72 ساعة | عمر زيادة
عمر زيادة (فلسطين):
أنا الرَّجُلُ الذي عَلِقَتْ بِهِ العاصفة
أنا العاصفةُ التي عَلِقَ بِها عامٌ من النّمل الأحمرْ
أنا الأرنبُ الذي يرفضُ مغادرةَ القبّعة
أنا القُبّعَةُ المُهْمَلةُ على كُرْسيّ الساحر
لا أحد يُصفّقُ بَعْدَ الآنْ
لا مسرحَ، لا ضوء، لا حَمام، لا خِدَع جديدة
أنا البياضُ المفتوحُ على كلّ تلك الاحتمالات
أحتفظُ بالمعنى مِنْ أجل مَنْ سوفَ يحملُ قنديلَهُ الخاصّ
في ذلك الصفر الدائمِ،
أو مَنْ سوفَ تغادرهُ الشعوبُ مليّاً
وتنحسرُ عنهُ المُدُنُ..
وحيداً أمامَ مرآتِهِ
يتفحّصُ أصابعَهُ
ويلعقُ جوعَها الخالصَ
إلى مشجبٍ يعلّقُ عليهِ شالَ اللغةِ الأسودْ_
أنا النهرُ أيضاً، النهرُ الذي سوفَ يعبرُ جَسَدَكِ الزنجيَّ
مجدّداً هذه الليلة،
مثل ألفِ سنةٍ من القطنِ والسِّياطِ
مثل ألفِ سنةٍ من الجنس الوحشيّ
مثل ألفِ سنةٍ من الأغاني الممزقة
وحنطةِ الرقصِ المهدورة ..
ليستريحَ أخيراً على ظهركِ الممحوِّ تماماً
طعنةً لا تنطفئ،
أنا الغابةُ، يدٌ باردةٌ ترتّبُ الفؤوسَ في مخيّلةِ الحطّابِ_
شجرةٌ تئنّ، مكيدةٌ بطيئةٌ، نمورٌ تتمشّى في رائحةِ غزالٍ قديم،
غزالٌ مضرّجٌ بالمكائدِ، بَرّيةٌ تنتحبُ، بوصلةٌ مسحوقةٌ أسفلَ شجرةٍ تئنُّ_
الغابةُ مثل لعنةٍ تقطعُ ما يقطعُ السيفُ
وتهدمُ ما يهدمُ الإنسان،
الغابةُ إنسانٌ هائل…. يخلقُ المتاهةَ ولا ينجو منها
يخلقُ العتمةَ …ويصبحُ ظلّهُا الأليف !!!!
أنا الحربُ،
سُلّمٌ يستندُ إلى جدارٍ آيلٍ، جثثٌ سائلةٌ، أوراقُ لعبٍ مبعثرةٌ،
الشيطانُ يربحُ، الشيطانُ يخسرُ
لا فرقَ، سيسقطُ الجميعُ
وهناكَ في البعيدِ
ستتوهّجُ أكثرَ تلكَ النجومُ المثخنةُ بالله،
الله الذي يعرفُ جيداً ماذا يمكنُ للحربِ أن تصنعَ في خيمةِ إسكافيّ
أو دميةِ طفلٍ أو روتينِ فراشة.
لكن مع ذلك فالحربُ تقع
ضدّ القوانين
ضدّ الغباءِ والعبقريّة_
ضدّ الوردةِ والسّياج_
ثمّ إنها تخيطُ من الألم أحذيةً مهترئةً ليصلَحها الإسكافيّ
ومن الدمِ دُمىً لتؤنسَ خواءَ الطفل،
ومن الهشاشةِ أجنحةً تحلّقُ بها الفراشةُ إلى منتهى الرمادْ_
أنا الوقتُ، الوقتُ الضائعُ في سريرِ الزنجيّةِ الافتراضيّ،
الوقتُ الضائعُ في طابور الخبز،
الوقتُ الضائعُ بين المكاتبِ والطباشير،
بينَ الجَرَسِ والقهوةِ،
الوقتُ الضائعُ قبلَ أن أحبّكِ،
الوقتُ الضائعُ بعدَ أن نفترق،
الوقتُ الضائعُ في صنعِ الخرابِ والجنّة،
الوقتُ الضائعُ في تأويلِ أيّ شيءٍ
أيّ شيء
بدءاً من الجِراب المثقوبِ على حافّة السور، وحتى القِطِّ النافقِ في منام شاعرْ !!
72 ساعة | عمر زيادة 2016-03-15