الرئيسية | سرديات | أعيش أحداث تلك القصة فأكون أنا بطلتها | انتصار السري

أعيش أحداث تلك القصة فأكون أنا بطلتها | انتصار السري

انتصار السري (اليمن):

 

في البدء كان الحلم الكبير، أن تمسك انتصار القلم، وتخط به ما يجول في خيالها، تعبر عن ما يحيط بها كفتاة من الممكن أن لا تنصف في مجتمع ذكوري. أول نص أكتبه كان وأنا في المدرسة، والذي لقي اهتماما وتشجيعا من قبِل مدرسة اللغة العربية. والدي كان يحب القراءة وهو من كان يرفدني بالكتب المختلفة وكذلك الجرائد المحلية والعربية، مما جعلني أعشق القراءة وأغوص بين ثنايا كتاب تلمسه يداي، قرأت لأدباء عالميين وعرب في أجناس الرواية والقصة والشعر. من خلال قراءاتي كنت أعيش أحداث تلك القصة فأكون أنا بطلتها، أعيد صياغتها من جديد في مسودة مطوية في ذاكرتي. في مرحلة ما بعد الثانوية كانت مرحلة نضج فكري، كتبت فيها عددا من القصص التي امتازت بطولها، كانت كتابة سردية دون توجيه، مجرد أفكار وخيال يسكبه حبري على الصفحات البيضاء. في الجامعة كان لتخصصي العلمي (رياضيات) تأثير على نوعية قراءتي، حيث أني في تلك المرحلة ابتعدت قليلاً عن قراءة الأدب لأن مواد تخصصي كانت تأخذ كل وقتي، ومع ذلك استمريت في الكتابة، شاركت في مسابقة الجامعة في فرع القصة فنلت المرتبة الأولى.

أول نص قصصي نشر لي وأنا في آخر سنة لي في الجامعة كان في صحيفة “المرأة” التي فيما بعد صرت إحدى محرراتها. كتابي الأولى “الرقص على سيمفونية الألم” إصدار عام 2010م، في هذه المرحلة واجهت بعض الصعوبة التي تواجه المبدعات اليمنيات من حيث الإصدار وتحمل صعوبات توزيع ونشر مجموعتي القصصية بمفردي. المجموعة حوت في جنابتها هموم ومشاكل اجتماعية تمر بها المرأة وتقاسي منها في مجتمع تقليدي يجبرها أن تكن مغيبة، كان كتابي الأول هو أول فاتحة الإبداع لي في الوسط الثقافي.

وقوف عائلتي بجواري أعطاني ثقة عميقة بنفسي وبما أكتب، وهو ما دفعني إلى الاستمرار في أن أمسك القلم وأخط به كل ما تجود به مخيلتي. عند معرفتي بالوسط الثقافي عرفت أسماء كاتبات متميزات، لكن ظروف حياتهن واختيارهن للحياة الأسرية، كان له دور أساسي في تغيبهن وتغيب إبداعهن عن الأوساط الثقافية، وهذا أدخل الرعب في نفسي بعض الشيء.

كتابي الثاني “المحرقة” وبينه وبين الأول ثلاث سنوات، شاركت به في مسابقة “جائزة الدكتور عبد العزيز المقالح” وبفضل الله فاز، وهذا كان دافعا كبيرا لي ولمسيرتي الأدبية فجائزة المقالح هي الأفضل والأرقى في اليمن. في “المحرقة” تنوعت النصوص الحكائية، وجاءت بثوب سردي جديد غير ذلك التقليدي في كتابة القصة القصيرة، ونالت قراءات نقدية عديدة داخل اليمن وخارجه.

أن تكون قاصاً في هذا الزمن يجب أن تفرض حضورك الأدبي بما تقدمه من إبداع، وأن تثابر في قراءة ومعرفة كل ما يستحدث عن فن القصة، التي حافظت على مكانتها بين الأجناس الإبداعية المختلفة، على الرغم من تصدر الشعر وخاصة في المشهد الثقافي اليمني، فهو الأقرب والمفضل لدى الجمهور، وكذلك ظهور الرواية والسباق إلى كتابتها كونها صارت ديوان العرب.

ومع ذلك تظل القصة لها مكانتها وكينونتها كجنس أدبي مستقل بذاته بين تلك الأجناس الأدبية، وهي أيضا من تغوص في الهم الذاتي وهي من تنقل وتصور العديد من القضايا الاجتماعية، وأيضا هي من تشد القارئ بتشويقها والتنويع في أسلوبها السردي الجديد، من سريالي وفنتازي، وفي المشهد الثقافي اليمني وخاصة القصصي نجد عددا من المبدعين في كتابتها وصلت إبداعاتهم إلى خارج اليمن في الوطن العربي والعالمي وقد ترجمت قصصهم إلى عدد من اللغات الأجنبية مثل الفرنسية والإيطالية والانجليزية، وهذا يحسب للقصة اليمنية وكذلك للكاتبة والمبدعة اليمنية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.