجت عبد السلام قبل أشهر. أخبرها أنه يشتغل صباغا لكنه منذ تزوجته وهو ينام ولايذهب إلى العمل.

فطيمة كانت خارجة من زواج عرف به الداني والقاصي إذ أن زوجها طعنها بسكين قبل أربع سنوات. حكم عليه بالسجن وسكنت هي حي تيرساك الشعبي بآلبي. تعرفت على رجل قبل عبد السلام. تزوجته بطريقة القصعة ” آنية الكسكس” صنعت كسكسا ودعت إليه بعضا من أهل الحي المغاربة. قرأوا الفاتحة وأكلوا الكسكس والتقطوا صورا وانتهى الحفل.  دخل بها زوجها وهناك اكتشفت المصيبة. كان فاقدا للقدرة على الإنتصاب ولم يفعلا شيئا. كانت شابة وجسدها ناضحا بالرغبات. انفصلت عنه بعد شهرين. ظلت وحيدة لبعض الوقت قبل أن تعاود الكرة مع عبد السلام القادم من مدينة بوردو. كان يقيم عند أقربائه. قدمته إليها زكية جارتها قائلة أنه رجل جدي ينوي المعقول. تزوجت به زواجا رسميا في البلدية وجاء للعيش معها في بيتها. في الأيام الأولى كان ينزل من البيت ويقول أنه يذهب للعمل لكنه يعود في المساء ورائحة الخمر تنز منه.

بعد شهر أخبرها أنه فقد عمله وسيبحث عن عمل جديد.  لم تعرف بماذا تجيب. انتظرت أن يجد عملا جديدا لأشهر لكنه كان ينام في النهار ويشاهد التلفاز ليلا حتى ساعة متأخرة. كانت هي تشتغل وتدفع كل الفوايتر. كان يحب الأكل الجيد, اللحم, اللحم والكسكس والطواجين. كانت تصرف عليه ومن حين لآخر تذكره بالفواتير التي انهالت عليها. تذكره بضرورة أن يشتغل لكي يتعاونا كما المفروض على تربية أطفالها الثلاث. لم يكن ينتبه إلى أطفالها كأنهم غير موجودين. لا يعتني بهم ولا يحادثهم وكانت هي تحس بغبن شديد جرءا ذلك. اعتقدت أنها وجدت أبا لأطفالها. تحاسب نفسها أنها لم تحتفظ بأب أطفالها. كان يمكن أن تبقى معه, لو أنها صبرت قليلا على طبعه العنيف. كان يصرف عليها ولا يدعها تشتغل عند الناس. كان هو يشتغل طيلة الوقت.

آه, لو كان يمكن أن تستعيد زمنها البائد قبل أن تتزوج المرة الأولى أب إبنها البكر الذي تركته في المغرب وتحلم بأن تاتي به إلى فرنسا. كانت جميلة الجميلات في مولاي بوعزة قرية بالأطلس المتوسط. يحلف الناس بجمالها. كانت من حين لآخر تنزل إلى خنيفرة وهناك تذهب للسهرات الخاصة. أعجب بها أحد الأعيان ولكنه لم يرغب في الزواج فتركته. جاء زوجها الأول لخطبتها. وافقت وتزوجته لكنهما لم يتفاهما في أمور الفراش فطلقت منه.

كانت تخاف الوحدة فتزوجت  ووصلت إلى الزيجة الرابعة مع عبد السلام وهي لم تصل الثلاثين. كان واضحا أنها لن تتفاهم معه هو الآخر لكنها قررت أن تحتمل ولاتعرض نفسها لطلقة جديدة وفضيحة مع الجارات.

تأملت عبد السلام وهو نائم. نظرت إلى فاتورة الكهرباء الباهظة. قرأت مافيها. عليها أن تدفع خمسمائة يورو لوكالة الكهرباء. قامت وعدت نقودها فوجدت مائتي يورو فقط. قالت في نفسها ” سنستغني عن التدفئة لماتبقى من فصل الشتاء وسنرى إن كان هذا الوغد سينام في بيت بارد”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.